مانشيت

حردان لـ«الميادين»: مع حكومة كفاءات بخلفيّة سياسيّة… الحياد لا يناسب لبنان… ولا للامركزيّة

أديب يلتقي عون وخريطة الطريق تنتهي بمسودة الاثنين المقبل تُحسَم خلال 48 ساعة / عقوبات أميركيّة على خليل وفنيانوس بداعي العلاقة بحزب الله... تصيب المبادرة الفرنسيّة

كتب المحرّر السياسيّ

في منطقة تغلي بالمتغيرات، وفي ظل تهديد مستمر بالعدوان ومخاطر حاضرة لمشاريع التقسيم والتفتيت، لا يناسب الحياد لبنان ولا يمكن المخاطرة باللامركزية، وحكومة الكفاءات مطلوبة لكن بخلفية سياسية، بهذه العناوين رسم رئيس المجلس الأعلى للحزب السوري القومي الإجتماعي أسعد حردان لقناة الميادين المشهد اللبناني ورؤية الحزب له.

وفي قلب هذا الغليان يحاول لبنان تلمس طريق الخروج من المأزق عبر التسوية الفرنسية التي حملها بصيغة مبادرة يقودها الرئيس الفرنسي أمانويل ماكرون، والتي ولدت تسمية الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة مصطفى أديب الذي يواصل مشاوراته لبلورة خريطة طريق لولادة حكومته خلال مهلة الأسبوعين المتفق عليها مع فرنسا، والتي تنتهي الثلاثاء المقبل، ووفقاً لمصادر متابعة لمشاورات الرئيس المكلف ولقاءاته، وفي طليعتها زيارته إلى قصر بعبدا ولقاؤه برئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ثم لقاؤه بثنائي المعاونين السياسيين لكل من رئيس مجلس النواب والأمين العام لحزب الله النائب علي حسن خليل والحاج حسين الخليل، فإن اديب لا يزال يحاول استكشاف هوامش الحركة التي سيعتمدها في تشكيل الحكومة، سواء بما يخص فكرة المداورة، والهادفة فعلياً لمحاولة تسمية وزيرين للمالية والطاقة بعيداَ عن حركة أمل والتيار الوطني الحر، وعلى صلة بفرنسا التي تتطلع للعب دور في الملفين.

خريطة طريق الرئيس المكلف تقوم على وضع مسودة تشكيلة حكومية يضعها بتصرف الأطراف الرئيسية ورئيس الجمهورية مع نهاية الأسبوع، ويقوم بمواكبتها باتصالات وتنقيحات متلاحقة لتصبح نهائية خلال 48 ساعة متوقعاً النجاح بإقناع الأطراف بقبول تنازلات سيحاول الحصول عليها من الجميع لصالح ترجيح كفة إدارته للحكومة، وتفاعل الفرنسيين مع العديد من وزرائها كأصدقاء.

في هذا المناخ غير المستقر، جاءت العقوبات الأميركية على الوزيرين السابقين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس على خلفية موقعهما السياسي ضمن شبكة حلفاء حزب الله، لتزيد على اللااستقرار توتراً وتصعيداً، وترسم تساؤلات حول وظيفة الاستهداف الذي تعمد أصحابه توقيته قبل ولادة الحكومة، وشملوا مفاوضاً رئيسياً في الملف الحكومي، كأن المبادرة الفرنسية مستهدفة مباشرة، والحكومة الجديدة نفسها معرّضة للتفخيخ.

لفتت مصادر بعبدا من جهتها الى ان التفاهم حصل حول نقاط عدة وعدد الوزراء سيكون قيد البحث في الاجتماع المقبل خاصة أن الرئيس عون ليس متمسكاً وكذلك الرئيس المكلف بعدد محدد والأمر بالنسبة اليهما قابل للتفاوض والبحث وفق الحاجة. وشددت المصادر على ان نقاط التفاهم تتصل بمهمة الحكومة وطبيعة الأعمال والمبادئ العامة التي يجب أن تتحرك على أساسها.

وليس بعيداً قالت مصادر سياسية لـ«البناء» إن تطعيم الحكومة بسياسيين قيد التداول، مشيرة الى ان المداورة تحتاج الى التشاور مع كل الأطراف وليس دقيقاً ما يُشاع ان وزارة المال هي الحقيبة الأساسية المستثناة من المداورة.

وبينما لم يجتمع أديب بعد برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ، اشارت مصادر تكتل لبنان القوي الى ان التيار الوطني الحر جاهز للمساعدة ولا صحة لما يُقال إنه يضع العصي في دواليب التأليف، مشيرة الى ان المداورة يجب أن تشمل كل الحقائب من دون استثناء، متوقعة أن يتأخر التأليف الى ما بعد نهاية الأسبوع ما لم يحصل أي خرق.

وأكد رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، أن الحزب القومي «ضد الفراغ ومع الاستقرار، لكن من غير المفهوم كيف تكون الحكومة لا سياسية كما يدعو البعض. نعم نحن مع حكومة اختصاصيين لكن يجب أن تكون مُلِمّة بالشأن السياسي الداخلي، لذلك نحن مع حكومة تحمل كفاءات لكن مع خلفية سياسية».

وقال إن لبنان «أمام عاصفة جديدة من اللاستقرار، فالمنطقة تغلي، ولبنان ساحة من الساحات الضعيفة للمنطقة».

وأشار حردان خلال زيارة وفد من شبكة «الميادين» برئاسة مديرها غسان بن جدو، إلى مركز «القومي» أن الانقسام الذي يشهده لبنان في الآونة الأخيرة «لم نرَ مثله حتى في الحرب الأهليّة، وهناك عشرات الدول الأجنبية تتدخل في لبنان، فيما يتواتر الكلام أخيراً عن التقسيم في لبنان، وهذا ما يستدعي الأسف والتحرك».

واستنكر حردان الدعوة إلى اتخاذ لبنان موقفاً حيادياً في المنطقة، قائلاً إن «مسألة الحياد، لا تقنع أحداً. حياد مِن ماذا؟ ولماذا؟ وهل يتوقف الحياد على لبنان؟ وهل العدوّ «الإسرائيلي» ستوقف اعتداءاته على لبنان؟».

وشدد على أن لبنان منذ 60 عاماً «مهدّد من العدو «الإسرائيلي». و«إسرائيل» لم تنسحب إلا بالقوة. وبالتالي فإن الحياد في غير موضعه، ولا يمكن أن نعزل لبنان عما يجري في المنطقة. نحن مرتبطون بمحيطنا الطبيعي في المنطقة، وكل ما يدور فيها ينعكس علينا».

وأعلن أن الحزب السوري القومي الاجتماعي «يرفض مشاريع القوانين التي تطرح اللامركزية الإدارية في لبنان، خاصةً أن لبنان يعيش حالة طائفيّة، فاللامركزية هي أقرب إلى التقسيم. فلننتهِ من الطائفية بقانون انتخابي يوحّد بين اللبنانيين، ثم نذهب إلى اللامركزية المدروسة التي يمكن أن تلعب دوراً في الإنماء».

وأضاف: «نحن مع تكامل وتعاضد المنطقة، وطرحنا فكرة مجلس تعاون مشرقي يتساند اقتصادياً لنواجه الحصار على بلادنا، ولتكن الأولوية لحماية أنفسنا وتحصين جبهتنا»، موضحاً أن الحزب أعدّ «مذكرةً في هذا الشأن، سُلّمت للرؤساء في دول المشرق. فلنسعَ لتكامل اقتصادي حقيقي بين بلداننا».

ولفت حردان إلى حادثة كفتون الكورة التي «أظهرت التحقيقات مع المعتقلين من المشاركين فيها، أنهم تابعون إلى تنظيمات ارهابية وأن الهدف كان توتيراً أمنياً وفتناً داخلية»، مؤكداً أن الهدف كان متمثلاً «بضرب الاستقرار في البلاد. لكن لبنان بثلاثيته الوطنية الفاعلة سيُجهض هذا الهدف الإجرامي الخبيث».

الى ذلك برز أمس، تطور أميركي حيال التوسّع في ملفات العقوبات على لبنان، ففرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الوزيرين السابقين علي حسن خليل و يوسف فنيانوس ضمن قانون مكافحة الارهاب ، مدعية أنهما متورطان بالإرهاب وقدّما مساعدات عينية ومالية لحزب الله في لبنان.

وقالت إن «فنيانوس ساعد حزب الله للوصول الى معلومات قانونية حساسة متعلقة بعمل المحكمة الدولية، وتلقى مئات آلاف الدولارات من حزب الله لقاء خدمات سياسية وحرص من خلال منصبه كوزير للأشغال على تجيير عقود مع الدولة اللبنانية لشركات مرتبطة بحزب الله».

وقالت إن «علي حسن خليل استخدم منصبه كوزير للمالية لتجنيب مؤسسات مرتبطة بحزب الله دفع ضرائب على بضائع الكترونية مستوردة وجزء من الأموال أعطيت كدعم لحزب الله، ورفض عام 2019 التوقيع على الشيكات لحساب متعاقدين مع الدولة وطالب بدفع جزء منها إليه شخصياً، كما عمل على تحويل أموال بطريقة يتنجّب خلالها العقوبات الاميركية لحساب مؤسسات تابعة لحزب الله». وأضافت «في عام 2017 وقبل الانتخابات النيابية بقليل حرصت قيادات حزب الله على عقد اتفاق مع خليل والذي تلقى دعماً من حزب الله لحساب نجاحه السياسي».

لفت مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شينكر ، الى أن «العقوبات التي فرضت على خليل وفنياونوس سببها أنهما وفرا دعماً لـ« حزب الله « ولذلك يجب أن يتحملا المسؤولية والعقوبات ستتواصل على كل من يوفر دعماً ومساعدة للحزب، كما أننا سنواصل فرض الضغوط على «حزب الله» وداعميه»، مبينا أن «هذه العقوبات التي فرضت اليوم، هي رسالة الى كل من يتعامل مع «حزب الله»، موضحا «أننا نختلف مع الحكومة الفرنسية فيما يتعلق بوجود جناح سياسي للحزب، نحن نعتبر أنه تنظيم إرهابي».

وحول العمل مع الحكومة الجديدة ورئيسها المكلف، قال شينكر: «نحن نركز على المبادئ أكثر من الأشخاص، ونريد أن يتحمل الفاسدون مسؤولية أفعالهم وأن تتم محاربة الفساد . وإذا التزمت الحكومة بهذه الأمور، فنحن نتطلع الى العمل معها»، مشددا على أنه «لا يجب أن يكون هناك تدخل خارجي في تشكيل الحكومة»، قائلاً «الفرنسيون حاولوا دفع الأمور ونحن على تنسيق معهم. ولكن لا أعتقد أنه أمر صحي أن تكون هناك إملاءات خارجية على لبنان».

الى ذلك تعود السفيرة الأميركية دوروثي شيا من اجازتها السنوية منتصف الشهر الحالي وتستأنف نشاطها لتواكب الخطوات المقبلة بعد تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة مصطفى اديب.

وتسبق السفيرة عودة مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الادنى ديفيد شينكر الى بيروت للمرّة الثانية في أقل من شهر في مهمة محددة لاستئناف الوساطة الأميركية لحسم الخلاف الحدودي البحري والبري بين لبنان و«إسرائيل» بعدما وضع صيغة للحل، خاصة أن شينكر كان قد عقد بحسب ما اعلنت وكالة المركزية أمس، اجتماعاً بعيداً من الإعلام مع مستشار الرئيس نبيه بري علي حمدان وبحث معه في ملف ترسيم الحدود بين لبنان و«اسرائيل». واُحيطت المحادثات التي جرت بين الرجلين بالسرية والكتمان مع إشارة مصادر مطلعة لـ«البناء» الى إن الموقف الرسمي اللبناني لا يزال يشدّد على ضرورة تلازم المسارين البري والبحري في ما خصّ الترسيم، وأن لا يحق خارج هذه الصيغة حتى الساعة. وأكد شينكر أمس، «أننا لم نصل الى اتفاق بشأن ترسيم الحدود . وديفيد ساترفيلد قضى سنة كاملة بين لبنان و «إسرائيل» لمحاولة الوصول الى إطار عمل لبدء المفاوضات. هذا الأمر كان يجب أن ننتهي منه منذ وقت طويل لأنه سيفتح المجال أمام لبنان و«إسرائيل» لتحقيق التقدم».

وبقي لبنان محط اهتمام دولي. فقد أكد رئيس مجلس الوزراء الإيطالي جوزيبيى كونتي، الموجود في بيروت، بعد لقائه رئيس الجمهورية، «ان الوقت حان للنظر إلى الأمام وبناء الثقة بين المواطنين والمؤسسات كما كتابة صفحة جديدة من تاريخ لبنان»، معتبراً أنه «تحد كبير جداً لكن بفضل السلطات اللبنانية التي يمكن أن تلتزم بمسار تجدّدي للمؤسسات والحكومة يصبح كل شيء ممكناً، وهذه المطالب تطالب بها هيئات المجتمع المدني والمواطنون منذ زمن»، مؤكداً أن «ايطاليا تحترم سيادة الشعب اللبناني وستبقى بقربه وتأمل بتأليف حكومة جديدة لتحقيق الإعمار مع برنامج إصلاحي يشمل المطالب المحقة للمواطنين». أضاف: «يجدر بناء هذا المسار لكي ينعم لبنان بمستقبل مزدهر ويعمه السلام، ولقد عبرت عن موقفي هذا لرئيس الجمهورية وسأتكلم عن هذه الاعتبارات مع سائر من سألتقيهم، وايطاليا ستساهم بدعم الاستقرار والنمو الاقتصادي والاجتماعي للبنان. لبنان يمكن أن يعتمد على ايطاليا ودور ايطاليا في الاتحاد الأوروبي والاسرة الدولية».

في غضون ذلك، أكّد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّه لا ينوي الاستقالة من منصبه، نافياً بذلك ‏الأنباء التي تردّدت أمس عن نيته الاستقالة في غضون 48 ساعة. وأوضح سلامة في حديث مع هادلي غامبل على «CNBC» ‎أنّ قراره هذا يعود إلى مواصلته ‏الاستراتيجية التي وضعها للخروج من الأزمة، متأسفاً للشائعات التي تنشر عن استقالته.

معيشياً، ففيما هاجس رفع الدعم عن المواد الاساسية من قبل المصرف المركزي يزداد مع ملامسة احتياطاته الحدود الدنيا، وعلى وقع تقنين متزايد في الكهرباءاوضح ممثل موزعي المحروقات ومستشار نقابة المحطات فادي أبو شقرا أن مشكلة فتح اعتمادات لبواخر استيراد المحروقات حلت، «واليوم ستُسلّم مادة البنزين الى المحطات على الاراضي كافة»، وذلك بعدما تحدّث عن ان «هناك شحاً في البنزين بسبب عدم فتح مصرف لبنان الاعتمادات، ولكن بمجرد توقيع الحاكم يمكن تعويم السوق لأن البواخر في الانتظار لتفرغ حمولتها». وطمأن في تصريح «ألا أزمة بنزين في السوق، إنما هناك شحّ في هذه المادة نتيجة تأخر اعتمادات بعض الشركات».

من جهة ثانية، اعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان التجديد للقوات الدولية العاملة في الجنوب في 28 آب الماضي، لسنة إضافية، ليس لمصلحة لبنان فحسب، بل أيضاً لمصلحة الحفاظ على الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية منذ العام 2006، لافتاً الى ان استمرار نجاح مهام «اليونيفيل» جعلها من مهمات حفظ السلام النموذجية في الأمم المتحدة. واعرب خلال استقباله قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب الجنرال ستيفانو دل كول عن امله الا ينعكس تخفيض القوات الدولية من 15 الف الى 13 الف عسكري على عملها، مشدداً على أهمية التنسيق مع الجيش اللبناني المنتشر في منطقة العمليات الدولية، كما في كل الجنوب. ودعا الى تكرار عقد الاجتماعات المشتركة بين الجيش و«اليونيفيل» لتعزيز التواصل بين «اليونيفيل» والسلطات اللبنانية، معتبراً ان التنسيق المسبق مع السلطات اللبنانية يمكن القوات الدولية من الوصول الى أي موقع تريد، مع ضرورة الأخذ في الاعتبار الضوابط المنصوص عنها في القوانين بالنسبة الى الملكيات الخاصة. وشدّد الرئيس عون على أهمية المحافظة على الاستقرار في الجنوب لما فيه مصلحة لبنان والاستقرار في المنطقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى