أولى

نصف قرن على رحيله
ويسألونك عن عبد الناصر؟

معن بشور

مع إصرارنا منذ رحيل القائد الخالد الذكر جمال عبد الناصر ان نحيي ذكرى كافة المناسبات المتصلة بمسيرة القائد الكبير (ثورة يوليو، الرحيل، الانفصال) كنا نواجه بسؤال ألا يكفيكم العيش في الماضي

لم نكن نحتاج الى أسباب تبرّر حرصنا على تذّكر مثل تلك القامة التاريخية التي عرفتها أمتنا خلال النصف الثاني من القرن الماضي أكثر من تلك الحملات ضدّ الرجل منذ رحيله، وضدّ تجربته ونهجه ومبادئه، والتي لم تتوقف، وهي حملات تؤكد على أهمية الرجل وتأثيره وفعالية دوره الوطني والقومي

ولكن من الأسباب الموجبة أيضاً ان ما شهدته أمتنا منذ نصف قرن حتى اليوم (أيّ منذ رحيل جمال عبد الناصر  في 28/9/1970 حتى الآن) من الأحداث والتطورات والمواجهات مما كان يفرض استحضار الرجل ونهجه ومدرسته في مواجهة التحديات..

فعبد الناصر لم يكن نظاماً، رغم الإنجازات الكبرى وطنياً وقومياً التي حققتها الثورة الناصرية ونظامها، بقدر ما كان نهجاً وخيارات ونموذجاً يجري الاقتداء به من شرفاء الأمة وأحرار العالم.

فهل ننسى جمال عبد الناصر ولاءاته الثلاث (لا تفاوض، لا صلح، لا اعتراف) في زمن هرولة بعض حكامنا الهامشيّين الى التطبيع مع العدو، وسط رفض شعبي كاسح على امتداد الأمة

وهل ننسى عبد الناصر وتبنّيه الدائم لنهج المقاومة التيوجدت لتبقى وستبقى، وما أُخذ بالقوة لا يستردّ إلا بالقوة، فيما تحيط بنا المؤامرات من كلّ حدب وصوب مستهدفة إرادة المقاومة وثقافتها وسلاحها في هذه الأمة من محيطها الى الخليج

وهل ننسى جمال الناصر ووقفات الكرامة التي وقفها مجسداً بذلك شعاره رفعه منذ بداية ثورة 23 يوليوإرفع رأسك يا أخي  فقد ولى عهد الاستعباد، والاستعباد هنا  يعني الاستبداد والاستعمار معاً

وهل ننسى جمال عبد الناصر والعروبة التي حمل رايتها، وخاص معاركها ضد الأحلاف والمشاريع الاستعمارية، في زمن يسعون فيه الى ترسيخ التجزئة لوطننا العربي بل لتفتيت أقطارنا الى عصبيات طائفية ومذهبية وعرقية، وهو الذي كان يؤكد دائماً انّ الوحدة الوطنية هي المقدمة للوحدة القومية

هل ننسى جمال عبد الناصر الذي عاش نظيفاً ونزيهاً ومات نزيهاً ونظيفاً في زمن يصبح الفساد ونهب أموال الشعب وسياسات تجويع المواطنين وتركيع الأمم بالعوز والفاقه هي السمة المهيمنة على حكامنا ودولنا ومجتمعاتنا

هل ننسى جمال عبد الناصر الذي أدخل الى قاموسنا الفكري والسياسي والاقتصادي مصطلحاتالتنمية والتخطيط، فيما نعيش هذه الأيام انكساراً مريعاّ لمشاريع التنمية، وتهميشاً خطيراً لكل تخطيط يخرجنا من حال الفوضى الاقتصادية والاجتماعية التي نعيش

لذلك لا نتحدث عن جمال عبد الناصر كذكرى جميلة من الماضي فحسب، بل أيضاً كحاجة ضرورية لمواجهة تحديات الحاضر، وجسراً وطيداً نعبر بأفكاره وخياراته الى المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى