الوطن

ما علاقة العقوبات الجديدة بموقف الرئيس بري من ملفي «الترسيم» والحكومة؟

} محمد حميّة

لم يكن توقيت فرض عقوبات جديدة على الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس بريئاً أو محضَ صدفة. فتزامنه مع وصول المبادرة الفرنسية إلى خواتيم تأليف حكومة جديدة وعشية زيارة المسؤول الأميركي ديفيد شينكر الى لبنان تثير تساؤلات عدة وتفضح الأهداف الخفية خلف هذه العقوبات!

فأن تنتقل الإدارة الأميركية من سياسة العقوبات على حزب الله الى العقوبات على حلفائه، يعني فتح مواجهة أميركية جديدة مع حلفاء الحزب من حركة أمل وتيار المرده وربما التيار الوطني الحر في وقت قريب وسط معلومات تؤكد التحضير للإعلان عن حزمة عقوبات جديدة بحق 12 شخصية لبنانية قريبة من حزب الله تشمل مقربين من رئيس الجمهورية ميشال عون؟

فما الذي دفع الأميركيين الى استهداف حلفاء الحزب وتحديداً حركة أمل بعد تحييدها في الفترات السابقة لا سيما أن الرئيس نبيه بري يعد المحاور والمفاوض الأول في الدولة اللبنانية في قضايا مختلفة وانتهج سياسة معتدلة ومختلفة عن سياسة حزب الله، رغم التقائهما في القضايا الاستراتيجية؟

مصادر قيادية في حركة أمل أشارت لـ»البناء» الى أن «العقوبات الجديدة تشكل اعتداء على أمل كحركة مقاومة ولكونها جزءاً من المعادلة السياسية الوطنية الداخلية»، موضحة أن «قرار العقوبات على حسن خليل محاولة للتأثير على مواقف الحركية السياسية والوطنية والقومية والتي لن تتنازل عنها مهما بلغت الأثمان». مشيرة الى أن «زيارة خليل الى عين اليتنة بعد بيان هيئة الرئاسة في الحركة هو تأكيد على أن العقوبات لم تغير في مكانته وموقعه في الحركة وهو مستمر في أداء مهماته وأدواره السياسية على مختلف المحاور».

 وتضيف المصادر الى أن «استهداف خليل هو محاولة لفك عرى اللحمة داخل الطائفة الشيعية والتكامل الوطني بين ثنائي أمل وحزب الله من جهة، وإضعاف الحضور الشيعي في الدولة ومحاولة إقصاء أمل عن الحكومة بعد إقصاء حزب الله والثمن انتزاع وزارة المالية منها».

والأمر الأخطر هو أن العقوبات على أمل تعني انتقال الأميركيين الى استهداف كل الطائفة الشيعيّة بعدما كانوا يحيّدون أمل سابقاً ما دفع بالمجلس الاسلامي الشيعي الأعلى الى التحذير من التداعيات الخطيرة لهذا القرار ودعوة الإدارة الأميركية للتراجع عنه.

فالتصعيد الأميركي الجديد مرتبط بأمرين اثنين: ملف ترسيم الحدود بين لبنان والكيان الاسرائيلي والذي يمسك بزمامه الرئيس نبيه بري وفريق عمله وبموضوع تأليف الحكومة الذي يلعب رئيس المجلس أيضاً إن في عملية التكليف أو التأليف دوراً محورياً عبر معاونه السياسي النائب حسن خليل الذي يجول مع معاون السيد حسن نصرالله حسين الخليل على المعنيين بالتأليف لتدوير زوايا العقد لتأمين ولادة آمنة للحكومة العتيدة، إضافة الى دور الرئيس بري الوطني في درء الفتنة والاستقرار الأمني والقومي على مستوى قضايا المنطقة لا سيما مساعيه لتوحيد موقف الفصائل الفلسطينية.

ففي ملف النفط لم تنجح كل محاولات الضغط الاميركي عبر مجموعة الموفدين الى دفع الرئيس بري للتنازل في ملف ترسيم الحدود وبقي مصراً على حقوق لبنان البحرية والنفطية والبرية، وقد كشف بيان حركة أمل أمس، عن موافقة الأميركيين على السير بـ»اتفاق على ترسيم الحدود البحرية في الجنوب بتاريخ 9/7/2020 وحتى الآن ترفض توقيت إعلانه من دون أي مبرر». وهذا ما دفع بالمسؤول الأميركي ديفيد شينكر للرد على بري بنفي أي اتفاق حول هذا الملف. ما يفسر على أن الأميركيين يحاولون تجميع أوراق الضغط على بري تمهيداً لجولة حاسمة من المفاوضات في ملف الترسيم لانتزاع مكاسب اضافية لـ»إسرائيل» في إطار حاجة إدارة ترامب لحل هذا الملف وتقديمه كإنجازٍ للاسرائيليين وتصويره على أنه نقطة بداية نحو التطبيع الإسرائيلي مع لبنان لاستثماره في الانتخابات الأميركية المقبلة.  

فكيف سيؤثر التصعيد الأميركي الجديد على المبادرة الفرنسية وعلى تأليف الحكومة؟ وهل هذه العقوبات بداية لمسلسل من العقوبات ستطال حلفاء الحزب؟

فقد يكون هدف العقوبات الأميركية التشويش على المبادرة الفرنسية وعرقلة تأليف حكومة جديدة وقد تكون تزويد واشنطن باريس بأوراق ضغط للتأثير على مواقف الأطراف الفاعلة بالملف الحكومي كالرئيسين عون وبري والنائب جبران باسيل، وذلك بعد تلمس الفرنسيين تصلباً في مواقفهم وعدم التزامهم بالمهلة التي حددها الرئيس الفرنسي لولادة الحكومة لا سيما تمسك أمل بحقيبة المالية.

وبحسب معلومات «البناء» فقد دفعت الخطوة التصعيدية الأميركية ثنائي أمل وحزب الله وتحديداً من الرئيس بري بعد ظهر أمس الى التشدّد في مسألة التأليف والتمسك أكثر بحقيبة المالية كردّ على العقوبات. وهذا ما أكدته أوساط أمل لـ»البناء» بإشارتها إلى أن «قرار العقوبات سيدفعنا أكثر للتمسك بحقيبة المال التي تحقق الميثاقية والتوازن بين السلطات والمشاركة الشيعية الفاعلة في الحكم».

فكيف سيواجه حزب الله وأمل والدولة اللبنانية الحرب الأميركية على لبنان؟ لا سيما أن الخطوة الاميركية تشكل خرقاً للمواثيق الدولية واعتداء على سيادة الدولة اللبنانية ومواطنيها؟ فهل ستتوحد الدولة للدفاع عن وزرائها السابقين أم تتجاهل كعادتها حقوقها وسيادتها وتشرع الباب لمزيد من «الفرمانات» الأميركية ضد لبنان؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى