عربيات ودوليات

أكبر عملية قرصنة
في تاريخ الانترنت
قبيل الانتخابات الأميركية

} أيهم درويش

تضاربت الأنباء حول الهجوم الذي قام به مجهولون على موقع «تويتر» يوم الأربعاء الماضي، بعد أن استهدف قراصنة حسابات شخصية للعديد من المشاهير ورجال أعمال على موقع «تويتر» مثل بيل غيتس مؤسس شركة «مايكروسوفت»، ورجل الأعمال الكندي الأصل إيلون ماسك مؤسس شركة «سبيس اكس» والرئيس التنفيذي لمصانع «تسلا»، والملياردير جيف بيزوس المؤسس لشركة «أمازون» أحد أضخم مواقع التبادل والتسوق التجاري الإلكتروني، ومعهم حسابات أكبر الشركات الأميركية مثل «أبل» و«أوبر»، وحتى الحسابات الشخصية للممثلين مثل كيم كاردشيان وكاين ويست لم تكن آمنة من القرصنة.

نشرت الحسابات كلها في وقت واحد رسالة جاء فيها: أربعاء سعيد! نتيجة الوباء العالمي أردت المساعدة وسأقدّم بيتكوين إلى كلّ متابعيّ. وسأضاعف كلّ المبالغ التي يتمّ إرسالها على عنوان البيتكوين الموجود في أسفل التغريدة والعرض يجري فقط لمدة ثلاثين دقيقة.

وقام العديد من المتابعين بالوثوق بمحتوى الرسالة وقاموا بإرسال حوالات إلى الحساب الذي تمّ نشره في الرابط الموجود أسفل التغريدة، وبالطبع بما أنّ الرسالة أتت من حسابات موثقة فلقد رآها العديد من المتابعين فرصة لا تعوّض لاستثمار أموالهم بشكل سريع ومضمون.

الجدير بالذكر أنّ «البيتكوين» هو عملة إلكترونية يمكن شراؤها وإعادة بيعها، وهي عملة لا مركزية تتبع لنظام دفع عالمي مجهول المصدر مبني على أساس يعمل دون وجود حقيقي على أرض الواقع، ويتمّ استعمال البيتكوين كعملة بديلة عن العملة الحقيقية مثل الدولار واليورو، ويتمّ نقل الأموال بدون معرفة المصدر والمتلقي ويتمّ استعمال البيتكوين غالباً في «الإنترنت العميق» لشراء منتجات غير قانونية وغير أخلاقية كشراء المخدرات والأسلحة وبيع الأعضاء البشرية وغيرها، بعيداً عن المراقبة الحكومية والرسمية وعن أعين الشرطة الجنائية الدولية «الأنتربول»، وكلّ واحدة من البيتكوين تقارب قيمتها العشرة آلاف دولار ولديها سوق عرض وطلب يؤثر على سعرها مثل العملات الحقيقية.

وتباينت المعلومات بين المراقبين حول خسائر المتابعين على «تويتر» حيث انتشرت أنباء عن قيام العديد من المتابعين بتحويل آلاف البيتكوين في الساعات الأولى من بدء الهجوم، بينما قال موقع «بلوكتشين.كوم» الذي يراقب تحويلات العملات الرقمية أنه تمّ إرسال ما مجموعه 12,58 بيتكوين فقط التي تساوي قيمتها تقريبا 121 ألف دولار، إلى العناوين البريدية المذكورة في التغريدات المزوّرة.

التخوّفات لم تكن فقط من عملية النصب الإلكتروني، بل كان الخوف الأكبر من التسريبات، بعد أن استطاع القراصنة الوصول حتى إلى حسابات رؤساء سابقين مثل الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما مع كلّ الرسائل التي أرسلها واستقبلها والتي قد تحتوي معلومات هامة جداً، أيّ ما يجعل التهديدات ليست فقط في المجال الاقتصادي بل أصبحت تمسّ بالأمن القومي أيضاً.

من جهتها لم تصرح شركة «تويتر» بشكل مباشر عن مضمون الهجوم، إلا أنها قالت إنها اتخذت خطوات هامة للحدّ من إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية وباشرت تحقيقها في الأمر، وقالت أيضاً: قد يكون القراصنة قاموا بأنشطة خبيثة أخرى، أو تمكنوا من الوصول إلى معلومات.

وكان المدير التنفيذي لخدمة «إيليمنت» للرسائل ماثيو هودغسون قد أثار توقعات باحتمالية أن تكون بيانات سرية قد جرى الكشف عنها في الهجوم.

فيما ذكر موقع «فايس» الإخباري أنّ شخصاً من داخل «تويتر» مسؤول عن ذلك، وأشار إلى صور شاشة مسرّبة، ومصدرين لم يسمّهما، يقفان على ما يبدو خلف القرصنة، قال أحدهما لموقع «فايس» إنهما دفعا مبلغاً مالياً للموظف.

وافترضت ريتشل توباك من مؤسسة الأمن المعلوماتي «سوشال بروف سيكيوريتي»، أنّ قراصنة سيطروا على قدرة دخول أحد موظفي «تويتر» لنشر تغريدات.

خسائر أسهم «تويتر» نتيجة الهجوم وصلت إلى 4.28% من التعاملات الإلكترونية في وول ستريت بعد إغلاق جلسة التداولات، أيّ ما يعادل مليار ونصف دولار، مع استمرار الانحدار في الخسائر إلى حدود أعلى بسبب فقدان العديد من المشتركين والمستثمرين الثقة بالموقع وحذفهم لحساباتهم خوفاً من الاختراق الذي وصل إلى كبار الشخصيات، حيث يعتبر موقع «تويتر» أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شهرةً بين معظم المشاهير والمؤثرين في العالم، وتحمل تغريداتهم على الموقع تأثيرات على الأسواق المالية والاجتماعية، بل وتؤدّي بعض التغريدات من مؤثرين في المجال السياسي إلى مشكلات دبلوماسية بين الدول في بعض الأحيان.

وبالرغم من خطورة الهجوم على الموقع والتخوفات من عواقب هذا الهجوم، إلا أنّ أنظار المراقبين كانت تتجه نحو حساب الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، لكن حساب الأخير لم يتعرّض للاختراق في هجوم القراصنة، مما رسم الكثير من علامات الاستفهام حول ما إذا كان الهجوم لم يستهدف حساب الرئيس الأميركي أم أنه فعلاً محمي بشكل خاص كما يُشاع، أم أنّ اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستكون بعد أربعة أشهر لها أيّ علاقة بالهجوم، خصوصاً بعد أن تعرّض حساب منافسه الديمقراطي جو بايدن للاختراق في الهجوم أيضاً وما قد يتسرّب لاحقاً من محادثات شخصية قد تؤثر سلباً على شعبيته في الشارع الأميركي.

وقد بدأت السلطات الأميركية بسلسلة من التحقيقات لمعرفة الجهات التي كانت خلف الهجوم ومعرفة عدد الحسابات التي تمّ اختراقها، بعد أن نجح القراصنة من الحصول على كلمات سرّ تلك الحسابات وإعادة تعيينها ونشروا روابط خبيثة قد تسمح لهم بالدخول إلى أجهزة المستخدمين الذين قاموا بالضغط عليها.

وقام موقع «تويتر» بإيقاف حسابات شخصيات ومواقع بارزة إثر عملية الاختراق، وشدّد أنه لن يتمّ إعادة استخدامها إلا بعد زوال الخطر، ونشر رسالة مفادها: نشعر بالإحراج وخيبة الأمل في نفس الوقت وأكثر من أيّ شيء نتأسّف لهؤلاء الذين تضرّروا من عملية القرصنة، سنعمل بجهد للحصول على ثقتكم مرة أخرى وسنبذل قصارى جهدنا للمساعدة في القبض على المخترقين وتقديمهم للعدالة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى