أولى

أي انحياز تستهدفه دعوات الحياد؟

عملياً تقوم دعوات الحياد بوجه انحياز يسبب الأذى للبلد ترتكبه مؤسسات الدولة، فهل يمكن لأحد أن يشرح للناس طبيعة الانحياز الذي تريد دعوات الحياد استهدافه؟

رئيس الجمهورية الذي يعتبر حليفاً لحزب الله يزور الرياض ولا يزور دمشق وطهران ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة، رغم أنهما جزء من حلف المقاومة يقفان على مراعاة مواقف الرياض وواشنطن ولا يريدان إزعاجهما بموقف، فأين هو الانحياز؟

الواقع أن لبنان في حياد إيجابيّ نحو واشنطن والرياض في مضمون العلاقة بين محوري دمشق طهران وواشنطن الرياض، ودعوات الحياد تقول إن هذا لا يكفي. فالمطلوب الانحياز أكثر لمحور واشنطن الرياض والانحياز الأكثر هو الضغط على المقاومة لجلبها إلى هذا الانحياز، لأن واشنطن لا تقيم اعتباراً لأحد في لبنان غير المقاومة، طالما أن بيدها قدرة الضغط على زر إطلاق الصواريخ على كيان الاحتلال.

ما الذي لا يرضي واشنطن باعتبارها صاحبة القرار وليست الرياض، وتريد الحصول عليه لتعتبر مراضاتها من الرؤساء والوزراء قد بلغت المدى المطلوب؟

على المدى البعيد تريد واشنطن أن يتأهل لبنان لمفهوم الحياد ببدء تقبل فكرة توطين اللاجئين والنازحين باعتبارها جزءاً من منظومة الحياد، ودول الحياد عموماً تسمى دول ملجأ. وقبول لبنان بالتوطين يوفر الفرصة المطلوبة لتقدم مشروع صفقة القرن، وعلى المدى المتوسط تريد واشنطن تجميد حضور المقاومة المزعج لكيان الاحتلال والمهدّد وجوده خصوصاً في ملفي الصواريخ الدقيقة والتمركز في سورية، وقد قال ذلك جيمس جيفري ومايك بومبيو بوضوح. وعلى المستوى القريب تريد واشنطن قبولاً لبنانياً بخط ترسيم الحدود البحرية المقترح من قبلها لتغليب مصالح كيان الاحتلال على مصالح لبنان في ملف النفط والغاز. وقد قال ذلك معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد شنكر علناً.

لماذا يتهرب دعاة الحياد من الأجوبة المباشرة على هذه النقاط؟

السؤال الأهم هو لماذا لا تمنحهم واشنطن دعمها العلني والدبلوماسي لإعلان حياد لبنان طالما أنها الصديق الذي يريدون كسب ودّه ليتحنن على لبنان بعد إعلان حياده، أليس لأنها تريد منهم ما سلف ولا هي تجرؤ على الطلب فتسقطهم وتفضح دعوتهم علناً بعيون اللبنانيين وهي تريدها خداعاً بصرياً يتحول إلى حرب نفسية، ولا هم يجرؤن على القبول لأنهم سيسقطون بقبول التوطين والترسيم بالشروطالإسرائيلية، فيكتفون بإثارة الضجيج وتكراره بكلمات غامضة تتحرك على القشرة ولا تجيب على الجوهر لتخدم هذه الحرب النفسية.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى