أولى

سورية الأسد… وإعادة رسم خطوط التماس بألوان النفط والغاز!

محمد صادق الحسيني

 

فيما تمضي القيادة السورية وحلفاؤها الإقليميون بخطى وطيدة دفاعاً عن ثوابتها وملفاتها القومية والوطنية من فلسطين والجولان وصولاً الى الداخل السوري الخاصة بالدستور والسيادة ووحدة الأراضي، تحركت القيادة الروسية في اندفاعتها الجديدة الاقتصادية السياسية نحو دمشق من أجل وضع ملامح مرحلة مستجدة لا بدّ منها في مواجهة تحوّلات شرق المتوسط المتلاحقة

مصادر واسعة الاطلاع على مطبخ صناعة القرار الروسي تقول بأنّ الوفد الروسي الكبير الذي زار دمشق في الساعات الماضية برئاسة نائب رئيس الوزراء بيسلوف وكلّ من رئيس الديبلوماسية الروسية لافروف والسيد بوغدانوف باعتباره نائب وزير الخارجية المكلف بالمنطقة، حمل معه ورقة سياسية اقتصادية متكاملة تحمل ثلاثة بنود مرحلية أساسية فيها مصلحة دمشق أولاً ومن ثم لكلّ من موسكو وحلفاء دمشق الآخرين أيضاً وهي التالية:

أولاً: تجميد الميادين السورية والصراعات السياسية من الآن الى حلول الصيف المقبل بهدف إنجاح الاستحقاق الانتخابي الرئاسي السوري بحيث تجري الانتخابات في أوسع المحافظات والأراضي السورية بشكل قوي داخليا ومقبول دستورياً ويكبّل ألسنة المجتمع الدولي المتطلب والمعاند

في هذه الأثناء تقوم الدول الضامنة في أستانة بتثبيت مناطق خفض الصراع في ادلب وتعزيز الإنجازات فيها

كما تضمن روسيا احتضان الورقة الكردية والمعارضات «المعتدلة» باتجاه ضبط اندفاعتها تحت مظلة الدولة الوطنية السورية.

ثانياً: ضخّ الدم في دورة إعادة بناء الاقتصاد السوري انطلاقاً من حقول النفط والغاز غير المنتجة بعد ولكنها الجاهزة بالمسح الجيولوجي من خلال تنشيط العمل فيها تحت مظلة روسية حفاظاً على حقوق الطاقة السورية من أن تذهب سدى أو أن تتعرّض للضياع وسط صراعات الطاقة شرق المتوسط التي تتناهشها القوى الإقليمية والدولية الطامعة بثروات المتوسط الهائلة

تجدر الإشارة مثلاً الى انّ بئراً واحدة من النفط في الحقل ١٤ شمال طرطوس يحتوي على كميات يُقال إنها ثلاثة أضعاف إنتاج الكويت

ثالثاً: إدراج سورية كلاعب أساسي وتنشيط دورها وحقها القومي والإقليمي والعالمي في الدفاع عن أمن واستقرار المتوسط، وهو ما تراه روسيا بأنه ينبغي ان يصبّ في إطار «تحالف المصلحة الواسع» مع تركيا عملياً ومن معها بضمانة روسية لمواجهة ما يسمّونه بديل خط نابوكو الذي دمّرت سورية من أجله (كان يُراد أن يمرّ من سورية بديلاً لخطي الغاز الروسي والإيراني لأوروبا) واليوم انتقل ليكون عبر الكيان الصهيوني بالتعاون مع مصر وقبرص واليونان وبرعاية فرنسية وناتوية (الناتو)…

وتعتقد موسكو في هذا الاتجاه بأنّ مثل هذا التحالف الموسع من شأنه أن يوقف الاندفاعة الاستعمارية الفرنسية ضدّ لبنان وامتداداً الى السواحل الليبية..

الأهمّ من كلّ هذا فإن موسكو ورغم أولوية مصالحها الاقتصادية ترى بأنّ مثل هذه الخطوات الثلاثة: ايّ تثبيت خطوط الميدان، وتنشيط الاقتصاد السوري عبر مظلة الطاقة الروسية، وتحالف الطاقة الموسع ضدّ الاندفاعة الفرنسية الغربية، من شأنه ان يمرّر السنة الأصعب اقتصادياً وسياسياً على سورية في ظلّ الحصار الأميركي، بأقلّ الخسائر فضلاً عن تثبيته لحكم الرئيس المقاوم بشار الأسد السيادي والقوي على عكس ما يروّج الغرب الاستعماري بأنّ موسكو تبحث عن فيدرالية او حكم انتقالي أو إعادة بناء سورية بتفصيل معاد للعروبة…!

وهو ما نفاه رجال الاقتصاد والديبلوماسية الروسية بشكل واضح وصريح في مؤتمرهم الصحافي المشترك مع الوزير وليد المعلم يوم أمس في دمشق.

مرة أخرى علينا كدول وقوى محور المقاومة التسريع في إعادة رسم خطوط دفاعاتنا الداخلية الوطنية والقومية والحضارية بالصلابة اللازمة حتى نخفف دفع أثمان تحالفات الأمر الواقع التي تفرضها الأحداث المتسارعة…!

والأهمّ من ذلك إعادة ترميم وتدعيم وتعزيز محور المقاومة وهو السلاح الأمضى والقاطع أمام كلّ التحديات.

وحدة الدم ووحدة الساحات بوجه ما يُراد لنا من مشاريع سايكس بيكو جديدة او للتقليل من إطالة صراعنا مع العدو الرئيسي بسبب حاجاتنا الخارجية التي لا بدّ منها حتى لصديق معتمد مثل روسيا

بعدنا طيّبين قولوا الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى