أخيرة

الحصان السوريّ ما زال رمزاً قوميّاً بليغ الدلالة

روح سورية تبدع بيد فنانٍ نصبَ حصانٍ يعبّ من مائها بلا ارتواء

شذى حمود

يطل حصان في إحدى ساحات دمشق في حي المالكي بروح سورية الذي طالما حمل فرسانها المدافعين عنها ليروي ظمأه من ماء فيجتها مشرفاً على أحياء أقدم عاصمة في التاريخ على شكل منحوتة مزجت بروح العراقية الشامية صنعتها أنامل النحات السوري حسام جنود بارتفاع ناهز أربعة أمتار.

ومن يرى مرسم جنود البسيط والمتواضع يستغرب كيف استطاع ضمن هذا المكان وبأدوات بسيطة إنجاز عمل نحتي كبير بطريقة خرجت عن السائد وحققت رؤية بصرية تركت انطباعاً جميلاً لكل من رآها.

تبقى فكرة الحصان من الأفكار الحاملة مضامين التاريخ وهو الرمز الأصيل في حضارتنا. هذا ما أشار إليه جنود في حديث مع سانا الثقافيّة موضحاً أن الحصان ما يزال يرمز لتاريخنا وهويتنا ويدل على الصمود والكبرياء.

وحول ما أثير عن العمل بأنه تقليد لعمل أجنبي يوضح جنود، بأن منحوتة الحصان الذي يشرب الماء موجودة في العديد من دول العالم، معتبراً أن الفكرة عندما يقدمها فنان بطريقة ما سيقوم فنان لاحق بتطويرها بما يتناسب مع بلده وتاريخه وحضارته وعملية إعادة طرح الفكرة بأسلوب جديد وفق رأيه من أساس تطور الفنون.

ويشير إلى أنه سعى لإضفاء الطابع السوري على المنحوتة ما دفع بعض المختصين بالفن التشكيلي والنقاد لأن يجدوا في هذا العمل روح المشرق والبعد عن الجمود الذي نلحظه في نسخ أخرى.

من محترف صغير انطلقت منحوتة كبيرة

وحتى يعالج جنود الصعوبات التي اعترضته خلال التنفيذ قام بتقسيم العمل إلى مراحل عدة، لأن مرسمه الصغير ليس مؤهلاً لإنجاز منحوتة بهذا الحجم كما صنع حفرة في الأرض ليضع منحوتته فيها معتمداً على خياله كفنان في تحقيق الرؤية البصرية للعمل متجاوزاً صغر حجم المكان وعدم إمكانية مشاهدة العمل عن بُعد.

كان مقرراً رفعه بآذار لولا كورونا

العمل الذي بدأ جنود تنفيذه مطلع العام استغرق إنجازه ثلاثة أشهر وانطلق من مجسّم صغير صنعه وعلى أساسه قام بعملية التكبير، مبيناً أن ظروف الحجر الصحي وإجراءات التصدي لفيروس كورونا حالت دون تسليم العمل في شهر آذار الماضي.

وحول ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي من نزع منحوتة الحصان بعد وضعها ثم تثبيتها مجدداً يلفت جنود إلى أن التثبيت الأولي كان مؤقتاً من أجل تعبئة المسطح المائي ودراسة الرؤية البصرية للمشهد كاملاً خلال ساعات النهار والليل حيث اكتشفت مشاكل فنية متعلقة بالإنارة وكان من الضروري تعديلها من دون وجود المنحوتة وبعد إجراء التعديلات خلال 24 ساعة أعيدت إلى مكانها الأصلي.

حافز لأعمال مقبلة

ويستعيد جنود اللحظة التي رأى منحوتته في مكانها النهائي وما انتابه من مشاعر أنسته كل التعب وخلقت عنده حافزاً ليكون هذا العمل نقطة بداية بالنسبة له وسيدفعه للتأني أكثر في اختياراته المقبلة.

من مادة البوليستر

وحول الخامة التي استخدمها في المنحوتة يذكر جنود أنه استعاض عن البرونز نظراً لكلفته الباهظة بمادة البوليستر المعتق بألوان البرونز وتلوينه بما يتناسب مع النهار والليل والإضاءة.

 

ويقول جنودكفنان تشكيلي أرى هذا العمل النحتي مناسباً كرمز وموضوع وتوقيت في مواجهة ما نمر به من ظروف صعبة ويدل على قدرتنا لمواجهتها»، لافتاً إلى أن هذه التجربة التي خلقت حواراً بين الناس ورفدته بمعايير فنية واجتماعية جديدة لدى اختيار أعماله المقبلة.

منحوتة للجندي البطل

ولم تكن منحوتة الحصان أولى أعمال جنود في إطار فن الشارع بل نفذ سابقاً في جديدة عرطوز عملاً نحتياً للجندي السوري البطل الذي ضحى بأغلى ما يملك دفاعاً عن وطنه.

احتياج الفن للمحبة والصدق

وحول سبل النهوض بالعلاقة بين النحت وعامة الناس يرى جنود أن هذا الفن يحتاج المحبة والصدق والأصالة ليكون أكثر جماهيرية ولا سيما أننا نمتلك الكثير من المقومات والمواهب الفنية الجميلة ومن الضروري ألا تبقى أسيرة للفردية داعياً إلى وضع منهاج حقيقي وتخصيص كادر متمكن في الأكاديميات الفنية لنخرج بنتائج مبهرة تليق بإنساننا المبدع بكل المقاييس والاختصاصات.

عمله المقبل: مرأة سورية تحتضن طفلاً

ويعمل جنود حالياً لإنجاز عمل نحتي يتحدث عن الحرب على سورية وصمود المرأة السورية ودورها في بناء الإنسان حيث تحتضن طفلاً صغيراً بعمر عشرة أعوام وتدفعه للأمام ضمن قاعدة صخرية ترمز للواقع الصعب الذي نعيشه مع إصرارها على الثبات والصمود.

للاستماع للقاء:

https://youtu.be/VDE7SIe9rnw

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى