أخيرة

نزاريات (3)

} يكتبها الياس عشّي

تُرى لو عاد نزار اليوم إلى شامه، إلى ملاعب صباه، إلى ياسَمينة أمّه، إلى جريدة أبيه، إلى حبيباته، إلى قاسيون، إلى بردى، إلى السبع بحرات، إلى سوق الحميديّة، إلى الجامع الأموي، إلى متحف العظم، وإلى جامعته؛ تُرى ماذا سيقول؟ وماذا سيخبّئ في حقيبته؟

حتماً سيعيد على مسامعهم قصيدة «خبز وحشيش وقمر»، و «الحبّ والبترول»، و «جريمة شرف أمام المحاكم العربيّة»، وكلّ القصائد التي أعلن من خلالها حربه على شرق التكايا، وأمراء النفط، وتجّار الخدر، وشيوخ القبيلة. وسيردّد بينه وبين نفسه :

« دمشقُ، يا كنزَ أحلامي ومروحتي

أشكو العروبةَ أم أشكو لكِ العربَ»؟

أتساءل الآن: هل توقّع نزار قبّاني أن يكون مهر دمشق بهذا الغلاء؟

وحتماً لن يترك الشام وحقيبته فارغة، وإذا كانت النار قد أحرقت ذكرياته، ودمّرت الدروب المفيّأة بأشجار اللوز والخوخ والمشمش، وحاصرت الأطفال في روضاتهم، والمصلّين في معابدهم، فإنّ رموزاً أخرى قد ولدت من رحم الحرائق.

سيغادر نزار وفي حقيبته أسماءُ الشهداء، وزغرداتُ الأمهات، وصمودُ السوريين، وأحرفُ الهجاء العاصية على الغرباء، وإرادةُ البقاء، وقصّةُ الحضارة، ووقوفُ الدول الصديقة إلى جانب بلده الحبيب يوم تخلّى الأقربون والأقارب عنه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى