مقالات وآراء

الغاز اللبناني والصراعات السياسية

} نادر حسان صفا*

بين التقارير غير الدقيقة التي قدّمتها الشركات النفطية العاملة في بلوك رقم 4 والمكتسبات السياسية الداخلية والخارجية علاقة واضحة. فالمسوحات التي قام بها لبنان من الثنائية الأبعاد والتي وصلت الى 100% من مساحة المياه اللبنانية، و80% من مسوحات ثلاثية الأبعاد، تشير الى أنّ لبنان هو البلد الوحيد الذي قام بهذه المسوحات التي أكدت على وجود الغاز فيه، بهدف تشجيع الشركات على القدوم والاستثمار في مياهه.

لقد كان لإحصائيات USGS العالمية دور كبير أيضاً من خلال النتائج التي قدّمتها آنذاك، والتي أكدت وجود الغاز في المياه اللبنانية. ففي علم الإحصاء حين تصل نسبة شيء ما الى أكثر من 50% فهذا دليل شبه مؤكد على أنه موجود.

تبقى هناك علامات استفهام عديدة نضعها حول النتائج السلبية التي قدّمتها شركة TOTAL وعن أسباب إيقافها حفر آبار استكشافية جديدة على الساحل اللبناني؟

على سبيل المثال أين تقرير الحفر النهائي؟ أين الشفافية في العمل؟ لماذا أخفيت التقارير ولماذا توقف الحفر عند عمق 1200 م ولم يتمّ إكمال الحفر إلى عمق 1800 م و 3200 م؟ هذا يؤكد وجود الغاز في بلوك رقم 4، وانّ البئر الاستكشافي تجاري، ويجب إكمال مسار الأنشطة البترولية والانتقال الى المرحلة الثانية، ايّ مرحلة التقييم وبعدها التطوير للبدء بالانتاج.

هنا نطرح السؤال: هل يتخوّف البعض في الخارج من مستقبل للبنان قد يساعده على التخلص من الوصاية التي اعتاد عليها منذ العام 1920؟ ام انّ هناك مطامع خارجية لكسب نسبة كبيرة من هذا الغاز الذي هو حق لبناني؟

لذلك يجب على الجمهورية اللبنانية وعلى رأسها فخامة الرئيس ميشال عون، ومن يتسلّم الحكومة اللبنانية الآن وفي ما بعد، وخاصة وزارة الطاقة، التحرك ومنع أيّ اختراقات وتجاوزات للحفاظ على حق لبنان في ثروته وحماية حدوده البحرية. فالعدو الإسرائيلي اليوم يستغلّ الظروف الحالية لسرقة مخزون الغاز اللبناني، كما يسعى هذا العدو في المقابل إلى سحب ملف المفاوضات من يد دولة الرئيس نبيه بري، وبالتالي يصبح هذا العدو بحسب ما يعتقد قادراً على الحصول على حصة من بلوك رقم 9 (بنسبة 60% للبنان و40% للعدو) وهذا قطعاً أمر مرفوض لأنّ ما يقوم به الخارج هو انتهاك لسيادة لبنان، الأمر الذي دفع بالرئيس بري لمواجهة كافة الضغوط والتحديات حتى آخر لحظة حفاظاً على ثروة لبنان وحدوده البحرية.

ففي الظروف الصعبة التي يمرّ بها لبنان من تفجير المرفأ والأوضاع الاقتصادية المتدهورة واستقالة الحكومةيكمن اللغز والذي يهدف الى إغلاق وإبعاد أعين اللبنانيين عن الغاز وإتمام ما هو أشبه بصفقة بلوك رقم 9 على نار هادئة.

واليوم تنصبّ جلّ الاهتمامات على حلّ المشكلات الاقتصادية والمالية والأزمات الاجتماعية، رغم انّ الحلول موجودة، وهي الثروة النفطية والغازية التي قد تقلص من مشكلات البلاد كحدّ ادنى 70%. ويعمل الخارج على حرماننا منه، بينما الكيان الاسرائيلي يناسبه هذا الحوار المفبرك الذي يعيشه لبنان، فيحرك الأذرع من عربية وأجنبية لضرب السيادة الوطنية عبر إضعاف الاقتصاد والعملة التي كانت ضمانة اللبناني الوحيدة بثباتها مقابل الدولار. وكما قال الرئيس بري لم يعد ينفع غير

المقاومة للحفاظ على سيادة الوطن والمواطن.

*مهندس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى