أخيرة

لا مفرّ من الحلّ الإبداعيّ…

  أحمد بهجة*

يدرك العاملون في الشأن العام على اختلافهم، خاصة الذين يهتمّون بالشؤون الاقتصادية والمالية، أنّ الأزمة المعقدة التي يعيشها لبنان وصلت إلى مرحلة صعبة للغاية باتت تتطلب اتخاذ قرارات جريئة جداً تؤدّي أولاً إلى وقف تفاقم الأزمات المتعدّدة الوجوه والأشكال، وتؤدّي ثانياً إلى إطلاق ديناميكية اقتصادية ومالية جديدة من شأنها أن تقلب المعادلات رأساً على عقب.

لم يعُد جائزاً على الإطلاق أن يكون هناك أيّ مماطلة أو تسويف أو تأجيل في اتخاذ القرارات المناسبة في ما يتعلق بالعروض العراقية والصينية والروسية والإيرانية لمساعدة لبنان على النهوض باقتصاده ومعالجة الأزمات الخانقة التي يرزح اللبنانيون تحت أثقالها.

على الحكومة أن تحسم أمرها وتعمل بالجدية اللازمة لاستكمال ما تمّ بحثه مع الجانب العراقي بخصوص استيراد المحروقات والفيول، وفي المقابل تصدير منتجات زراعية وصناعية لبنانية إلى العراق.

وينطبق الأمر نفسه على الجانب الصيني الذي تمّ البحث معه بشكل رسمي في مشاريع عدة أبرزها نفق حمانا ـ البقاع، وسكة الحديد بين بيروت والمصنع وبين الشمال والجنوب، إضافة إلى إمكانية التعاون في مجالات الكهرباء والبيئة، والتي أبدى الصينيون كامل الاستعداد للمساعدة فيها ومن دون أن تتحمّل الخزينة اللبنانية أيّ تكاليف حالياً، بحيث يتمّ العمل في هذه المشاريع على طريقة الـBOT .

رأينا في الأيام القليلة الماضية حركة لافتة للوزير الصديق الدكتور عماد حب الله في هذا الاتجاه، لا سيما لوضع مشروع نفق حمانا ـ البقاع وسكتي الحديد بين بيروت والبقاع وبين الشمال والجنوب موضع التنفيذ، وهذا ما كان مدار بحث في الاجتماع الذي عُقد قبل أيام قليلة بين الوزير حب الله وزميله وزير الأشغال العامة والنقل ميشال نجار والسفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان.

وعلى أمل أن تتمّ أيضاً متابعة ما تمّ بحثه مع الوفد العراقي، لا بدّ اتخاذ القرار المناسب بالنسبة للعروض الإيرانية وأهمّها عرض تسديد ثمن ما نحتاج إلى استيراده من إيران بالليرة اللبنانية، وغني عن التذكير بأننا نحتاج إلى استيراد المحروقات والأدوية والمواد الأولية لدعم الصناعة الوطنية والمستلزمات الزراعية، بما يفوق الـ 7 مليارات دولار سنوياً.

وبحسابات بسيطة وواقعية، يتبيّن أنّ اعتماد هذا الحلّ الإبداعي لمدة ثلاث سنوات فقط يوفر على الخزينة اللبنانية أكثر من عشرين مليار دولار، أيّ ما يوازي أو يفوق ما أقرّه مؤتمرسيدر” (11 مليار دولار) زائد ما يطمح لبنان إلى الحصول عليه من صندوق النقد الدولي (8 مليارات دولار). هذا إذا حصرنا الحساب بالأرقام وبالجانب التقني، من دون أن نذهب إلى الجانب السياسي حيث العرض الإيراني لا يتضمّن أيّ شروط على الإطلاق، بينما نجد أنّسيدروصندوق النقد يكبّلان البلد بشروط سياسية لا يستطيع لبنان تنفيذها أبداً، خاصة في ما يتعلق بالتنازل عن حقه في أرضه ومياهه وثرواته من النفط والغاز.

إذنلا مفرّ من اعتماد التوجّه شرقاً الذي أعلن عنه بداية سماحة السيد حسن نصرالله والذي طرح أيضاً إمكانية أن يستورد لبنان المحروقات من إيران وأن يُسدّد ثمنها بالليرة اللبنانية، ثمّ عاد وأكد هذا الطرح رسمياً سعادة السفير الإيراني في بيروت محمد جلال فيروزنيا في حديث مطوّل مع السيدة منار صبّاغ على قناةالمنار”.

خلاصة القول.. عاجلاً أم آجلاً سيُتخذ القرار باعتماد هذا الحلّ الإبداعي

*خبير اقتصادي ومالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى