أخيرة

الحسكة… ثابتةٌ على خطِّها المُستقيمْ

} حنان سلامة

وتبقى الحسكةُ على عرضِ مساحتِها

حسكةً في فمِ حاقدٍ لئيمْ

تُرابُها ربيعٌ دائمْ

وأنفاسُها طواحينُ النَّسيمْ

إنَّها الحسكة

لا تحتارُ في موقِعها

ثابتةٌ على خطِّها المُستقيمْ

سيسيرُ «سفربرلك» بعكسِ اتجاهِهِ

حاملاً حُكمَ أردوغانْ إلى مهالكِ الجحيم

يطلق اليوم أهالي الحسكة صرخة موجعة إزاء ما يتعرّضون له من ظلم من الطغاة الأتراك، لكنهم لا يتركون أثراً موجعاً على مستوى القوى الدولية التي كان عليها أن تتحمّل مسؤولياتها تجاه ما يحصل في سورية، كما كان على المؤسسات الحقوقية الدولية إدانة هذا الحصار على الحسكة ووضع حدّ له. فلا يمكن السكوت أكثر على هذه الجريمة بحق المدنيين، لكن لم يزل الصمت الدولي المعهود سيد الموقف.

تتميّز محافظة الحسكة بعراقتها حيث تضمّ آثاراً تعود إلى الألف الثالث قبل الميلاد، كما يميّزها تنوّعها السكاني: الثقافي، الديني، المذهبي، الحضاريحيث يسود فيها تعايش واحد. ولعلّ أهمّ ميزة فيها أنها المورد الرئيسي للبترول في سورية.

تنتشر معظم قراها قرب المصادر المائية، فتزدهر فيها الزراعة خاصة زراعة القمح. ولم يتوانَ أهلها عن إقامة مشاريع زراعية وصناعية حولها، فشهدت نهضة عمرانية بارزة في العقود الأخيرة. من هنا، نرى أنّ اختيار محافظة الحسكة لفرض الحصار عليها لم يكن صدفة، فلا مصلحة لتركية بوحدة سورية وشعبها لأنها تعرف أنّ مكامن قوة أيّ بلد هي في وحدته.

منذ العام 2011 والحرب مستمرة في سورية تحت ما يسمّى «الربيع العربي»، ويتمّ استئجار المرتزقة وتسليحهم وتدريبهم للقضاء على الاستقرار في سورية التي استطاعت الصمود بفضل شعبها الأبيّ الذي لا يركع، وبدعم المقاومة والدول الصديقة. وقد نجح الرئيس بشار الأسد في مواجهة الحرب الشرسة المحاكة ضدّ بلده.

اليوم، لم ينجح الضغط العسكري في تفتيت أواصر البلد، فلجأت أميركا بالتعاون مع تركيا إلى الضغط الاقتصاديّ حيث أقدَم أردوغان على قطع الماء عن محافظة الحسكة، ما جعل أكثر من مليون نسمة يعانون من انقطاع المياه، فلجأ الشعب الذي يأبى الخضوع والاستسلام إلى حفر الآبار الارتوازية كتحدٍّ لهذا الحصار الذي يُعتبر امتداداً واستكمالاً لـ «قانون قيصر» الذي يهدف إلى تجويع الناس كي يثوروا ضدّ حكومتهم.

أردوغان يمارس منذ توليه السلطة كلّ ما يناسب مصلحته، فحكمه الاستبدادي وتعزيز علاقته مع التكفيريّين والمتشدّدين في ليبيا وسورية، حوّل تركيا إلى بلد راعٍ للإرهاب. تركيا التي تنادي بالحرية، تفرض اليوم حصاراً لا إنسانيّاً لقمع السوريين وتهجيرهم والتحكم بهم. هذه الجريمة اللاإنسانية التي يرتكبها النظام التركي ليست جديدة، فلطالما تفنن هذا النظام بارتكاب المجازر بحق الشعوب.

قطع المياه عن الحسكة سيؤدّي إلى ضرب موسم الزراعة وشلّ الحياة في المحافظة لتضييق الخناق على سورية واقتصادها بهدف ثورة الشعب ضدّ الحكومة. لكن في المقابل، يقف الأميركي مذهولاً أمام الوعي الشعبي. فما لم يكسره الضغط العسكري لن يلوي عزيمته الضغط الاقتصادي، فلا تراهنوا على استسلام شعب صمَد طيلة عقد من الزمن في وجه كلّ المحاولات للقضاء عليه.

حتى اليوم، لم يقم الرئيس بشار الأسد بزجّ الجيش رسمياً كي يخوض حرب استنزاف للضغط على القوى الكبرى للبحث عن حلّ للأزمة، بل نرى المقاومة الشعبية تستنفر كلّ قواها لاستهداف عساكر العدو وتفخيخ آلياتهمفتحت الضغط الشعبي المسلح يمكن استعادة المياه والموارد السورية، حيث لا حرية من دون مبدأ القوة. أما انتظار المفاوضات الروسية الأميركية فلن يوصل إلى حلّ للنزاع أو فكّ الحصار.

من هنا، يجب على الشعب أن يقوم بخطة جامعة لتفتيت أواصر العدو، فالمقاومة هي الحلّ للضغط على أميركا وروسيا لاتخاذ الإجراء المناسب بحق تركيا، حيث لا خلاص لأيّ بلد من أيّ استعمار إلا بوحدته والبحث عن آلية لتنفيذ الخطط التي تجعله قويّاً متماسكاً ليشكل حافزاً للتحرك والوقوف موقفاً مشرّفاً لتحجيم الأتراك وإحداث تحوّل ملحوظ في الأمة.

فنحن اليوم بأمسّ الحاجة لمقاومة عظيمة تهبّ لسحق الشّرّ ومواجهة الاستكبار الأميركي التركي.

فهل سينجح مشروع المقاومة بتحرير الحسكة واستقطاب العالم؟ وكيف؟

الأيام المقبلة حبلى بتطورات كبرى!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى