الوطن

أشهُر ساخنة بانتظار لبنان قبل تسوية المنطقة مرجع رسميّ: تنسيق لبنانيّ سوريّ لمواجهة الحصار

 محمد حميّة

يكثُر الحديث في الصالونات السياسية وأروقة السفارات الأجنبية والعربية والأوساط الشعبية، عن سيناريوات تُرسم للداخل اللبناني ومنها اتجاه لبنان نحو الانهيار الاقتصادي والمالي التدريجي أو مشروع فتنة داخلية اجتماعية طائفية مذهبية أو حرب عسكرية إسرائيلية على لبنان إن لم يُقدِّم حزب الله التنازلات في قضايا سيادية ووطنية تتعلّق بسلاحه ودوره في لبنان والمنطقة أو تتعلّق بالنزاع الحدودي النفطي بين لبنان وكيان الاحتلال.

وتطرح هذه السيناريوات في ضوء فتح ملف الحياد الإيجابي عن صراعات المنطقة، مع استثناء العدو الاسرائيلي كما عبر البطريرك الراعي في مواقفه الأخيرة. لكن السؤال إذا كان الحياد لن يشمل «اسرائيل» فمن يشمل إذاً طالما أن حزب الله لم يعد موجوداً في العراق بعد القضاء على الإرهاب وتأليف حكومة توافقية جديدة، كما ليس له وجود في اليمن؟

من فحوى هذا السؤال والإجابة عليه تطلق فرضية أن يكون الهدف من طرح ملف الحيّاد ثلاثة أمور: تعطيل مفعول سلاح المقاومة ودورها داخلياً إن كان نزع سلاحها صعب المنال، وذلك كي لا يتدخل حزب الله في اي مواجهة فلسطينية إسرائيلية عندما تقع حرب تطبيق «صفقة القرن» وضمّ الضفة الغربية لكيان الاحتلال وما يرتبه ذلك من فرض للتوطين في لبنان، ثانياً: تقييد حركة المقاومة العسكرية في مواجهة قرصنة «إسرائيل» على حقوق لبنان النفطية، ثالثاً والأهم قد يكون المقصود في الحياد هو الحياد عن سورية وإخراج قوات الحزب من جبهات الشام وسد النافذة الاقتصادية بين البلدين لاستكمال الحصار عليهما لدفعهما للتنازل وفي هذا الإطار يأتي قانون العقوبات الجديد «قيصر».

فأي السيناريوات هو الأقرب للواقع؟ وهل ستدفع الحروب الاقتصادية سورية وحزب الله لتقديم التنازلات؟ وفي أي الملفات؟ أم أنهما قررا المواجهة حتى النهاية؟

مصدر سياسي ودبلوماسي مطلع على أزمات سورية ولبنان والمنطقة يقرأ في حديث لـ»البناء» واقع لبنان ومحيطه الجغرافي في ظل ارتفاع حدة الصراع بين محوري المقاومة وأميركا وحلفائها ويرى أن الولايات المتحدة الأميركية هي التي أدخلت لبنان الى هذا الصراع عبر حربها على حزب الله لهدفين اثنين: للضغط في مفاوضاتها مع إيران ولاسترضاء حليفتها «إسرائيل»، فواشنطن هي من ضرب مبدأ الحياد وليس لبنان. ويعتبر المصدر أن إدارة ترامب تحشد مختلف أوراق قوتها في هذه الحرب من العقوبات الى لعبة الدولار والتحركات الاسرائيلية العسكرية والمحكمة الدولية في قضية الحريري تمهيداً للمفاوضات انطلاقاً من مبدأ اضرب وفاوض الذي يتبعه الأميركيون منذ عقود.

وإذ ترى مصادر سياسية في المحور الاميركي الخليجي بأن الأميركيين لن يفوّتوا فرصة انهيار لبنان اقتصادياً وإرباك حزب الله، بل سيستمر الضغط حتى تحصيل تنازلات، علماً أن أميركا كانت شريكة في مخطط الانهيار منذ عقود، وتبشر بأن الأزمة اللبنانية ربما تبقى خمس او عشر سنوات على غرار أزمة العراق وسورية واليمن، إلا أن المصدر يلفت الى أن «الأميركيين لا يستطيعون الذهاب حتى النهاية في هذه الحرب، لأن ذلك سيدفع نحو الانفجار الكبير ويفرض حينها على الأطراف الأقوى على الارض الى ملء الفراغ والتحكم بمفاصل الجغرافيا الحدودية وبالتالي حزب الله سيعلن فتح البلد اقتصادياً على المحيط الجغرافي أي سورية والعراق وإيران حتى الصين أمام المواد الغذائية والمحروقات والمشاريع الزراعية والصناعية ما سيدفع بأغلب القوى اللبنانية الشعبية الى الاندماج مع الحزب وتأييده بمن فيهم حلفاء أميركا.

ويرجّح المصدر أن تنفس الأزمة والحروب الاقتصادية في مكان ما، ربما بتسوية إيرانيةأميركية قد تستبق الانتخابات الأميركية وتكون تسوية جزئية وليست شاملة مع ربط نزاع على غرار الاتفاق النووي الإيراني الذي عقدته ايران مع ادارة الرئيس السابق باراك اوباما، وذلك بهدف تنفيس الاحتقان بين واشنطن وطهران يستفيد منها ترامب شعبياً في انتخاباته مقابل مكتسبات اقتصادية ومالية لإيران وحلفائها في المنطقة من ضمنها حزب الله ما قد يفتح «خزائن» الخليج وسيدر وصندوق النقد على لبنان، وتوقع المرجع أن يشهد لبنان شهرين ساخنين وربما أكثر قبل انفراج الوضع.

وفي ما تعتقد مصادر عدة بأن حزب الله في نهاية المطاف سيتراجع في بعض المواقع والملفات تحت وطأة الحرب الاقتصادية على لبنان قد يكون الانسحاب العسكري من سورية أو الكفّ عن التدخل السياسي والاعلامي والاستشاري في اليمن ومنح الضوء الأخضر للدولة اللبنانية إبرام تسوية في ملف النفط مع ضمانات أمنية لـ»إسرائيل» في جبهتي الجنوب والجولان المحتل، يجزم المصدر المذكور أعلاه بأن «المشروع الاميركي الاسرائيلي لن يمر في لبنان مهما اشتدت الضغوط، فقوى المقاومة تملك الكثير من الأوراق في جعبتها لم تستخدمها بعد وتتبع سياسة الصبر الاستراتيجي التي يستخدمها المحور عموماً في صراعه المفتوح مع الأميركيين وتعوّل على انكفاء أميركي في الانتخابات وظروف اقتصادية صحية داخلية وانشغالات في قضايا وساحات استراتيجية بالنسبة لأميركا»، كما يؤكد بأن المقاومة لن تتنازل في ملفات سيادية وطنية وأن التقسيم لن يمرّ في سورية بكافة أشكاله الفدرالية والكونفدرالية. وهناك اتفاق روسي إيراني سوري على منع هذا الأمر بالوسائل العسكرية والسياسية والدبلوماسية كافة».

ويضع المصدر الحديث عن نشر قوات «اليونيفل» على الحدود اللبنانية السورية في إطار الضغط، بسبب رفص الدولتين اللبنانية والسورية فضلاً عن الفيتو الروسي الصيني ضد اي قرار في مجلس الأمن الدولي.

ويشير المصدر إلى أن الرد على الضغوط الاميركية يكون بالمزيد من تماسك دول وحكومات وشعوب ومقاومات المنطقة، وتفعيل التنسيق بين لبنان وسورية على كافة الصعد. ويكشف مرجع رسمي معني بالعلاقات اللبنانية السورية لـ»البناء» عن تنسيق عالي المستوى بين الدولتين لمواجهة الحصار ويجري وضع خطط لفك الحصار الاقتصاديّ ووضع الخطة الحكومية الجديدة لحل أزمة النازحين موضع التنفيذ، ويجري ترتيب تنسيق سياسيّ لهذه الغاية لن يكشف عنه الآن.

وعن موضوع التهريب لفت المرجع الى أن «إثارة هذا الملف يهدف الى التعمية عن مكامن الفساد والهدر الحقيقي في الدولة، ولتبرير نشر قوات دولية على الحدود وفصل الشريان الاستراتيجي العسكري والاقتصادي والجغرافي بين الدولتين»، كاشفاً عن «تنسيق كبير ووثيق بين الجيشين اللبناني والسوري وبين الأجهزة الأمنية في كلتا الدولتين لضبط الحدود»، مضيفاً أن السلطات السورية تضبط التهريب من الجهة السورية أكثر مما تضبطه الدولة اللبنانية وهي نشرت مؤخراً حرس الحدود على طول الجانب السوري وتشتبك مع المهرّبين وسقط لها أكثر من عنصر خلال الفترة الأخيرة، ولفت المرجع الى أن الاستثمار على قرار المحكمة الدولية بقضية الحريري لم يعد يجدي نفعاً فباتت ورقة محروقة ومستنزفة الأهداف محلياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى