أولى

بيان الجامعة العربية نتاج
تبدّل وظيفتها وارتهانها
للإدارة الأميركية

 

 

 رامز مصطفى _

البيان الختامي الذي صدر في نهاية أعمال الدورة العادية الـ 154 للجامعة العربية، والتي عُقدت الأربعاء 9 أيلول الحالي، برئاسة وزير خارجية السلطة الفلسطينية رياض المالكي، لم يكن مفاجئاً على الإطلاق، بعد أن تمّ إسقاط المشروع الفلسطيني الذي يُطالب بإدانة الاتفاق الإماراتي مع كيان الاحتلال الصهيوني، باعتباره خروجاً عن المبادرة العربية للسلام. مكتفياً البيان بتأكيد الالتزام بالمبادرة من دون التعرّض للاتفاق لا من قريب ولا من بعيد.

النتيجة سياق طبيعي لتبدّل وظيفة عمل جامعة الدول العربية في الدفاع عن الحقوق العربية، والحقوق الفلسطينية في المقدمة منها. وبالتالي إلى الهيمنة الغير مسبوقة لدول البترو دولار، السعودي الإماراتي القطري عليها، والتأثير في قراراتها. وكانت أخطر تجليات هذا التبدّل، مع بداية ما يسمّى بـالربيع العربي، عندما دعت مجلس الأمن في آذار 2011، إلى فرض منطقة لحظر الطيران فوق ليبيا، في مواجهة أيّ عمل عسكري ضدّ الشعب الليبي. ومن ثمّ تعليق مشاركة سورية في اجتماعات مجلس الجامعة وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، اعتباراً من 16 تشرين الثاني 2011، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها. وشروعها في آذار 2016 بوصم مقاومة حزب الله بالإرهاب، كرمى لعيون جوقة الدول الرجعية والكيان الصهيوني.

الحديث عن قرار الجامعة العربية، على أنّه قد شكّل سابقة خطيرة في رفضها تبني مشروع القرار الفلسطيني، وبالتالي مثّل خضوعاً مكشوفاً لأنظمة التطبيع، وطعنة في ظهر الشعب الفلسطيني، تسهيلاً وتقاطعاً معصفقة القرنالهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وعناوينها، إنما يعكس رهاناً في غير مكانه وموقعه، عن دول يجمعها كلّ شيء ما عدا مواجهة ومقاومة الكيان ومشروعه الصهيوني، انتصاراً للحق العربي على أرض فلسطين.

إنّ التباكي على ما حمله البيان الختامي من خذلان، يعكس مدى السقوط المدوّي لجامعة تشبه كلّ شيء إلاّ أن تكون عربية، تعمل وفق مشيئة وإرادة الولايات المتحدة الأميركية، كحصان طروادة يعمل على المزيد من الانفتاح والتطبيع مع الكيان الصهيوني، وإقامة التحالفات معه، في تغييرٍ متعمّد لأولويات الصراع، لتصبح في مواجهة إيران وقوى المقاومة في المنطقة. ولكن في الوقت ذاته لا يستطيع أحد أن يُنكر أنّ الحالة الفلسطينية بالمعنى الرسمي، تتحمّل المسؤولية عن هذا التهافت العربي الرجعي، عندما وقعت على اتفاقاتأوسلوعام 1993. لكنّ ذلك لا يُشكل مُبرّراً لتلك الأنظمة، التي ساهمت وعن عمد، في دفع القيادة الرسمية لمنظمة التحرير نحو هاوية التسوية السياسية المُذلة على حساب الحقوق والعناوين الوطنية لقضيتنا، أرضاً وشعباً ومقدسات.

*كاتب فلسطيني

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى