الوطن

السعودية والغطاء الأميركي في شمال شرق سورية

} ربى يوسف شاهين

ازدياد حدة التوترات بين العشائر السورية وميليشيا قسد في الشمال الشرقي، وتحديداً في دير الزور والحسكة، خاصة عقب الاغتيالات التي استهدفت الشيوخ من قبيلة العكيدات، بالإضافة إلى الانتهاكات السافرة بحق المواطنين في منطقة الشمال الشرقي بشكل عام في مناطق تواجد القوات الأميركية، التي تدعم ميليشيا قسد، جعل الوضع العام في المنطقة يستدعي التدخل من أطراف أخرى قد تلقى الإجماع لحلّ الخلاف الحاصل، لا سيما أنّ الولايات المتحدة تُدرك أهمية هذه القبائل العربية السورية، ودورها في قلب الطاولة على الأميركي وقسد معاً، لذلك قامت بإدخال 20 جندياً سعودياً إلى قاعدة الشدادي العسكرية الواقعة في أطراف مدينة الحسكة.

ووفق مصادر إخبارية، فإنّ الجنود السعوديين قد دخلوا برفقة قافلة تابعة للتحالف الأميركي، والتي انسحبت من قاعدة التاجي العسكرية في العراق، واستقرّت في حقل العمر النفطي الذي يُسيطر عليه الأكراد في شرقي سورية.

لا تخفى على أحد التجاذبات السياسية الحاصلة بين عدة أطراف دولية وعربية، فـ تركيا ومنذ احتلالها للشمال السوري، وهي تتذرّع بما تقوم به على أنه لحماية أمنها القومي من الكرد، ومع انتشار وباء الحروب الإرهابية في المنطقة، انقشعت حدة هذه الخلافات كما حدث بين تركيا والسعودية، اللتين تتنازعان على الخلافة في منطقة الشرق الأوسط، فقد غدت الساحة السورية نتيجة الحرب الإرهابية، مرتعاً للسطو السياسي، فما هو الهدف الاستراتيجي من التدخل السعودي في شمال شرق سورية؟

يمكننا ضمن ما سبق، إيجاز الخطوة الأميركية في زجّ السعودية في شمال شرق سورية، لجهة مناحي عدة:

*رغبة واشنطن في احتواء الصراع القائم بين العشائر السورية وميليشيا قسد، لتتمكّن من إنهاء مهامها المتعلقة بسرقة النفط السوري، خشية حدوث انتفاضة شعبية قد تؤدّي إلى إرغامها على الخروج عنوة من الشمال السوري.

*تقديم الجنود السعوديين على أنهم دعاة سلام، مستغلة القرابة بين القبائل العربية تاريخياً، لتكون وسيطاً غير مباشر في تخفيف وتهدئة الأوضاع.

*هي محاولة لردع أردوغان عن تقدّمه في الشمال الشرقي، لتظهر أمام الطرفين السعودي والكردي بأنها حليف قوي لهم.

*استغلال الموقف بدخول الجنود السعوديين للضغط على أردوغان في ملفات دولية أخرى.

*إظهار حسن النية لتقدّم المؤن والأموال للمواطنين السوريين من العشائر وغيرهم، وذلك على حساب السعودية كما صرّح ترامب سابقاً.

*تمكّين السعودية في الشرق السوري على أسس الحماية الحدودية، لجهة أن تكون شريكاً للكرد في منع التمدّد الإيراني عبر الحدود.

*استغلال النزاع القائم لإطالة أمد الحلّ السياسي في سورية، ومنع القبائل من اللجوء الى الجيش السوري والحليف الروسي.

*احتمالية أن تكون واشنطن ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية، أنها أرادت استبدال قواتها بالجنود السعوديين، بعد أن تكون قد دعمت الكرد بالمعدات والقوافل والآليات العسكرية، ليكونوا مشرفين على العمال والفنيين الناهبين للنفط السوري.

مما سبق يتضح لنا، بأنّ الصراع على السيطرة هو المنهج التي تستغله واشنطن لتعزيز سيطرتها عبر وكلائها من الكرد والخليجيين كما فعلت في حربها الإرهابية على سورية واليمن.

في المحصلة ما يجري في شمال شرق سورية، هو نتيجة حتمية لارتهان بعض الكرد للغرب، والذي أدّى إلى تعقيد ملف الشمال الشرقي، على الرغم من المحاولات التي قدّمتها القيادة السورية عبر الحليف الروسي، لردع الكرد عن المضيّ في تحالفهم مع واشنطن، وأنّ الحلّ فقط هو عبر الحوار السوري السوري، والذي يدحض ما يُشاع عن أنّ الكرد ليسوا سوريين، بل هم سوريون والكرة في ملعبهم، ولكن الذي يركلها هو الأميركي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى