الوطن

«قسد» تحصد نتائج الطعم الأميركي

} سعد الله الخليل

أشعل اغتيال الشيخ مطشر حمود الجدعان الهفل باستهداف سيارة إبن أخيه الشيخ ابراهيم خليل الجدعان الهفل شيخ قبيلة العكيدات، بالقرب من بلدة ذيبان أثناء توجهه إلى بلدة غرانيج بريف دير الزور الشرقي وسائقه بارود شرقي الفرات في وجه ميليشيا قسد التي تسيطر على المنطقة، خاصة أنه ليس الحادث الاول من نوعه في المنطقة، ويأتي بعد أيام من اغتيال الشيخ علي الويس أحد شيوخ عشيرة البورحمة من قبيلة البقارة، اثناء توجهه للصلاة في أحد مساجد بلدته الدحلة أول يوم عيد الأضحى المبارك، وسليمان الكسار أحد وجهاء قبيلة العكيدات، حيث أكدت عدة مصادر محلية أن عمليات الاغتيال تقف وراءها مجموعات تابعة لقسد، عبر فرقة تُسمى المقنّعين تحاول قسد لصقها بتنظيم داعش للتغطية على ممارساتها لزرع الفتنة بين ابناء العشائر، وإسكات صوتها وتفكيك الترابط بين ابناء المجتمع المحلي، خاصة بعد رفض ابناء العشائر تدريس للمناهج الكردية في مناطقهم وهو ما أرغم قسد على سحب قرارها، في وقت تعالت الأصوات بين ابناء العشائر للانتقام من مرتكبي العملية وبدأت مفاعيل الغضب الشعبي بسيطرة أبناء القبائل على قريتي ذيبان والحوايج بريف دير الزور الجنوبي الشرقي، بعد طرد ميليشيا قسد منها وإخلاء قسد مقراتها في الشحيل الطيانة وذيبان والشنان الحوايج و١٢ حاجز على الطرقات الواصلة بين هذه المناطق جراء الانتفاضة العشائرية التي تشهدها المنطقة، وقطعها عدد من الطرق من جهة ريف دير الزور الجنوبي الشرقي لمنع امتداد الحراك الشعبي لمناطق أخرى.

وبغضّ النظر عن الأسباب الكامنة وراء انتفاضة العشائر على اعتبار انها مجرد ثأر قبلي رداً على اغتيال شيوخ العشائر، ام صحوة وطنية في ريف دير الزور، فإن الثابت أنها إنهاء لحالة التعايش القسري بين العشائر وقسد فشلت واشنطن في احتواء تداعياته، حيث لم يثمر تنديد الولايات المتحدة الأميركية بالهجوم على مشايخ قبيلة العقيدات بوقف تداعياته،بعد أصدرت قبيلة العقيدات بيانها الأول أمهلت فيه قوات التحالف الأميركي وقسد مدة شهر لتسليمها قتلة شيخها الهفل قبل أن تتصرف كما تراه مناسبا لحماية الديار والممتلكات، فيما حمّل شيخ عشيرة الشعيطات رافع عقلة الرجب قسد مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية شرقي الفرات.

التدهور الأمني يأتي بعد أيام من توقيع قسد اتفاق مع شركة أميركية لتطوير، وتحديث حقول النفط في شمال شرقي سورية والذي كشف عنه السناتور الجمهوري ليندسي غراهام المعروف بعلاقته الوطيدة مع المسؤولين الأكراد في سورية، وتأكيده خلال جلسة استماع في الكونغرس عن معرفة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالاتفاق مع شركة دلتا كريسنت انرجي بعلم البيت الأبيض وبتشجيع منه، وهو ما أزعج العشائر التي رأت بالاتفاق تعزيزاً لسلطة قسد وتهميشاً لها في مناطق سيطرتها، حيث يسود التوتر في علاقة وجهاء العشائر بقسد فشلت الاجتماعات المتكررة بين الطرفين خلال الفترة الماضية بحلّ الخلافات العالقة، واتهام قسد باستغلال ثروات المنطقة الشرقية، ومقتل مدنيين بتهمة الانتماء للتنظيم، رغم إثبات التحقيقات أن لا علاقة لهم بأي أطراف تنظيمية.

من جديد تدفع قسد ثمن مشروعها التوسعي ومد نفوذها على مناطق غير قادرة على السيطرة عليها، لا بقوة السلاح ولا بقوة المشروع السياسي فسنوات الحرب التي عاصرتها المنطقة، وتنقل ولاء العشائر لأكثر من طرف في الحرب السورية، وضع تحت تصرفها قوة عسكرية لا يستهان بها إضافة لطبيعة العشائر المعروفة بامتلاك السلاح، وهو ما حاولت قسد الالتفاف عليه بالسعي لبناء شبكة تفاهمات تجنبها المواجهة، تفاهمات ربما نجحت في إخفاء جمر الخلافات إلى حين تحت رماد المصالح المشتركة وقوة التأثير الأميركية، فمشروع قسد السياسي لا يمكن للعشائر تقبله بأن تكون تابعةً لقسد التي تخطط وترسم مستقبل مناطق لا ثقل شعبي لها، فبالرغم من ضم بعض المكونات العربية لقواتها، فإنّ الغلبة الكردية على هويتها وسلوكها الواضح بترسيخ السلطة الكردية على مناطق سيطرتها، عبر التدريس المناهج الكردية أو سوق الشبان العرب للخدمة الإلزامية في صفوفها، ما يجعل من الصدام نتيجة حتمية لا مفر منها في أكثر من منطقة في دير الزور والرقة، وهي إحدى نتائج الدعم الأميركي لمشروع قسد، حيث لعبت واشنطن على وتر النزعة والرغبة التوسعية للفصائل الكردية في مناطق لا عمق داعم لها فيها، وهو ما جعلها مجرد أداة في مشروع واشنطن للسيطرة على المنطقة، وتجاوزت فكرة حماية المناطق الكردية رويداً رويداً، وتفكك مشروع الإدارة الذاتية في ظل رغبة أميركية ودولية بإقصاء فكرة مشاريع الفدرلة والتقسيم في سورية والمنطقة، فتحوّلت من صاحبة مشروع حماية الأكراد إلى ورقة أميركية تحترق على مهل في أتون المعارك الجانبية التي لا تصب في المشروع الذي رسمه الأكراد، انما ورطتهم واشنطن فيها من بوابة مد النفوذ والتوسع، لتأكل طعم واشنطن بانتظار المزيد من النتائج الكارثية على مشروع قسد، فريف دير الزور بوابة لمعارك أخرى أقلّ نتائجها كسر المهابة التي بنتها خلال سنوات، وقدرة أي منطقة الثورة على قسد ومن ورائها واشنطن في المرحلة المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى