الوطن

لبنان أمام خطر وجودي ونطالب بدولة مدنية

} عمر عبد القادر غندور*

كان واضحاً أنذ حكومة الرئيس حسان دياب تعيش ساعاتها الأخيرة، حتى من دون يأخذ رئيسها بنصيحة الرئيس نبيه بري ويوفر على نفسه مشقة تقديم الاستقالة، لأنها كانت ستستقيل بمجرد مثولها أمام الجلسة النيابية يوم الخميس المقبل.

أما استقالة او استقالات بعض الوزراء، وبالتالي تزايد عدد النواب المستقيلين من المجلس النيابي لا نراها إلا ضمن المهلة المحدّدة التي فرضها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عند زيارته الى بيروت، وتأكيده أنه عائد في أوّل أيلول وما على اللبنانيين إلا تسوية أوضاعهم وخلافاتهم في مهلة لا تتجاوز الأول من أيلول، وإلا سيكون لفرنسا موقف آخر.

وإذا ما صحّت رواية صحيفة «لوموند» الفرنسية عما دار بين الرئيس ماكرون ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، ونتحفظ على ما قاله الرئيس الفرنسي لجعجع، فإنها تؤكد انّ فرنسا عام ٢٠٢٠ هي غير فرنسا في النصف الأول من القرن التاسع عشر.

لذلك نلاحظ صدمة قوى ١٤ آذار من مواقف الرئيس الفرنسي الذي شدّد على تنظيم خلافات اللبنانيين وضرورة إجراء إصلاحات وبناء الثقة بين اللبنانيين وقيام حكومة وطنية يتمثل فيها الجميع، ولم يطالب صراحة بتحقيق دولي عن انفجار مرفأ بيروت، خلافاً لما يطالب به البطريرك الماروني الراعي، ونصح اللبنانيين بعدم إضاعة الوقت بالمناكفات، ولعلّ الاشتباكات بين المتظاهرين والقوى الأمنية في وسط بيروت وتحطيم وتكسير وإضرام النار في الأملاك العامة والخاصة خير دليل على الصدمة المترجمة من خلال الإعلام أو بعض الإعلام التحريضي الذي لا يراعي حرمة، ساعياً الى استدراج الفريق الآخر من اللبنانيين الصابرين، إلى ردّات فعل تؤسّس لحرب أهلية!

وبصراحة نقول انّ اللبنانيين الذين هاجروا وحققوا نجاحات باهرة في العلوم والاقتصاد والسياسة والمال وبلغوا مراكز متقدمة في كافة دول الاغتراب، هم ليسوا اللبنانيين المقيمين من كلّ الطوائف الذين تتعطل عقولهم ويتحوّلون الى عنصريين طائفيين غرائزيين، جاهلهم كمثقفهم، ما ادّى بنا الى ما نحن عليه من انهيار وفقر وسوء سمعة ولصوصية وفساد وقلة ضمير !!

لذلك، نحن نطالب بقيام دولة وطنية حقيقية، ليس دولة المزرعة والنهب، وانتخابات نيابية خارج القيد الطائفي على ان يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة، وليصل الى الندوة البرلمانية أصحاب الكفاءة والعلم والنزاهة والخلق الكريم ولو كانوا جميعاً من طائفة واحدة.

فهل تقبل بذلك السلطات الدينية والزعامات التقليدية؟

انّ بلدنا اليوم لا يعاني وجع الرأس وعسر الهضم والإفلاس والفوضى وحسب، بل يعاني خطراً وجودياً ما لم نسارع الى إنقاذه في الوقت المستقطع المتبقي

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى