أولى

في الذكرى الـ 14 قراءة
في عدوان تموز 2006 (5)
تقرير لجنة فينوغراد والخلاصات الفاضحة

 رامز مصطفى _

على ضوء نتائج العدوان، وهزيمة العدو الصهيوني أمام المقاومة بقيادة حزب الله، قررّ الكيان في أيلول 2006 تشكيل لجنة تحقيق برئاسة القاضي الدكتور «الياهو فينوغراد» سمّيت بـ «لجنة فحص أحداث المعركة في لبنان 2006». وبغضّ النظر عما توصلت إليه من خلاصات واستنتاجات، وما اتخذته من قرارات، ووضعته من توصيات ملزمة، بمثابة الإقرار سلفاً بالهزيمة النكراء التي مُني بها الكيان الصهيوني وقياداته السياسية والعسكرية والأمنية، أقرّ التقرير الذي يقع في 600 صفحة، واستناداً إلى 74 شهادة تقدم بها مسؤولون سياسيون وعسكريون وخبراء، أنّ «هذه الحرب شكلت إخفاقاً كبيراً وخطيراً، لقد كشفنا وجود ثغرات خطيرة على أعلى المستويات الهرمية السياسية والعسكرية”. مضيفاً، أنّالجيش أخفق في إدارته للحرب، ولم يقدم للقيادة السياسية نتائج يمكن الاستفادة منها على المستوى السياسي، موضحاً أنّالجيش لم يتمكّن من وقف إطلاق صواريخ حزب الله على إسرائيل، وأضاف أنّالدخول في الحرب من دون وضع استراتيجية للخروج شكل ثغرة خطيرة”.

وعلّق سماحة السيد نصر الله على التقرير قائلاً: «إذا نُشر الجزء السري من تقرير لجنة فينوغراد يمكن أن يُحدث ضجة كبيرة جداً في داخل الكيان، وفي العالم العربي وفي لبنان، وذلك نظراً إلى تعاون بعض الأوساط العربية واللبنانية مع الكيان الصهيوني في حربه ضدّ لبنان». وتابع: في التقرير بقيت قضية الاتصالات الأميركية ـ الصهيونية، والاتصالات الأميركية ـ العربية، والصهيونية ـ العربية سرية، مؤكداً أنّ ما ورد في شهادة أولمرت عن دور غير أميركي وغير صهيوني بشخصيات ومواقع لها صلة باتخاذ القرار ولاحقاً بتغطية الحرب بقي أيضاً سرياً في التقرير». وخلاصة الأمر أنّ تقرير فينوغراد يعتبر الحرب على لبنان قد شكلت إخفاقاً خطيراً للكيان.

إنّ ما حققته المقاومة وحزب الله من انتصار باهر يفخر به كلّ حر شريف في هذا العالم يناهض قوى الاستكبار العالمي وغدّتها السرطانية على أرض فلسطين الكيان الصهيوني، الذي يُصارع ومنذ العام 2000 ومعه حلفائه وحماته وداعموه، ومَن يضخون فيه الاستمرار ككيان في واحات الإقليم ودوله. وهم وكرمى لعيونه، وتأمين مصالحهم أدخلوا المنطقة ودولها في حروب طاحنة تحت مسمّى «الربيع العربي»، الذي يحمل الهواء الأصفر على حد وصف أحدهم، ليتكشف زيف دعواهم وما روجوا له من شعارات «الحريةوحقوق الإنسانوإشاعة الديمقراطية والتعددية الحزبية إلخ…» حرب تموز عام 2006 بنتائجها وسياقاتها الميدانية التي أبدعت فيها المقاومة وحزب الله، أصبحت تُدرّس في الكثير من الأكاديميات والكليات العسكرية، ومراكز الأبحاث والدراسات الاستراتيجية. كيف لا والكيان الصهيوني كان على الدوام يلتزم عقيدة عسكرية تقوم على استراتيجية الردع، أيّ ضرب الخصم قبل أن يستكمل بناء قدراته العسكرية والتي تُشكل تهديداً لأمنه. فحرب تموز أقامت توازناً غير مسبوق مع العدو الصهيوني، وأصبح غير قادر على ممارسة هذه الاستراتيجية أمام تنامي قدرات حزب الله، بمعنى أنّ حرب تموز أسقطت عامل المبادرة عند جيش كيان الاحتلال الصهيوني.

وأهمّ ما في هذه الحرب والانتصار فيها، وما سبقها في العام 2000 أنها قد شكلت بدء التهاوي الحقيقي والنزول عن الشجرة الواهية، التي بنت عليها الحركة الصهيونية كيانها الغاصب. أبراهام بورغ رئيس «الكنيست» الأسبق كان قد قال: «إنّ نهاية المشروع الصهيوني على عتبات أبوابنا. وهناك إمكانية حقيقية لأن يكون جيلنا آخر جيل صهيوني». بدوره مسؤول وِحدة الهجرة والاستيعاب في مركز الحكم المحلي في الكيان «ميخائيل جنكر» كان قد صرّح «هذه الحرب زادت من عدد المتقدّمين بطلبات لمغادرة إسرائيل»، ويتابع جنكر في تصريحه: «إنّ الحرب أدّت إلى زيادة الشعور بانعدام الأمن الشخصي والعام، والى خيبة أمل قوية من كيفية تصرف الدولة على الصعيدين، السياسي والعسكري».

مع حلول الذكرى الرابعة عشرة لعدوان تموز 2006، نقول لمن لا يزال يشكك ويريد الاستمرار في شيطنة المقاومة وحزب الله، عليكم أن تقلعوا عن المضيّ في أوهامكم، وهي في الأصل خدمة مجانيّة تقدمونها للعدو الصهيوني. فما عجز عن تحقيقه في ميدان الحرب، يحاول البعض المحلي المدعوم من بعض القوى الإقليمية والدولية تحقيقه في حرب الشيطنة والتحريض البائس ضد حزب الله وسلاحه، ومن ثمّ وصمه بالإرهاب والمذهبيّة، وصاحب الأجندات الخارجيّة، والمتورّط في سورية، وتحميله مسؤولية ما يُعانيه لبنان اليوم من أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة. اعترف ساسة البيت الأبيض وكبار مسؤوليه برئاسة دونالد ترامب، أنهم هم مَن يقفون وراء تلك الأزمة الهادفة إلى تجويع اللبنانيين، وقد وضعوا الشروط التي باتت معروفة للقاصي والداني، مقابل حلها.

*كاتب فلسطينيّ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى