مانشيت

نتنياهو يتباهى بكشف مواقع الصواريخ… والمقاومة تتحدّاه بالصورة على طريقة ساعر / نصرالله: نمدّ يدنا رغم خطأ ماكرون… الرباعيّ فخخ المبادرة… لا لحكومة تكرّر 5 أيار

رحيل أمير الكويت... وحردان: نحفظ له وقفته مع لبنان وفلسطين ورفضه التطبيع

كتب المحرّر السياسيّ

مع رحيل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، تُطوى صفحة سياسية لم يلوثها التطبيع مع كيان الاحتلال، وتغيب شخصية مخضرمة شكلت عنواناً لمبادرات التسويات في المنطقة، ويحفظ لها اللبنانيون وقفاتها معهم، كما فلسطين، وكل الأحرار في المنطقة لرفض التطبيع، كما قال رئيس الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان.

الحدث الأبرز حاول رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أن يكون محوره بخطف الأضواء عن الإطلالة المقرّرة مسبقاً بالتوقيت ذاته للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، عبر ادعائه من منبر الأمم المتحدة، أنه يملك خرائط مستودعات ومصانع صواريخ حزب الله، يكشفها على الملأ، ليأتي الرد سريعاً بعد دقائق من السيد نصرالله على طريق ما فعلته المقاومة في رد عدوان عام 2006 عندما جمعت البعد العملياتي بالبعد الإعلامي بتدمير البارجة ساعر، وكلمات نصرالله، انظروا إليها إنها في البحر تحترق، فجاء الردّ بأن يتوجه السيد نصرالله خلال دقائق من كلام نتنياهو، بالقول للإعلاميين وعبرهم للعالم، اذهبوا إلى المكان سنلاقيكم هناك، أنظروا إليه إنه كاذب.

استردّ السيد نصرالله زمام المبادرة وبقي كلامه هو الحدث مضيئاً على مخاطر أمنية كبرى تمثلها عودة تنظيم داعش، داخلاً بالتفصيل في سرد المسار الحكومي الذي انتهى باعتذار الرئيس المكلف مصطفى أديب، بسبب قيام نادي رباعي رؤساء الحكومات السابقين بتفخيخ المبادرة الفرنسية بمشروع انقلاب على الدستور بتهميش رئيس الجمهورية، وإلغاء نتائج الانتخابات النيابية وإقصاء الغالبية النيابية، وتحويل الحكومة التي يفترض أن تتمثل الطوائف فيها بصورة عادلة عبر تمثيلها النيابي، من سلطة جماعيّة تعبر عن المكوّنات الطائفية والنيابية والسياسية كافة، إلى مجرد فريق عمل يختاره بالنيابة عن الجميع فريقاً بلون طائفي وسياسي واحد، يمثل بعضاً من الأقلية النيابية، لتصير الحكومة مشروعاً صالحاً لاستعادة التجربة السيئة التي هدّدت الاستقرار الوطني عام 2008 بقرارات 5 أيار، بعدما حدد الملك سلمان لها المهمة هذه المرة، وهي المواجهة مع حزب الله بالتلطي وراء المهمة المتفق عليها ضمن المبادرة الفرنسية وهي الإنقاذ الاقتصادي.

خاطب السيد نصرالله الرئيس الفرنسي بهدوء، مناقشاً في الشكل والمضمون ما ورد في مؤتمره الصحافي، سواء لما تضمنه من تحميل الجميع المسؤولية عن فشل مبادرته، بينما هو يعلم أن مَن أفشلها هو تسليمها لفريق الرباعي، ليتخذها منصة لحكم اللون الواحد، أو لما اعترضها من بوابة التعطيل الأميركي السعودي، عبر العقوبات الأميركية وكلمة الملك السعودي، وفيما أبقى السيد نصرالله الباب مفتوحاً للتعامل الإيجابي مع المبادرة الفرنسية، بعد تنقيحها وتصويبها وتبويبها، توقف أمام لغة التعالي والتهديد التي تضمنتها كلمة ماكرون، معتبراً أن المسّ بالكرامة الوطنية خط أحمر وغير مقبول، وأن إطلاق الاتهامات لتشويه المقاومة واتهامها بالفساد وتغليب المصالح المالية على المصلحة الوطنية، وممارسة الترهيب، أمر مرفوض من دون أي اساس، ويعبر عن لا مسؤولية صاحب الاتهامات، الذي يجب أن ينتبه إلى أن التعامل الإيجابي وتنفيذ الوعود، من جانب المقاومة كان كاملاً، لكن المطلوب من الرئيس ماكرون وفقاً لكلام السيد نصرالله اعتبار لغة التخاطب جزءاً رئيسياً من شروط التعامل الإيجابي.

نصر الله

حذّر الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، من عمل عسكري كبير كانت تعدّ له الجماعات التكفيرية في لبنان، داعياً إلى الحذر والانتباه إلى ما يحضّره الأميركيون للمنطقة من جديد، وأن واشنطن تسعى لتبرير بقاء قواتها في المنطقة تحت عنوان التحالف الدولي لمواجهة «داعش».

وفي كلمة متلفزة عبر شاشة قناة المنار مساء أمس، تناول الشأن الحكومي وما جرى من تفاصيل حول المفاوضات لتشكيل حكومة برئاسة الرئيس المكلف مصطفى أديب.

 كما تحدّى رئيس وزراء العدو الصهيوني ودحض ادعاءاته بوجود صواريخ للمقاومة بين المباني السكنية وقرب منشآت للغاز في الضاحية الجنوبية، داعياً وسائل الإعلام للذهاب في جولة إلى المناطق التي تحدّث عنها نتنياهو مباشرة بعد انتهاء كلمته.

وبعد نهاية كلمة السيد نصرالله نظمت العلاقات الإعلامية في حزب الله جولةً لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة على منطقة الجناحالأوزاعي للاطلاع على حقيقة الوضع هناك وكشف الادعاءات الكاذبة لنتنياهو.

وكان نتنياهو ادعى خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بأن حزب الله يملك مصنعاً لصناعة الاسلحة في عدد من الأحياء السكنية في الضاحية الجنوبية لبيروت ومنطقة الاوزاعيالجناح. وربط نتنياهو بين هذه المنشأة وبين تفجير 4 آب في مرفأ بيروت. وحذر خبراء عسكريون من تمهيد إعلامي سياسي إسرائيلي لشن أعمال عسكرية أو أمنية ضد لبنان لضرب مرافقه الحيوية والتجارية والسياحية بذريعة وجود مصانع للصواريخ.

وفي الشأن الحكومي شدّد الأمين العام لحزب الله على ضرورة مشاركة الحزب في الحكومة، لحماية ظهر المقاومة من جهة كي لا يتكرّر نموذج حكومة 5 أيار 2008، وللحرص على عدم التفريط بما تبقى من البلد اقتصادياً ومالياً وعلى كل الصعد..

وشدّد على أن الرئيس المكلف مصطفى أديب لم يتشاور مع رئيس الجمهورية وتم تقديم ملف جاهز له. وتوجه للفرنسيين بأن ينتبهوا لأن أهم صلاحية لرئيس الجمهورية كانت ستُصادَر.

وأشار إلى أن «من كان يفاوضنا حول الحكومة لم يكن أديب بل الرئيس سعد الحريري، وأن نادي رؤساء الحكومات كان يريد أن يوزع الحقائب ويسمّي الوزراء وحده».

وتابع «نحن كنا سنأخذ علماً فقط بتسمية الوزراء وطريقة التوزيع على الطوائف، ونحن رفضنا طريقة التعامل من خلال تسمية كل الوزراء من دون أخذ رأي الكتل النيابية.. رفضنا ما طرح علينا لأنه خطر على البلد وغير قابل للنقاش».

وأضاف «نحن قلنا إنه يمكن لرئيس الحكومة أن يناقش في أسماء الوزراء وأن يرفض وهذا يزيد من صلاحيات رئيس الحكومة»، مشيراً إلى أنه منذ عام 2005 حتى اليوم العرف القائم هو الاتفاق بين رئيس الحكومة والكتل النيابية على الحقائب والتسمية للوزراء تكون عند الكتل.

وأكد السيد نصرالله أن ما حصل في مسألة الحكومة اللبنانية كان أشبه بفرض حكومة أمر واقع على رئيس الجمهورية، إما أن يقبلها أو يرفضها، وأن ما كان معروضاً خلال الشهر الماضي هو إما أن نقبل بحكومة أمر واقع، أو العقوبات والحصار، وأن ما كان معروضاً هو حكومة يسمّيها نادي رؤساء الحكومات السابقين وقرارها السياسي بالمطلق هو عند طرف سياسي واحد هو جزء من الأقلية النيابية.

وشدّد على أن الطريقة التي حصلت فيها مقاربة الملف الحكومي غير مقبولة في لبنان وهي مضيعة وقت، وأن الطريقة التي جرت فيها الأمور في ما يتعلق بالحكومة غير مقبولة في لبنان أياً كان راعيها أو داعمها.

وذكّر أنه «لطالما قلنا إن سبب وجودنا في الحكومات هو لحماية ظهر المقاومة»، وجدد موقف حزب الله أنه «نحن يجب أن نكون ممثلين في الحكومة لكي نحمي ظهر المقاومة وحتى لا تكون هناك حكومة شبيهة بحكومة 5 أيار 2008»، مضيفاً إلى هذا السبب سبباً جديداً هو الخوف على ما تبقى من لبنان اقتصادياً ومالياً وعلى مختلف الصعد وخوفا على لبنان وعلى الشعب اللبناني وعلى مستقبله، لافتاً إلى أنه في حال تشكّلت حكومة قد توقع على بياض لشروط صندوق النقد الدولي، متسائلاً أليس من حقنا أن نتساءل حول حكومة تحت عنوان الحصول على المال أن تبيع أملاك الدولة، وتلجأ للخصخصة والضرائب لسد العجز؟

وأضاف أنه في حال تشكلت حكومة كما كان يُخطط لها أن تتشكل أول ما ستقوم به هو زيادة الضريبة على القيمة المضافة، وأضاف ألا يحق لنا التساؤل عن حكومة لا نعرف بماذا ستقوم تجاه أموال المودعين في المصارف؟

وشدّد قائلاً «لم نعد قادرين على السماح لأي كان بأن يشكل الحكومة نظراً لدقة وحساسية الوضع الاقتصادي في لبنان».

 وتوجّه للرئيس الفرنسي إيمانويل لماكرون متسائلاً: هل كانت المبادرة الفرنسية تقول أن يقوم رؤساء الحكومات السابقون بتشكيل الحكومة وتسمية الوزراء؟ وأضاف «أقول للرئيس الفرنسي أن يذهب ويبحث عمن أفشل المرحلة الأولى من مبادرته»، وتابع «اِبحث عن الطرف الذي يريد ان يسيطر على البلد وإلغاء القوى السياسية بغطاء منكم».

وأضاف «نحن يا فخامة الرئيس الفرنسي نحن معروفون أننا نفي بوعودنا والتزاماتنا، وعندما نعد نلتزم بوعودنا ونضحّي لنلتزم بوعودنا»… وما تطلبه يتنافى مع الديمقراطية وبأن تنحني الأغلبية النيابية وتسلّم رقابها لجزء من الأقلية».

وأضاف «لا نقبل أن يتحدّث معنا أحد بهذه اللغة».

وتابع «ما يطلبه منا الرئيس الفرنسي يتنافى مع الديمقراطية، وديمقراطية 2018 أفرزت انتخابات نيابية يريد منها ماكرون أن تنحني وتسلم البلاد لجزء من الأقلية النيابية».

وأضاف «ليس لدينا أموال وعائدات مالية لنحميها، ولا نقبل أن يخاطبنا أحد بهذه اللغة».

ولوحظ ان كلام السيد نصرالله جاء مخففاً بالمصطلحات واللهجة التي كانت متوقعة أن تكون أشد. وعلم أن الرئيس نبيه بري أجرى اتصالات عدة بالسيد نصرالله وتمنى عليه تخفيف حدة الخطاب ضد الفرنسيين وترك الباب مفتوحاً للحوار لإنجاح المبادرة الفرنسية وعدم الذهاب للمواجهة مع الفرنسيين. وكانت «البناء» أشارت أمس الأول الى اتصالات ووساطات من قنوات دبلوماسية وسياسية مع حزب الله لتخفيف حدّة خطاب السيد نصرالله ضد الرئيس الفرنسي. وعلمت «البناء» أن اتصالات جرت خلال الساعات الماضية لعقد لقاء بين الفرنسيين وحزب الله، مشدّدة على أن اللقاء سيُعقد خلال ايام قليلة.

«أمل»

إلى ذلك ردت حركة أمل على كلام ماكرون، في بيان لمكتبها السياسي، مشيرة إلى أن «الحركة تستغرب ما ورد على لسانه من اتهامات وتحميل المسؤوليات خاصة للثنائي الوطني (حركة أمل وحزب الله)، بعيداً عن الحقائق ووقائع النقاشات مع الرئيس المكلف»، مذكرة بأن رئيسها الرئيس نبيه بري كان وما زال في طليعة الحريصين على الحفاظ على استقرار لبنان ووحدة أبنائه، وانتظام عمل مؤسساته السياسية والدستورية، والسبّاق إلى إدارة الحوار الداخلي بين مختلف القوى وفي ظروف سياسية معقدة، والداعي إلى قيام الدولة المدنية». ورفضت الحركة «بأي شكل ما جاء من كلام اتهامي معمّم على الأطراف كافة لجهة الاستفادة وقبض الأموال» معتبرةً أنه «كلام يُجافي حقيقة أن الحركة في طليعة من ينادي بالمحاسبة والتدقيق، وإقرار القوانين المتعلقة بذلك، وتعتبر هذا الكلام سقطة سياسية لمطلقه لا تساعد على إنجاح المبادرة التي نحرص على أن تستمر وتحقق الغايات المطلوبة منها في مساعدة لبنان».

باسيل

بدوره، ردّ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على ماكرون بتصريح على «تويتر» قائلاً: «لازم الرئيس ماكرون يعرف من الادارة الفرنسية وارشيفها انو بلبنان، من زمان، ومن ايام الطائف تحديداً، في ناس بتقبض وفي ناس ما بتقبض، التحدي نحنا بعدنا رافعينو بوجه الجميع وبوجه اجهزة المخابرات الدولية والنظام المصرفي العالمي. عم نحكي من حرصنا على استمرار المبادرة الفرنسية ونجاحها».

مواقف تعزية بأمير الكويت

وتوالت مواقف التعزية بأمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح مشيدة بمواقفه المشرفة مع لبنان وقضايا الأمة. ابرزها من رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري ورئيس الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان الذي نعى الأمير الراحل في بيان، وقال: «بألم شديد تلقينا نبأ وفاة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح. فالراحل، قامة كبيرة وشخصية فذة تميّزت بالحكمة والحنكة وصلابة الموقف، وهي صفات طبعت مسيرته على مدى عقود من الزمن في الكثير من المواقع والمسؤوليات، ومن موقعه أميراً لدولة الكويت منذ العام 2006».

وأعرب حردان عن عمق مشاعر العزاء بوفاة أمير دولة الكويت، فإن رحيله في ظرف دقيق تمر به بلادنا، وفي ظل تحديات كبيرة تواجهها، يشكل خسارة كبيرة، ليس للكويت وشعبها وحسب، بل لكل الأمة والعالم العربي. فالراحل الكبير الذي أعز شعبه وشعبه يعزه، كان شديد الحرص على وحدة الموقف العربي وكان مبادراً الى المساهمة والمساعدة في رأب الصدع بين الدول العربية، كما كان داعما للمسألة الفلسطينية ورافضا لكل أشكال التطبيع.

وقال حردان: «نحفظ للراحل الكبير، أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مواقفه الى جانب لبنان والشام وفلسطين، ووقوفه الدائم الى جانب القضايا العادلة، وحرصه على احترام المبادئ والقيم الانسانية، وإعلاء كلمة الحق، رفضا للاحتلال والعدوان والارهاب».

جمود الملف الحكوميّ

في غضون ذلك، سيطر الجمود على الملف الحكومي الذي وضع على رف الانتظار حتى إشعار آخر، إذ لم يسجل يوم أمس، كما الأيام التي تلت اعتذار مصطفى أديب أية اتصالات بين القوى السياسية المعنية بتأليف الحكومة، وقد خيم الترقب والتقييم على المقار الرئاسية ريثما تبدأ حركة مشاورات جديدة بداية الأسبوع المقبل، بحسب مصادر لـ«البناء».

ولفتت المعلومات إلى أن «رئيس الجمهورية يجري عملية تقييم للمرحلة السابقة على أن يبدأ التواصل مع رئيس المجلس النيابي والقوى السياسية لجس نبضهم ورؤيتهم للمرحلة المقبلة ليبنى على الشيء مقتضاه»، مؤكدة بأن لا خارطة طريق واضحة لدى رئيس الجمهورية للتعامل مع الملف الحكومي بانتظار إجراء مروحة الاتصالات»، مشددة على أن «تجربة مصطفى أديب يجب أن تشكل فرصة للاستفادة منها لتحديد معايير وأسس جديدة لعملية التكليف والتأليف».

وأشارت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» الى ان المشهد الحكومي ضبابيّ حتى الساعة ولا يبدو ان هناك حلولاً او تسويات قريبة تؤدي الى تسهيل ولادة الحكومة والمعطيات والعقد لا زالت نفسها ولم تتغير المواقف». وأكدت بأن «رئيس الجمهورية لن يدعو الى الاستشارات النيابية المقبلة قبيل تبلور رؤية واضحة للمرحلة المقبلة وعلى مسار التأليف قبل التكليف لكي لا نقع مجدداً في فخاخ التأليف».

نُذُر أزمات بالجملة

وإذ بدأ الهمس في الكواليس السياسية بالخروج إلى العلن بأن لا حكومة جديدة في المدى المنظور أقله قبل الانتخابات الأميركية وربما للعام الجديد مع اتجاه رسمي للطلب من حكومة تصريف الأعمال تفعيل عملها إلى حد تستطيع اتخاذ قرارات لمواجهة تداعيات الفراغ الحكومي والانقسام السياسي والحصار الخارجي وسط نذر أزمات بالجملة تنتظر اللبنانيين على المستويات النقدية والمالية والاقتصادية والمعيشية والصحية والبيئية والتربوية.

وقد بدأت هذه الأزمات بالظهور في الأسواق منذ اعلان أديب اعتذاره، حيث ارتفع سعر صرف الدولار لتعقبه أزمة محروقات وسط إقفال عدد كبير من محطات الوقود أبوابها بسبب نقص في مواد المحروقات، خصوصاً البنزين، حيث شوهدت طوابير السيارات في المحطات للتزود بالوقود قبل انقطاع المادة فيما عمدت المحطات إلى تقنين المادة لزبائنها. وقد أفادت معلومات «البناء» أن أسباب الأزمة تعود الى ثلاثة أسباب: تأخر مصرف لبنان بمنح الاعتمادات اللازمة لشركات الاستيرادتخزين بعض شركات الاستيراد والتوزيع والمصانع والتجار وعدد من المواطنين للمحروقات خوفاً من انقطاعها وتحسباً لرفع الدعم عنها».

وأشارت مصادر حكومية لـ«البناء» الى أن «حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ المعنيين في الدولة بأن المصرف لم يعد قادراً على الاستمرار بمنظومة الدعم القائم حالياً من الأدوية والمحروقات والقمح والسلة الغذائية والقروض وغيرها من السلع المدعومة من مصرف لبنان»، كاشفة أن رفع الدعم بات قريباً لكن وفق آليات محددة ورفع تدريجي لا عشوائي، فبالنسبة للمحروقات فسيترافق رفع الدعم مع اعتماد نظام دعم بحسب الوضع الاجتماعي للمواطن»، موضحة أن «مصرف لبنان سيصدر آلية البطاقة الائتمانية للمواطنين فيما خصّ المحروقات وفقاً لقيمة رواتبهم، فيصار إلى دعم المحروقات بكمية معينة ولذوي المداخيل المحددة»، لكن وفق المصادر فإن ذلك سيواجه إشكالية تجاه موظفي القطاع العام بعد انخفاض القيمة الشرائية لرواتب الموظفين بعد الانهيار المتلاحق للعملة الوطنية أمام الدولار، ما يستوجب شمول معظم الموظفين بنظام البطاقة الائتمانية»، واقترحت المصادر الحكومية أن يصار الى زيادة رواتب الموظفين بنسبة معينة عوضاً عن نظام الدعم».

وأوضح عضو نقابة أصحاب محطات المحروقات جورج البراكس، أن «الرفع الجزئي سيرفع سعر صفيحة البنزين إلى ما بين الـ 37 ألفاً والـ40 ألف ليرة لبنانية، أما مع الرفع الكلي فسيصل إلى ما بين 65 أو 70 ألف ليرة، وفي هذه الحالة من المتوقع ارتفاع سعر صرف الدولار لتصل الصفيحة إلى 85 ألف ليرة».

ولفت البراكس في تصريح إلى أن «باخرة شحن بنزين ستصل في الايام المقبلة، بالتالي لن ينقطع كلياً هناك شح وانخفاض في الكميات المستوردة حيث تراجعت بنسبة تفوق الـ 35%، بسبب مشارفة احتياطي مصرف لبنان على الانتهاء فيما الاعتمادات التي تفتح لاستيراد المحروقات تتأخّر وانخفضت». أما بالنسبة إلى المازوت، فأوضح البراكس أنه «أفرغ في منشآت النفط في الزهراني وطرابلس بواخر من المازوت وتم تسليمه للسوق أما مادة البنزين فمن المفترض أن توزع اليوم.

ويرى خبراء اقتصاديون لـ«البناء» أن توجّه مصرف لبنان إلى رفع الدعم خلال الأشهر المقبلة بات محسوماً بسبب نقص الاحتياطات المالية لديه بالدولار، وبالتالي ستتفاقم الأزمات الاجتماعية والمعيشية القائمة أصلاً، موضحين أن «التأزم السياسي والحصار الخارجي والفساد الداخلي والمضاربات والاحتكارات وغياب خطة حكومية وقرارات حاسمة بسبب تحوّل الحكومة الى تصريف أعمال ضيق، سيؤدي الى فوضى وتفلت في الأسواق على مستوى مختلف السلع الغذائية والمواد الأساسية كالمحروقات والأدوية»، مشيرة الى أن مواجهة هذه الأزمات واتخاذ القرارات بشأنها من مهمة الحكومة وليس مصرف لبنان ما يجعل إعادة تفعيل حكومة الرئيس حسان دياب حاجة ملحّة ووحيدة متوفرة بين أيدي القوى السياسية في الوقت الراهن بسبب انسداد الحلول السياسية وفشل تأليف حكومة جديدة». واستغرب الخبراء «كيف يقف مصرف لبنان مكتوف الأيدي إزاء عمليات المضاربة في الدولار في السوق السوداء في ظل توفر الإمكانات لديه بالتعاون مع الأجهزة القضائية والأمنية لضبطه ومراقبة وضبط عمليات الاحتكارات للسلع الأساسية والتلاعب بأسعارها». وأكد الخبراء أن الحكومة والمؤسسات المالية والأمنية والقضائية اللبنانية يمكنها اتخاذ قرارات عدة للتخفيف من حدة الأزمات والحفاظ على الامن الاجتماعي مؤقتاً حتى تمر المرحلة الصعبة».

قانون العفو متعثر

التشظي السياسي الذي يعيشه لبنان انعكس على الجلسة التشريعية التي يقعدها المجلس النيابي اليوم وغداً، لا سيما قانون العفو الذي يبدو أنه متعثر ولن يسلك طريقه الى الإقرار بصيغته الحالية، مع اعلان تكتل الجمهورية القوية مقاطعة الجلسة وإعلان كتلة المستقبل رفضها للقانون من دون تعديلات عليه. ما يطرح عقدة امام تمرير القانون هي الميثاقية وفقدان نصاب الجلسة.

وأكدت رئيسة كتلة المستقبل النيابية النائب بهية الحريري أن «الكتلة لن تسير بمسودة قانون العفو بالصيغة التي ورد فيها والمطروحة في الجلسة، لكون الصيغة المقدمة لا تحقق مطلبنا ومطلب الأهالي برفع المظلومية والإجحاف الذي لحق بعدد كبير من الموقوفين، وبالتالي فإن الكتلة تصرّ وتتمسك بأن يلحظ قانون العفو بند تخفيض العقوبات بالصيغة التي تقدمنا بها».

على صعيد آخر، أشارت مصادر رسمية لـ«البناء» إلى أن «الطاقة الاستيعابية للمستشفيات الخاصة لاستقبال المرضى وصلت الى ذروتها وبالتالي توقفت عن استقبال مرضى وباء كورونا وتقنين قاسٍ في استقبال حالات الأمراض الاخرى».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى