نقاط على الحروف

التسويات مقفلة
وباب التصعيد مفتوح

ناصر قنديل

يعرف الذين يحملون بوجه المقاومة ثنائية العودة للاستسلام والدفع نحو الانهيار المالي، أن مشروع الحكومة التي يدعون إليها القائم على التحقيق الدولي والانتخابات المبكرة، يعني وضع المقاومة بين خياري الجوع أو القتل، وفقاً للمعادلة التي صاغها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وانتهى بها إلى معادلة، لن نجوع وسنقتلك ثلاثاً؛ بينما التطبيع الإماراتيالإسرائيلي، وصلته بتفجير مرفأ بيروت لشطبه من الخريطة لحساب مرفأ حيفا وسلوك الفريق المناهض للمقاومة بعد التفجير رفعاً من فرضيات التفجير المدبّر على حساب فرضية تقاطع الفساد والإهمال. ويأتي التصعيد والتهديد على الجبهة الجنوبية، والمقاومة بيدها رصيد الحق المؤجل للرد على الاعتداء الذي أدى لاستشهاد أحد مقاوميها قرب مطار دمشق الدولي، ليقول كل ذلك ترقبوا شهراً ساخناً في أيلول.

إيران لا ترى مبرراً لتسوية تقيمها مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا تثق بنتيجتها، ولا بالتزامه بأي تفاهمات، وهي تستعدّ لمواجهة طويلة إذا أعيد انتخابه، ولا تقبل بديلاً عن العودة الأميركية مع هذا الرئيس أو سواه، إلى الاتفاق النووي ومناقشة كل شيء في إطار الاتفاق وليس من خارجه، ولن تتراجع عن هذا الموقف لو بلغت الأمور حد الحرب الشاملة. وهي ترى باغتيال القائدين قاسم سليماني وأبي مهدي المهندس نموذجاً عن العروض الأميركية، والتلاعب بمفهوم الانسحاب من العراق مثال آخر، والتطبيع الإماراتي الإسرائيلي لوضع الموساد على مياه الخليج قبالة إيران نموذج رابع، وتتكرّر النماذج.. لذلك لم تعد إيران مهتمة بتهدئة أنصار الله ودعوتهم لتحييد الإمارات، التي يمكن أن تلقى ردوداً يمنية على تورطها بالعدوان على اليمن.

في المنطقة روسيا تقف في صف المواجهة مع التلاعب الأميركي، الذي كان يراهن على الوقيعة بين موسكو وطهران وأُجهضت مساعيه، وما جرى في شرق سورية من مواجهة مباشرة عسكرياً بين الروس والأميركيين علامة على القراءة الروسية للمواقف الأميركية، وبالتوازي ما جرى في مجلس الأمن تجاه المشاريع الأميركية ضد إيران إشارة للنظرة الروسية للسياسات الأميركية، بقدر ما هو إشارة للقلق الأوروبي من الرعونة الأميركية، وفي الحصيلة هناك تصعيد على الجبهتين السورية والعراقية بوجه الأميركيين، ستترجمه عمليات مقاومة يعرف الأميركي أنه سيدفع ثمنها، ولا يستطيع لا هو ولا حماته في العراق وسورية تفاديها.

الرهانات الانتخابية الأميركية على جولات العلاقات العامة تحت عنوان السلام التي يجريها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، ومحاولته حشد الحلفاء العرب للتطبيع مع كيان الاحتلال، ستصبح خبراً عاشراً في الإعلام الأميركي عندما تندلع النيران على جبهات المقاومة بوجه الكيان، واليمن مع الإمارات، وفي سورية والعراق بوجه الأميركيين، وعندها سيذهب ترامب إلى انتخاباته مكشوفاً، بنتائج الخسارة المعلومة، وسيكون على خلفه البدء من حيث انتهى السلف فإما التصعيد أو التسليم بالحقائق بلا مواربة. أما السلاح الاقتصادي والمالي، الذي يهدد لبنان، فلن يدفع ثمنه في السياسة مهما اشتد الخناق، واللبنانيون يعرفون أن هناك بدائل عرضتها المقاومة، وهي جاهزة للسير بها في أي حكومة، بدءاً من شراء المشتقات النفطية بالليرة اللبنانية من إيران، وانتهاء بالتوجه نحو الصين لعقود استراتيجية تضم مرفأ بيروت وخطوط سكك الحديد ومحطات وشبكات الكهرباء.

المنطقة لا تبدو في مرحلة تسويات تتناسب مع المساعي الفرنسية، ويبدو أن خيار التصعيد يتقدم، إلا إذا قرأ الأميركيون والإسرائيليون، حقيقة أن أوهامهم حول ضعف محور المقاومة ستدفعهم بسبب الحسابات الخاطئة، نحو جحيم المواجهة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى