مقالات وآراء

بوادر أزمة في الإيجارات…!

 

} منجد شريف

بدأت تظهر إلى العلن بوادر أزمة جديدة متعلقة بإيجار المنازل والمحال، فبعد وجود ثلاثة أسعار للدولار، استفادت طبقة من اللبنانيين من حصولها على الدولار الطازج بشتى مصادره، وباتت هذه الطبقة تزاحم من حيث لا تدري الذين لا حول لهم ولا قوة غير رواتبهم اللبنانية المتآكلة قدرتها الشرائية أصلاً، بسبب فارق سعر الصرف الواقعي الذي تجاوز الـ ٧ الآف ليرة لبنانية وما فوق، وبدأ البعض وهم كثرة من أصحاب الأملاك بالتحايل على المستأجرين من خلال طلب منازلهم بحجة السكن فيها، ليُصار لاحقاً الى تأجيرها لمستأجر آخر بضعف الإيجار الأول، في سابقة خطرة قد تولد أزمة سكن حقيقية عند ذوي الدخل المحدود.

 وعلى سبيل المثال فإنّ الشقة التي كان إيجارها بحدود 600 دولار أيّ ما كان يعادل 900 الف ليرة على سعر 1515،  صار إيجارها اليوم يزيد عن مليون وثلاثماية ألف ليرة وأحياناً أكثر بحسب موقعها، والسبب ضعف القيمة الشرائية لليرة، ووجود نسبة غير قليلة من الموظفين الذين يتقاضون رواتب بالدولار في لبنان، إضافة إلى ما يتمّ تحويله الى مكاتب التحويلات والبنوك من الدولارات الطازجة من الخارج، فباتت الـ 200 دولار تساروي مليون ونصف المليون وأكثر، وهي قيمة متدنية لمن يتقاضى راتبه بالدولار، وبالتالي فإنّ أيّ موظف يتقاضى راتبه بالليرة ومهما علا شأنه، يستطيع بعد اليوم التوفيق بين إيجار سكنه ومعيشته وتنقلاته، هذا غير قوت عياله ومدارسهم ومأكلهم ومشربهم؟!

وأيّ دور للدولة في هكذا إشكالية مستعصية بين المالك والمستأجر، والإشكالية مبنية على عقد لدى كاتب العدل والعقد شريعة المتعاقدين، وتخوّل المؤجر التحكم بمأجوره بحسب القيود التي يمليها في عقده وتجعله متحكّماً بإخلاء مأجوره ساعة يشاء، من هنا المطالبة من الدولة الكريمة منع أيّ مؤجر بالطلب من المستأجر إخلاء منزله ريثما تعود الأمور إلى طبيعتها كما حصل في ظروف مماثلة إبان الحرب الأهلية، لأنه من المعيب استغلال الظرف الاقتصادي القاهر لفرض واقع أليم على الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة، فكأنه لم يعد ينقصهم غير السكن في الشارع كي يكتمل المشهد المزري لهم الذي بدأ بتآكل القيمة الشرائية لرواتبهم، لينتهي بهم المطاف في خسارتهم للسقف الذي يأويهم.

لقد باتت الغالبية من الموظفين مكشوفة الظهر ومهدّدة بالتشرّد، وبات الموت أهون الشرور في مواجهة هذه المتغيّرات الكبيرة في حياتهم. فهل ستبادر الدولة الى معالجة هذا الواقع المزري من خلال جدول زمني بالمناطق وتثبيت سقف مالي بالليرة اللبنانية للقضاء على هذه الظاهرة، قبل أن تنفجر أزمة سكنية ستهدّد الكثير من الأسر، أم أنَّ على المواطن أن يكون هو الدولة والمواطن في آنٍ واحد، مع ما يستتبع ذلك من مشكلات…؟!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى