مقالات وآراء

أعداء المعرفة كُـثُـر

يوسف المسمار*

في مقالة سابقة، تحت عنوان: «المعرفة والفهم طريق الحياة» أشرت إلى أنّ مصدر ثقافة التوهين هم أتباع عقلية الخرافة الأعرابيّة والمبهورون بأفكار فلاسفة وعلماء وإعلاميي مدارس أوروبا وأميركا المحقونة بسموم العقليّة العنصرية اليهودية التلمودية الصهيونية. وقد علّق أحدهم من خارج السياق، لن أذكر اسمه ولا مضمون تعليقه.

وعليه، لا بدّ من التشديد أن ثقافة التوهين هي صناعة يهودية غربية استعمارية لإجبارنا على التخلي عن حقنا وحقيقتنا وهويتنا. وهي جزء من ثقافة الخرافة والعنصرية التي تزعم أن اليهود هم «شعب الله المختار»، وتعمل على إبعاد أتباع الرسالتين المسيحية والمحمدية عن محاسن التعارف والمعرفة، والتلاطف واللطافة، والتحابب والمحبة.

اليهود الذين يقيمون كياناً اغتصابياً على أرض فلسطين، هم غزاة مجرمون وعنصريون، وهم ارتكبوا مجازر إبادية بحق أبناء شعبنا، وأخرجوهم بالإرهاب من ارضهم وبيوتهم وممتلكاتهم، ولا يزال هذا الارهاب الى يومنا هذا. وما صفقة القرن إلا استكمال لتصفية المسألة الفلسطينية.

يقول سعاده: «المجتمع معرفة والمعرفة قوة». وهذا يعني أن التجمهر قطيع والجهل ضعف ومهما تكاثر عدد القطيع فهو تراكم أو ورم. والتراكم والورم ليسا قوة. وجبران خليل جبران يقول:  «في حبّة القمح ما ليس في بيدر من التبن».

يعتبر سعاده أن «المعرفة التي لا تنفع كالجهالة التي لا تضر». وهذا لا يعني أن الجهالة مثل المعرفة الا اذا كانت معرفة غير نافعة وجهالة غير مضرة. فاذا تبادل الجاهلون والعارفون الأدوار وصار الجاهلون ينفعون والعارفون يضرّون فقد ارتفع مقام الجاهلين بنفعهم وهبط مقام العارفين بضررهم. لذلك كانت المعرفة بالفضيلة والفضيلة بالمعرفة فاستقام معنى المعرفة بالفضيلة النافعة وصار كلام السيد المسيح مفهوماً بجلاء حين قال: «اعرفوا الحق والحق يحرركم». وصار أيضاً كلام محمد: «وما بعثت الا لأتمم مكارم الاخلاق..  ورحمة للعالمين»، هو الكلام الفصل لرسالة المعرفة النافعة التي هي ليست عدوّة لأحد لأنها معرفة فاضلة. والمعرفة الفاضلة بطبيعتها خيّرة ولا تستطيع أن تكون عدوانية مطلقاً على الرغم من كثرة الأعداء المعتدين عليها.

إنّ دفاع المعرفة الفاضلة عن نفسها ليس عدواناً بل عدالة. والعدالة والحق متحدان لا يفترقان، فلا عدالة من دون حق ولا حق من دون عدالة. وكذلك الظلم والباطل متحدان لا يفترقان. فحيث يوجد الباطل يوجد الظلم، وحيث يمارس الظلم يكون الباطلومنذ بداية تاريخ حضارة الإنسان كان الباطل هو المعتدي، والحق معتدى عليه.

المعرفة الفاضلة هي التي تميّز بين الحق والباطل.. والحق أننا أمة لم تعتد على أحد بل جرى الاعتداء عليها، من قبل عدو يقاتلنا في حقنا ووطننا وديننا ويريد اقتلاعنا من وطننا وتشريدنا وقتل أبنائنا ومحو تاريخنا وطمس حضارتنا والقضاء على كل وجودنا.

المعرفة الفاضلة هي صراع من أجل الحق والعدل. أما المعرفة المضرّة المؤذية فهي ضلال همجية متوحشة، والهمجية المتوحشة هي هي عدوّة الحضارة وليس لأبناء الحضارة دور في غابة التوحش، ولا نجاة لهم الا بتجفيف منابع ثقافة التوحّش والخرافة والعنصرية والجشع.

المعرفة الفاضلة هي نور، وكل مَن استعان بالنور خرج من الظلمة واهتدى الى شاطئ الأمان. وحدهم أبناء الظلمة هم  أعداء النور وأعداء المعرفة. وصدق سعاده حين قال «ليس لابن النور صديق بين أبناء الظلمة، وبقدر ما يبذل لهم من المحبة، يبذلون له من البغض».

الأمم المتمدنة مزيج عناصر وسلالات وهجرات تتفاعل وتتوحّد على أهداف وقيم واحدة, أما الخطر على المجتمعات الواحدة فهي العنصريات والعصبيات التي تتحجر وتنغلق على نفسها وتستعصي على الانصهار، وبذلك تخرج عن ناموس الانصهار الحضاريّ وتهدّد وحدة الأمة ومصيرها.

إن كل عنصر أو هجرة أو اتنية او عقيدة تتضارب أهدافها مع حقيقة الامة ووحدتها ونهضتها ومثلها العليا تصبح عدواً يهدد الأمة في وجودها وحياتها ومصيرها. وهذا العدو يتمثل بالكيان الصهيونيّ العنصريّ الاستيطانيّ الذي يقوم بالإرهاب على أرض فلسطين.

نعم، المعرفة والفهم هما طريق الحياة، كما أن الإيمان والصراع هما السبيل لانتصارنا على عدونا الوجودي.

أبناء المعرفة والفهم هم أبناء الحياة الذين يحملون قضية تساوي وجودهم. ويصارعون الأعداء دفاعاً عن الوجود والمصير.

 

*كاتب وشاعر قومي مقيم في البرازيل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى