دعوات لإخراج الكارثة الوطنية من البازار السياسي والاستغلال
توالت أمس المواقف المعبّرة عن الحزن للكارثة التي حلّت بلبنان بأسره، مؤكدةً في الوقت عينه، بإخراج هذه الكارثة من بازار السياسة ووقف كل أنواع الإستغلال والمزايدات السياسية والإعلامية، لأنها تعبّر عن مواقف لا أخلاقية ولا وطنية.
وفي هذا السياق، أكد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد أنه “أمام هول الكارثة التي أصابت لبنان في عاصمته بيروت ومرفئها التاريخي، وإزاء حجم الدمار الهائل وعدد الشهداء والمصابين، والأضرار البالغة التي لحقت بالبلاد والمواطنين وبالمصالح العامة والخاصّة ليس لنا إلاّ أن نكون على مستوى المسؤوليّة الوطنيّة متسلّحين بإيماننا بالله عزّ وجلّ وبحقّ شعبنا بالحياة في بلد سيّد حرّ ومعافى، ومترفعين عن الضغائن والأحقاد التي ينفثها الأعداء والجهلة لزرع الفتن وتحريض اللبنانيين ضدّ بعضهم البعض وصرف الانتباه عن معالجة التحدّيات المصيريّة المتمثّلة بالإحتلال الإسرائيلي وتهديداته الدائمة، وبالفساد ومنظومته المستحكمة، وبالحفاظ على العيش المشترك والواحد الذي ترتكز إليه كل السياسات والمشاريع التنمويّة والتطويريّة الهادفة إلى تثبيت الاستقرار وتحقيق التقدّم على كلّ الأصعدة وفي كلّ المراحل”.
واعتبر رعد في تصريح أنّ الوقت الآن ليس للنكد ولا للمناكفة ولا لتسجيل النقاط أو للتوغل في السلبيّة عند اتّخاذ المواقف. ورأى “أن الوقت الآن ينبغي أن يكون مُحفّزاً لشبك الأيدي في مواجهة التحدّيات التي تستهدفنا جميعاً، وللتفكير بالحلول والمعالجات والأطر الواقعيّة التي توفّر القدرة على النهوض بواجبنا جميعاً تجاه وطننا لبنان”.
وختم “إذ نشارك كل المواطنين مصابهم الجلل، نسأل الله سبحانه وتعالى الرحمة للشهداء والشفاء العاجل للمصابين، وأن يلهمنا جميعاً الصبر ورباطة الجأش والترفّع عن الصغائر والتعاون الإيجابي لوضع اليد على الأسباب الحقيقية للكارثة وتحديد المسؤوليّات بعدلٍ وجرأة والتشارك في إيجاد المخارج والمسارات التي تستنقذ البلاد من أزمتها المتفاقمة”.
ورأى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان عبر حسابه على “تويتر”، أن “على الحكومة عقد جلسات استثنائية مفتوحة ومتابعة التحقيقات لحظة بلحظة، بعد خسارتنا للمتنفس الإقتصادي البحري الأول”، مضيفاً “مطلوب اتخاذ قرار حكومي بفتح الحدود البرّية مع سورية والتنسيق بين الحكومتين في مختلف المجالات وأوّلها الإقتصادي والتجاري والمعيشي. خطورة ما وصلنا إليه فوق كل الحسابات”.
وقال النائب أسامة سعد عبر حسابه على “تويتر”: “اليوم يدفن اللبنانيون أحباءهم. يداوون جراحهم، يتدبرون خسائرهم. بعد فقر و بطالة وانهيار مؤسسات. من جديد يختبرون فساد حكامهم. كان الإنفجار مهولاً بحجم فسادهم. يدفن اللبنانيون أحباءهم ولن يدفنوا غضبهم وثورتهم».
وأكد النائب الدكتور قاسم هاشم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أنه “اذا كان ما حصل هو بسبب تخزين مادة نترات الأمونيوم وأدى إلى هذه الكارثة الوطنية وتحول معه لبنان الى بلد منكوب، فهناك مسؤولية مباشرة عن الإهمال الذي أدى الى هذه الجريمة بحق الوطن ولم يعد من مجال لتجهيل المسؤولين”، معتبراً أن “القانون واضح ولتتخذ التدابير فوراً وعلى مجلس الوزراء ان يضع الأمور في نصابها وألاّ يجهل المسؤولين المهملين والذين يتحملون مسؤولية ما حصل وكأنه كان ينقص اللبنانيين هذه الكارثة من شهداء وجرحى ودمار وخسائر، فالكل ينتظر الحكومة ما هي فاعلة وما هي قراراتها ليبنى على الشيء مقتضاه”.
وختم “فإما ان تكون الحكومة على قدر المصيبة وإلاّ فلا أسف على حكومة لا تعرف كيف تتعاطى مع مواد على هذا المستوى من الخطر، وإذا لم تكن تدري ماذا تحوي العنابر فتلك أسوأ مما أصاب الوطن”.
من جهته، أكد النائب جهاد الصمد، في بيان، أنه “أمام هول الكارثة والدمار والمصائب التي لحقت بالعاصمة بيروت وكل الوطن، مرفوض إستخدام ما حصل في بازار السياسة، ومطلوب وقف كل أنواع الإستغلال والمزايدات السياسية والإعلامية، لأنها تعبّر عن مواقف لا أخلاقية ولا وطنية، فالظرف يحتم تضامن جميع اللبنانيين لتجاوز الكارثة التي حلت بهم، والتماسك والوحدة الوطنية بعدما أصبح لبنان بلداً منكوباً بكل معنى الكلمة”.
بدوره، اقترح الوزير السابق نقولا تويني في بيان تعليقاً على الإنفجار “أن يتمّ تعيين لجنة تقصي الحقائق من قبل مجلس الوزراء، يترأسها قاض محقق عدلي، هدفها الأساسي تحديد الجهة المعنية بعدم عرض هذا الأمر الموضوع على مجلس الوزراء، فالأمر ليس بشأن إداري بسيط وإنما يمسّ بالصميم سلامة أراضي لبنان والسياسة العامة للدولة المؤتمن عليهما رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء”.
واعتبر أنه “لا بدّ من تحديد المسؤوليات وبشكل سريع جداً لمن تقاعس عن إخطار السلطة التنفيذية في البلاد بالكارثة التي كانت تتهدّده وعدم التلطي وراء روتين إداري لتقاذف المسؤولية».
وقال “لا بدّ أيضاً أن تعلن الحكومة بيروت مدينة منكوبة وأن تعيّن لجنة برئاسة وزير الداخلية وعضوية محافظ بيروت ورئيس بلديتها ونقيب المهندسين بحيث تقوم اللجنة فوراً بإحصاء الأضرار البشرية والمادية وبالتعويض الفوري لذوي الشهداء والمنكوبين خصوصاً في منطقة المرفأ والمدور والرميل التي تعتبر في نطاق موجة الصدمة الأولى، وبعدها الأشرفية والخندق الغميق ورأس بيروت والأسواق وفق تحديد ميداني لآثار الصدمة”.
واقترح كذلك، “أن تدفع التعويضات فوراً من الصندوق البلدي، وأن يتمّ إعفاء المتضرّرين من ضريبة الأملاك المبنية والإسكان للأعوام 2019 و2020 و 2021 “.
من ناحيته، طالب رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن في بيان بـ “اللجوء إلى مجلس الأمن لتعيين هيثة تحقيق دولية حسماً للجدل الحاصل حول ما جرى في بيروت”، وقال في تصريح “أيُعقل أن تُدمر بيروت من فوق بعدما كانت الزلازل تاريخياً تدمرها من تحت؟”. وأكد أنه “لم تعد الحجج والمبررات مسموحة في ظل سقوط أرواح وتداعي أبنية، وكأن جائحة نووية عصفت بالعاصمة العربية العريقة التي أحبها الجميع عربا وأجانب».
وعزّى “أهل بيروت وغيرهم الذين فقدوا أحباء لهم وجرحى ما زالوا يُعانون من أعطاب جسدية، ناهيكم بالأضرار النفسية التي عصفت بالثقة المتزعزعة أصلا بين الدولة والشعب”.
وأعلن مجلس المطارنة الموارنة في بيان بعد اجتماعه الشهري في الصرح البطريركي في الديمان، برئاسة البطريرك الكاردينال بشارة الراعي، تضامنه “مع إخوتنا وأخواتنا أبناء بيروت واللبنانيين، وبخاصة المتضررين منهم والمجروحين والمتألمين والمشردين”. وأعلن “أننا نفتح أبرشياتنا ومؤسساتنا وأديارنا، ونضع كل إمكانياتنا لمساعدة المتضررين من الإنفجار– الكارثة ولاستقبالهم والاهتمام بهم، ولاسيما في حاجاتهم الضرورية الغذائية والطبية بالتعاون مع رابطة كاريتاس لبنان وسواها من المؤسسات العاملة في الخدمة الاجتماعية. وقد حددت الابرشيات والرهبانيات مراكز ومدارس وأديارا لاستقبال المتضررين”.
وتقدم بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي “من اللبنانيين عموماً وأهالي شهداء الإنفجار الكارثي بأحرّ التعازي وتمنى للجرحى الشفاء العاجل”. ورأى أن “الوقت الآن ليس لتقاذف المسؤوليات ولا للمناكفات، بل للعمل الدؤوب للحد من تداعيات الكارثة الوطنية ولرصّ الصفوف ونبذ الخلافات والعمل يداً واحدة لتلافي الأسوأ”. وتساءل “ألم يحن الوقت لوقفة ضمير بعد انهيار الهيكل على رؤوس الجميع. ألم يحن الوقت لتحكيم العقل وتعميم ثقافة المحبة والعمل انطلاقاً من أمن المواطن الاجتماعي والاقتصادي؟.»
وعبّر شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن، “في هذه اللحظات المدلهمة الحزينة عن بالغ تأثره بالفاجعة التي حلت بالوطن وتوجه بقلبٍ خشوع بأحر التعازي وأصدق مشاعر التعاطف والمواساة لذوي سائر الضحايا، شهداء وجرحى ومفقودين”.
ودعا “كل من يتصف بصفة المسؤولية أو يتولى موقعاً أن يعمل ما بوسعه لكشف كامل ملابسات هذه المصيبة الإنسانية، وأن تتم محاسبة كل من له علاقة من قريب أو بعيد”.
وطالب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان “الحكومة بتكثيف تحقيقاتها وكشف ملابسات ما حدث ومعاقبة كل متسبب ومسؤول عن هذه الكارثة، واعتبار الضحايا شهداء الوطن”.
ورأى القائم برئاسة المجلس الإسلامي العلوي الشيخ محمد خضر عصفور، في تصريح، أن “ما حدث في مرفأ بيروت مأساة وطنية وكارثة وجرح وطني”، داعيا الجميع الى “الإرتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية والوحدة والتلاحم لتجاوز آثار هذه المحنة القاسية”.
وأعلن “تجمّع العلماء المسلمين” عن “حزنه الشديد لما حصل لبيروت عاصمة المقاومة بالأمس”، وطالب “لجنة التحقيق بإنجاز مهمتها بسرعة دون تسرع وتحديد المسؤوليات وإعلان ذلك بشفافية للشعب اللبناني. ورأى أن “الوضع الحالي يستدعي تضامناً وطنياً ولا وقت لتصفية الحسابات والخصومة السياسية بل الوقت هو لمد يد العون والتكافل والتضامن”، آملاً “أن تكون هذه الكارثة سبباً للتعبير عن الوحدة الوطنية والعيش المشترك”.
وقال الشيخ راجح عبد الخالق في بيان: فجعنا البارحة بالانفجار الّذي سُمع دويّه في كافة أرجاء لبنان، ونطلب من الدولة تحمّل مسؤولياتها ومحاسبة جميع المسؤولين دون استثناء. فالمصاب جلل وكلّ قطرة دم سالت يجب أن يدفع ثمنها المسؤول عن هذه الفاجعة. ويجب معرفة من أهمل وتناسى حتّى وصلنا إلى ما وصلنا إليه.
نطلب الرّحمة لالشّهداء الأبرار والصبر والسّلوان لذويهم. وندعو بالشّفاء العاجل للجرحى. ونضع أنفسنا وما نملك في خدمة أهلنا واحبّائنا لتخطّي هذه المصيبة.
وفي النّهاية نشكر الفرق الطبيّة وجميع المسعفين وقوى الأمن والجيش اللّبنانيّ. ونشكر لفتة الدّول العربيّة والغربيّة لوقوفها الدّائم إلى جانب لبنان وخاصة في هذه المحنة الّتي أصابت بيروت الحبيبة.
وأعرب نقباء المهن الحرة في بيان بعد اجتماعهم أمس في “بيت الطبيب”- فرن الشباك، عن “حزنهم العميق للكارثة الوطنية التي ألمت ببيروت وأهلها وكل لبنان”.
وعبّروا عن غضبهم “إزاء الإهمال والاستهتار والفساد وانعدام المسؤولية على مستوى الدولة ومؤسساتها ماأادى الى هذه النتيجة الكارثية، وتدمير مرفأ بيروت، إضافة الى مبان وشوارع وأحياء بكاملها في بيروت”.
وطالب المجتمعون السلطة القضائية بـ”انشاء لجنة تحقيق مستقلة تتولى، بكل شفافية وبصورة دقيقة وصارمة، تحديد المسؤوليات ليصار إلى إحالة المرتكبين أمام القضاء وإنزال العقاب بهم”.
وتقدّمت نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس بشكوى أمام النيابة العامة التمييزية في هذا الصدد وستتوليان متابعة هذه القضية امام القضاء حتى بلوغ خواتيمها.
وقرّر المشاركون “انشاء خلية ازمة قوامها النقابات المعنية لوضع خطة شاملة تضم القطاع الصحي والحقوقي والاجتماعي والهندسي والمالي، بالتعاون مع كل المؤسسات المختصة. وفي هذا السياق، دعت النقابات جميع منتسبيها إلى “الالتحاق بهذه الخلية وتشكيل طاقة تطوعية لخدمة أهدافها”.
وقالت الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم في بيان “بيروت اللؤلؤة اليوم جريحة ومنكوبة ، حلت بها كارثة كبيرة، خلفت ضحايا شهداء وجرحى ودماراً في منازل ومؤسسات وأبنية عامة ومرافق وخسائر على كل المستويات”.
أضافت “نسأل الله أن يحمي وطننا الحبيب لبنان وعاصمته، ونتوجه بالعزاء من أهل الشهداء الضحايا طالبين لهم الرحمة وداعين بالشفاء العاجل للجرحى، متمنين أن تتكلل جهود الرؤساء والمسؤولين بالنتائج الطيبة لتعود الروح لوطننا الذي ينوء تحت ضغط أزماته المالية والأجتماعية والصحية ، معبرين لهم بأننا كمغتربين سنبقى دائماً جسور دعم ومحبة وإلتزام يعبر الوطن بواسطتها من الأزمات التي يتعرض لها”.
وتقدّمت الجامعة باسمها وبإسم مجلسها العالمي والمغتربين، التعازي للبنانيين وللرؤساء والمسؤولين كافة، داعيةً المغتربين “إلى الوقوف دقيقة صمت عن أرواح الشهداء تكريماً لهم وتضامنا مع أهلنا المقيمين”.
بدوره قال رئيس المجلس القاري الأفريقي القنصل حسن يحفوفي في بيان “يقف المجلس القاري مذهولاً أمام هول مشهد الدمار في مدينة بيروت، عاصمة وطننا الحبيب، ويتقدم باسم هيئته الإدارية وباسم جميع المغتربين اللبنانيين في القارة السمراء بأحر التعازي من عائلات الضحايا وذويهم، داعيا الله عز وجل بأن يتغمد شهداء الوطن بواسع جناته، متمنية الشفاء العاجل للجرحی”.
وطلب يحفوفي “من جميع المجالس الوطنية في القارة الأفريقية دعوة المغتربين اللبنانيين للوقوف دقيقة صمت عن أرواح الشهداء الذين سقطوا في الإنفجار المدمر في تمام الساعة السابعة بتوقيت بيروت من مساء غد الخميس الواقع في 5 آب 2020، تزامناً مع باقي المغتربين حول العالم بموجب دعوة من الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم. وفي هذا الصدد يبقي المجلس إجتماعاته مفتوحة لدرس سبل مساعدة لبنان على القيام من تحت الركام، كما يؤكد للجميع أن المغترب اللبناني كان وسيبقى السند لأخيه المقيم. حمى الله لبنان وشعبه من كلّ سوء”.