ثقافة وفنون

معرضٌ للأطفال… تعاونٌ بين مرسم شغف والمركز الوطنيّ للفنون البصريّة

 

} لورا محمود

أثبتت الكثير من الدراسات  أن للرسم فوائد عديدة في تكوين شخصية الطفل وتنمية قدراته الخيالية والحسيّة، فالرسم يعزز خيال الطفل ويفتح له بوابة التعبير التلقائي عن القصص التي يسمعها والحوادث التي يمرّ بها كما أن الرسم يساعده على التخلّص من المشاكل الانفعالية والانعزالية ويستطيع من خلاله اكتشاف شخصيته وتفريغ كل طاقته السلبية كما ينمّي الحسّ الذوقي والجمالي لديه. وإيماناً منه بكل ما ذكرناه يعمل المركز الوطني للفنون البصرية على استقطاب الأطفال وتقديم المساعدة لهم وأيضاً الأدوات اللازمة ليرسموا ويبدعوا وتقام لهم ورشات عمل دورية بالتعاون مع مرسم شغف وبعد انتهاء ورشات العمل يقيم المركز معرض للأطفال نتاج هذه الدورات والمعرض هذه المرة ضمّ 120 طفلاً وزعت عليهم شهادات تقدير لموهبتهم في نهاية المعرض.

وقد تحدّث رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للفنون البصرية الدكتور غياث الأخرس قائلاً: إن المدرسين المشرفين على الأطفال استطاعوا ان يتعاملوا معهم بالشكل الذي أخرج كل مكنوناتهم ومشاعرهم فهم يمتلكون أسلوباً جيداً في محاكاة عقل الطفل ونفسيته.

ونوّه الأخرس بقوله: نحن في المركز لدينا مشروعنا الخاص بأن نعتني بالأطفال والشباب الذين أصبحوا يقبلون النقد بعد ان أتحنا لهم الفرصة ليقدّموا أعمالهم وقد نجحنا في المركز بإبراز هؤلاء الأطفال والشباب. فالحركة الثقافيّة في سورية في تدنٍّ وانحدار بسبب عدم وجود مشروع حقيقي للعمل الثقافي.

وتابع الأخرس: قدّم المركز للأطفال كل ما يحتاجونه من الأدوات اللازمة للرسم اضافة إلى الإجراءات الوقائيّة التي اتخذها المركز لحماية الأطفال وأتمنى من الأهالي ان يساعدوا أطفالهم وأن يكونوا شفافين معهم من دون أن يشعر الطفل بأن هناك عبئاً عليه.

والتقت «البناء» مديرة مرسم شغف ريم الحايك التي تحدثت عن الجديد في هذا المعرض قائلة: في المعارض السابقة  لم تكن هناك مواضيع محددة للأطفال كي يرسموها تركنا لهم حرية التعبير المطلق ليعبّروا عما يريدونه، لكن هذه المرة كان لا بد أن يكون المستوى أعلى وأن نحدّد موضوعاً معيناً، لذا قررنا أن يكون الموضوع عن الصحة النفسية لدى الطفل وحاولنا أن نشرح للطفل كيفية رسم هذا الموضوع عن طريق تذكيره بمواقف جميلة عاشها مع أهله فهو في الفترة الماضية إضافة لما عاشه طوال سني الحرب فقد عاش أيضاً الحجر الصحي وهنا كان لا بد للطفل من الجلوس في المنزل لفترات طويلة، فتأثرت نفسية الأطفال سلباً، فالطفل عاد إلى المرسم أو المركز وهو في حالة ملل كبير فحاولنا أن يكون الموضوع بعيداً عن الكورونا التي أصبحت حديث الجميع بمن فيهم اهل الطفل، لذلك استبدلنا هذا الموضوع بموضوع اجمل وقصص قيّمة عاشها الطفل خلال حياته.

واضافت: لم تكن هناك صعوبة بالتعامل مع الطفل فهو متعطّش للفنّ وبحاجة لمن يمسك بيده وينتشله من الظروف التي يعيشها. الصعوبة كانت من الناحية التقنية بالعمل. فهناك أطفال جدد ومرات من الصعب أن يفهموا ما نريده ليرسموه على الورق. والمشكلة الأساسية التي واجهتنا أن الجميع يعتقد أن الرسم الواقعي هو الصح بينما نحن نريد من الطفل أن يتعلم مدارس أخرى ويتعرف عليها فنظرته ناقصة لهذا الفن لأن الأهل والمجتمع لديهما هذه الفكرة بأن الفنان الجيد هو من يرسم الأسلوب الواقعي بينما هناك مدارس جميلة لا بدّ من تعلمها.

وتابعت الحايك: هناك أكثر من عمل واحد لبعض الأطفال لأننا نظلمهم إذا عرضنا لهم عملاً واحداً، فهم بالفعل فنانون صغار ويشاركون للمرة الثالثة والرابعة معنا اي أن لهم فترة طويلة والدكتور غياث أثنى كثيراً على الأطفال المشاركين لأن لديهم موهبة حقيقية ونظرة احترافيّة.

أما روان عودة وهي متخرجة فنون ومشرفة على الأطفال، فقالت: المعرض اليوم هو من ورشات متعددة. فالأطفال كانوا مقسمين بين المركز الوطني وبين مرسم شغف. وطبعاً كنا حريصين على ان نستقبل اعداداً معينة بسبب الكورونا كي يكون هناك تباعد بين الأطفال. وبدأنا تقريباً منذ سبعة أشهر وقد عملنا على إخراج كل ما هو جميل عند كل طفل وكان الاهتمام الأكثر على الجانب النفسي والروحي للطفل فقد جعلناه يفرح بما يقوم به والأعمار كانت متفاوتة من أربع سنوات الى الـ 18 سنة. وطبعاً هنا المواضيع كانت مختلفة فالأعمار الصغيرة تركنا لها حرية التعبير بينما الأعمار الكبيرة اخترنا لهم مواضيع أكثر احترافية. وكان هناك رسم ونحت بالصلصال وعلمناهم ايضاً تقنية الكولاج وتقنية التكوينات الهندسية بالماكيت، وهذا موجود في بعض اللوحات.

والتقت «البناء» مع بعض الأطفال المشاركين بالمعرض :

سيلا حسن قالت إن هذه مشاركتها الثانية بالمعرض واليوم تشارك بلوحة رسمت فيها الاحصنة والطبيعة وعبّرت عن فرحتها بالمشاركة وعن محبتها للأساتذه المشرفين على المعرض.

أما يانا بدور وهي مشاركة بمنحوتة قالت انها ستشارك دائماً لأنها أحبت الأساتذة وايضا تعلمت الكثير منهم فهم شجعوها كثيرًا.

يذكر أن مرسم شغف مبادرة شبابية خاصة تستقبل الأطفال بأعمار مختلفة وتعلمهم مهارات الرسم والنحت وفق أسس ومناهج تعليمية متقدمة في هذا المجال بإشراف فنانين مختصين بالفن التشكيلي وقد انطلقت الورشات المشتركة مع المركز منذ عام 2018.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى