الوطن

أبعد من وزارة الماليّة…

} حسن الدر

ليست وزارة المالية هي العقدة، ولا العقبة في وجه تشكيل الحكومة والبدء بسلّة الإصلاحات المرجوّة

الفرنسيون وغيرهم في الدّول الكبرى لا يغوصون في التّفاصيل، ولا تعنيهم الحسابات الدّاخليّة الضّيّقة، وهدف المبادرة الفرنسيّة أبعد من اسم شيعي هنا وحقيبة سياديّة هناك.

الهدف البعيد وضع رأس لبنان تحت مقصلة التّطبيع، وسوْقه إلى سوق نخاسة الخنوع، والخضوع للإرادة الغربية، وقطع رأس الممانعة لمشروع الشرق الأوسط الجديد، ذي الهوى والهوية الصّهيونية.

جاء ماكرون بوجهه الباسم، ولهجته الهادئة، ولغة جسده الواثقة، تحدّث بأسلوب اللبنانيين، أطلق مواقف تنمّ عن واقعية سياسية، استفزّ حلفاءه عندما تفهّم دور حزب الله كقوّة سياسية منتخبة، وأعطى ممثل الحزب في لقاءاته حيّزاً مميّزاً، توهّم السّاذجون بأنّ الغرب خضع لإرادة الشّعب، وأنّ الأمور ستسير كما تشتهي قوّة الحقّ ومنطق العدل، لم يقرأوا سياقات الأحداث في المنطقة، ولم تصلهم رسائل التّطبيع العاجلة، وقلقلة الأوضاع من العراق الى ليبيا وسورية واليمن!

ضرب ماكرون موعداً لعودته، وغادر لبنان تاركاً مصطفى أديب يعدّ طبخته الحكوميّة، فجاءت العقوبات الأميركيّة على المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير السابق النائب علي حسن خليل على شكل رسالة ذات دلالات متعددة، فهم بري الرسالة وردّ عليها ببيان عالي النّبرة، خلاصته:

حقوقنا البرية والبحرية ليست للمساومة.

لا تجربّونا في موضوع المقاومة.

تشكيل الحكومة شأن لبناني.

وصلت الأمور إلى خواتيمها، الرئيس المكلف تجاهل القوى الوازنة، اختلى ببعض رؤسائه ومرؤوسيه، وسيقدّم تشكيلته دون الوقوف على رأي الثّنائي الشّيعي في ما يخصّ وزارة المال، الّتي يعتبرها الشّيعة حقّاً مكتسباً وبمثابة توقيع ثالث على قرارات الدّولة الأساسيّة.

بعث الرّئيس نبيه برّي رسائله إلى من يعنيهم الأمر، اتّصل ماكرون ولم يستطع فرض رأيه، اعتبر البطريرك الراعي في عظته أنّ الميثاقيّة بدعة، صرّح النّائب جبران باسيل رافضاً تكريس المالية للشّيعة باعتبارها فرضاً للمثالثة، صارت الصّورة أوضح، ما أعلنه مكتب الرّئيس نبيه برّي بأنّ المشكلة داخليّة وليست خارجيّة مثبت بما لا يدعو إلى الشّك!

من المحتمل أن يقدّم الرئيس المكلف مصطفى أديب تشكيلته الحكومية اليوم الاثنين إلى رئيس الجمهورية؛ هل يوقّع الرئيس عون على تشكيلة أديب، فيغضب الثّنائي ويرضي الأميركي والفرنسي؟

وهل يذهب ثنائي حركة أمل وحزب الله إلى مواجهة تبدأ بالميثاقية ولا تنتهي في الشّارع؟

أسئلة كثيرة وكبيرة تجيب عنها أيام قليلة مقبلة، وقد تكون الإجابات تغييراً لصيغة الدّولة والنظام برمّته…!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى