حديث الجمعة

المُضحك.. المُبكي!!

 

كان في سورية صحيفة واسعة الانتشار اسمها (المضحك المبكي) وقد كتب فيها كبار أدباء سورية وصحافييها وشعرائها في زمانها، في تلك الصحيفة كانت تكتب الأحوال السياسية والاجتماعية وحتى الاقتصادية بأسلوب نقدي لاذع، مما (يُبكي) ولكن بأسلوب ساخر يضحك القارئ، وقد تابعها الملوك والبسطاء من عامة الشعب..

نعيش اليوم هذه الثنائيات المتناقضة بوفرة، ضحك وبكاء، انشراح وانقباض، سعادة وتعاسة، وكأن العالم بهلوان في سيرك يقف على رأسه والكل يراقب بوجل!!

المضحك المبكي أننا في التصنيفات العالمية للجامعات مثل (تصنيف التايمز) و(تصنيف كيو إس) و(تصنيف شنغهاي) لا نجد اسماً لجامعة عربية إلّا ما ندر، ولكأنّ الجامعات العربية مهمتها تخريج آلاف مؤلفة من الطلبة فقط ومع هذا وحتى اليوم يتحدثون عن الفاقد التعليمي!!

المضحك المبكي أننا نحتفي بالمبدعين بعد وفاتهم ونسمّي الشوارع والمدارس والساحات بأسمائهم مؤكدين أنهم النخبة وعصارة عبقرية الأمة. يبدو أننا بالفطرة لا نشعر بقيمة المرء إلّا بعد رحيله.

_غولدا مائير _ رئيسة وزراء العدو الإسرائيلي سابقاً وصفت العرب بجملة شهيرة (أمّة نائمة). يبدو أن هذه الأمة كانت وما زالت ونأمل ألّا تبقى نائمة!!

المضحك المبكي أنهم يكرّسون الاهتمام بكل فئات الأعمار إلّا الشباب رغم أنّ شبان اليوم وشاباته هم عماد المستقبل ولا يعوّل إّلا على وعيهم ومشاركتهم في صنع المستقبل.

فهل سنتبع العقل في حياتنا؟ وهل سنصل لنتيجة أن العلم وحده عماد قوة الأمة؟

أم ينبغي علينا أن يبقى التاريخ شاخصاً أمام أعيننا فقط نتذكر ملوك الطوائف في الأندلس وغيرهم الكثير ونبقى أمة نائمة حالمة!!

أّلا ينبغي أن ننهض ونقشّر الجراح؟ أم لم تأت الأوامر بعد!!

مَن يصرف نظر المواطن عن حاجاته الأساسية ويشغله بأتفه نواقص الحياة يشد اللجام نحو زاوية المضحك المبكي!!

مَن يحرف أنظار الشعب عن هويته الحقيقية ويتلاعب بالأكثرية متشدقين بشعارات فضفاضة يعيدون الأكثرية إلى دائرة المضحك المبكي!!

الجميع يجزم أنه لولا خلايا الهدم ما نمى ولم يصحُ الجسم، والمجتمعات التي تخلو من المشاكل مريضة فلا أحد يطالب بالمثالية.

كلّ ما في الأمر أنّ الاكثرية تطالب بعدم تحول هذه الأمراض التي كانت يوماً ما سطحية وعرضية إلى أمراض خبيثة وفتاكة لا تدع أحداً يسلم من شرها.

نأمل ألّا يخسر المواطنون كل شيء دفعة واحدة كي لا تختلط عليهم المشاعر لحظتها ولا ندري مَن سيكون المنتصر ويسجّل هدف الفوز الضحك أم البكاء!!

 صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى