حديث الجمعة

لقاح ضدّ صحوة الضمير!!

الفاسدون هم أكثر الناس تنظيراً، ويرفعون شعار الوعظ دائماً، بل هم أكثر الناس تظاهراً بالدفاع عن القوانين والأنظمة والتمسك بها. معظمهم لديه قدرة على تشريع فساده، مستندين إلى عدد من الأنظمة والقوانين، وفي حال لا قدّر الله ووقع أحدهم في خطأ ما أو اتخذ قراراً غير صائب وتمّ لفت نظره إلى أنّ خطأه شبيه بخطأ سابق مشابه، تراه يسارع بالإعلان أن هذا الخطأ لا يقاس عليه!!

الفاسدون لهم أساليب شتّى في التخفي، بارتداء ثياب الواعظين والأقنعة المشينة التي تجنّبه الوقوع في شرك التشريعات!!

ولكن في حال أراد تشريع أمر فاسد، نراه يتفنن باتخاذ القوانين وتغيير التعليمات الناظمة له، حتى قد يكلف نفسه عناء إلغاء تعليمات لا تصب في مصلحته النهائية وكل ذلك يخضع لمزاجيته وفهمه للإدارة من منظوره الضيق!!

معظم الناشطين المدافعين بالقلم عن الحق وناقدي الخطأ والفساد نجد أن نفسهم يكاد ينقطع دون حصولهم على جواب أو نتيجة تذكر!!

يبدو أن الكلمة الصادقة لم يعد لها مقام ويشبه دائماً صاحبها بمن يحمل السلم بالعرض حسب تعبيرهم!!

هل من المعقول أن هناك لقاحاً ضد صحوة الضمير يُعطى أو يؤخذ عن طيب خاطر لكل مَن يتبوأ منصباً رفيعاً في الدولة!!

بالتأكيد هم يتجرّعون هذا اللقاح منذ بداية تسلّمهم مهامهم القيادية حيث نجد أنه لم يتمكن الكتاب أصحاب صوت الحق ولا الحملات الإعلانيّة ولا حتى شتائم الناس أو تذمرهم من إسقاط وزير أو مدير من منصبه مهما فسد أو طغى، وإلا كيف نفسّر عدم اهتمامهم بما يطالهم عبر الصحافة ومواقع التواصل وأحاديث الناس اليومية؟؟؟ يبدو أنّ لهذا المصل سحره الخاص في تجميد مشاعرهم أو اقتلاعها من جذورها!!

وتأثيره أيضاً طال مد أيديهم إلى جيوب الناس من خلال الضرائب المفروضة والمتلاحقة بشكل اعتباطي دون رادع أو وخزة ضمير!!

ولولا تأثير اللقاح الخارق ما كنا كذلك استطعنا تفسير مسرحية التنافس على المناصب القيادية وإقصاء الشرفاء المخلصين وأصحاب الكفاءة !!

يبدو أننا نحتاج إلى لقاح جديد ولكن يعطى للشعب ومهمة هذا اللقاح تجميد المشاعر والأحاسيس مع إبطال عمل العقل كي يبقى هذا المواطن الصنديد يصفق وبحرارة مع كل خطاب جديد ومع كل قرار جديد!!

كي لا تتحول أظافره إلى مخالب وأسنانه إلى أنياب كاسرة تنهش لحم من يتطاول على كرامته بشكل يومي!!

كي يبقى حجم المواطن صغيراً ولا يتمكن أبداً من مجالسة أو مخالطة العظماء من أصحاب المراكز القيادية!!

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى