الكورة ودم القوميّين خط دفاع أول
ناصر قنديل
– ليست المرة الأولى التي تنزف خلالها منطقة الكورة دماً نقياً خالصاً دفاعاً عن الوطن، وقد بات ثابتاً أن الجماعات التي استهدفتها هي جماعات إرهابية كما تقول التحقيقات، ما يعني أن الكورة التي قدّمت دماء بنيها وهي تسهر على أمن الوطن كشفت كما هي مهمة كل حراس الكرامة، وجود مخطط إرهابي وحده يفسر هذا التجوال الليلي المسلح لجماعات إرهابية، لن يصدق أحد محاولة ربطه بعمليات سرقة لا تفسّر المسافة التي قطعها الإرهابيون وصولاً إلى الكورة ولا يمكن أن تجيب عن سؤال هويتهم وتاريخهم وفقاً للسجلات الأمنية لكل منهم، فالسجلات الشخصية لعصابات السرقة سجلات إجرامية، وسجلات الجماعات الإرهابية المنظمة سجلات أعمال إرهابية، وكفانا من تفجير المرفأ عبرة أن يعلمنا نتائج الاستخفاف بالأسباب والعواقب والميل للتفسيرات التي تسهل المهام.
– خلال الحرب الأهلية عندما بلغت المواجهات مراحلها المتقدمة، صار مشروع التقسيم علنياً وعنوان الحلقة الأخيرة من الحرب، وقفت الكورة، ووقف القوميون لمواجهة هذا المشروع، وشكلت الكورة الشوكة التي صعب على أصحاب مشروع التقسيم بلعها او كسرها، وشكلت الكورة قاعدة صلبة للتمسك بالوحدة الوطنية ورفض كل أشكال الأمن الذاتي ومشاريع التفتيت، ودفعت الكورة الثمن من أبنائها ضريبة تمسكها بوحدة لبنان، لتكون على عهدها بأن تكون حارس الوطن، وجرس الإنذار بوجه المشاريع التي تستهدف أمنه ووحدته وسلمه الاجتماعي.
– خلال الاجتياح الإسرائيلي وسيطرة قوات الاحتلال على أجزاء أساسية من لبنان تحولت الكورة إلى قاعدة ارتكاز ونقطة خلفية للقوميين الذين أخذوا مسؤوليتهم القومية بشجاعة، ولم يتردّدوا في تقديم كل التضحيات لمواجهة الاحتلال وحمل راية المقاومة بطليعية كتبتها دماء الشهداء من العاصمة بيروت ودم الشهيد خالد علوان، وكانت الكورة تحمي القوميّين المقاومين الذين تطاردهم أجهزة النظام التابع والحامي لمشروع الاحتلال، وكان أهلها يفتحون بيوتهم لهؤلاء المقاومين، وكان شبابها ينضمون لصفوف المقاومة، ويخوضون مهامهم بصمت، ودماؤهم كما قال زعيمهم انطون سعادة ليست لهم، بل ملك للأمة أمانة يؤدّونها عندما تناديهم.
– عندما عصفت موجة الإرهاب مستهدفة سورية وعبرها كل المنطقة، أدّى القوميون مسؤوليتهم في الصفوف الأولى، وكانت قناعتهم أنهم يدافعون عن لبنان ولا يقومون بتوريطه كما يزعم الذين وصفوا الإرهابيين بالثوار، ودعوا لدعمهم ومنحهم الامتيازات، وما هي إلا شهور قليلة حتى ظهرت المخطّطات التي تستهدف لبنان لتنصف القوميين، في صحة موقفهم ووطنيته ووقوفهم في خط الدفاع الأول عن لبنان، لتأتي معارك الجرود، ويكون القوميّون قوة استنهاض للمجتمع مع قوى المقاومة شرق لبنان لمواجهة الخطر، كما هم دائماً حراس الكرامة الوطنيّة والمدافعون عن وحدة الوطن وأمنه وسلامته.
– يستهدف القوميون وتستهدف بيئتهم الحاضنة والكورة في قلبها، لأنهم ولأنها حجر العثرة بوجه مشاريع التفتيت، الذي يريد من مسيحيي لبنان إعلان سقوط العيش المشترك والتبرؤ من المقاومة وسلاحها، فتستهدف الكورة بخيرة شبابها، وهي تحرس أمن الوطن، لتستفز وتستغضب وتضمّ صوتها للداعين للأمن الذاتي، وترى الخطر على المسيحيين من المسلمين، وتشترك في شيطنة السلاح الذي يرمز عبره كمفردة إلى سلاح واحد مستهدف هو سلاح المقاومة. وهذا معنى رد الكورة على الجريمة بإعلان رفض الأمن الذاتي ودعوة الدولة للقيام بمسؤولياتها، وأداء واجبها بإقناع اللبنانيين أنهم مواطنون في دولة تتولى مؤسساتها حماية أمنهم، وملاحقة المعتدين على هذا الأمن، والمسؤولية تتعدى مجرد نشر النقاط الأمنية والعسكرية، ومواصلة التحقيق لكشف المجرمين، على أهميتهما، إلى حد المطالبة باعتبار ما شهدته الكورة جرس إنذار بوجود مخطط يستهدف الأمن الوطني، تعميماً للفوضى وتمهيداً للأمن الذاتي، فهل يستحق الأمر اجتماعاً لمجلس الدفاع الأعلى، بعدما كشفت لنا الكورة بدماء شبابها أن تنظيم داعش لا يزال موجوداً بخلاياه النائمة، ويضرب في عتمة الليل والغياب، وصولاً للفراغ والفوضى؟