الوطن

الشعب لن يتسامح هذه المرة مع القتلة ولن يقبل بتجهيل من تسبّب بآلام عاصمته

 

} عمر عبد القادر غندور*

تتواصل الاستنتاجات والتحليلات والافتراضات حول انفجار مرفأ بيروت الرهيب، ليس في لبنان وحسب، بل في جميع أقطار الدنيا، وفي العواصم الكبرى، وقد بلغت الادّعاءات حداً ان افترض البعض انّ تفجيراً ذرياً قامت به «إسرائيل» أو الولايات المتحدة، نتج عنه سحابة بيضاء توسطتها بقعة شبيهة بعش الغراب، وهي التي تنشأ بعد اي تفجير نووي! إلا أنّ هذا الادّعاء لم تؤكده أيّ جهة موثوقة.

إلا انّ التخمينات تكاد تُجمع على انّ الانفجار هو هجومي وهو ما أكده الرئيس الأميركي ترامب، إلا انّ وزير دفاعه نفى هذه الفرضية وقال انّ الانفجار هو «مجرد حادث»، وذهب البعض حسب تطبيق انستغرام الى انّ رئيس وزراء العدو «الإسرائيلي» نتنياهو حمل معه الى منبر الأمم المتحدة في العام ٢٠١٨ خارطة لبيروت تتضمّن المرفأ، بينما الانفجار حصل يوم الثلاثاء 4 آب ٢٠٢٠!

وتقول كلوي كوليفر من معهد الحوار الاستراتيجي في لندن انّ هناك ادّعاءات تُروّج على مدى الـساعات الماضية لنظرية المؤامرة والادّعاءات المُضللة.

ولأهمية معرفة ما جرى، اصطحب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته الحالية الى لبنان فريقاً من المحققين الفرنسيين الذين سبق لهم ان حققوا في تفجيرات مماثلة، ما يؤكد انّ الدول وخاصة الصديقة للبنان تريد معرفة ما جرى حقيقة.

ومنعاً لاستمرار هذه الفرضيات لا نُسقط ولا نؤكد إحداها، وقد تصبح مضرّة، ينبغي انتظار ما ستتوصل اليه لجنة التحقيق التي شكلها مجلس الوزراء ليُبنى على الشيء مقتضاه، ووضع حدّ لمراكمة هذه الفرضيات، حتى لا تضيع الحقيقة ويتوارى معها المسؤول او المسؤولين، ولا بدّ من كشف خفايا هذه الجريمة التي ذهب ضحيتها أكثر من ١٥٠ لبناني وعشرات المفقودين وإصابة خمسة آلاف مواطن وتهجير مئات العائلات بعد ان تصدّعت منازلهم، ولا يجوز تجهيل من وضع ٢٧٥٠ طناً من نيترات الأمونيوم الشديدة الانفجار مشبعة بالأوزوت بنسبة ٧٠% وسط أهمّ مرفق في لبنان وعاصمته دون حسيب او رقيب أو من سأل عن جدوى وضع هذه المواد الخطيرة وسط عاصمتنا الحزينة الباكية، ولماذا بقيت مركونة في مكان انفجارها ولحساب من؟

ما أصاب دُرة عواصم البحر المتوسط لم يكن حادثاً جيولوجياً، بل بفعل بشر، ولا بدّ من كشفهم وهم الذين جعلوا بيروت من غير مرفأ لأول مرة في التاريخ منذ ألفي عام.

صحيح انّ الفساد هو سمة الحكم في لبنان منذ عقود، دون ان يُلقى القبض على فاسد واحد، فإنّ ما أصاب ستّ العواصم بيروت لن يمرّ من غير حساب ولن يهدأ الشعب ولن يسامح من استرخص دماء أبنائه وتدمير بيوته وفقدان أحبّته قبل أن يرى المجرم او المجرمين مكبّلين بالأصفاد وتقديمهم للعدالة لينالوا جزاء ما اقترفته أياديهم.

وهذه المرة لن تكون كبقية المرات

*رئيس اللقاء الاسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى