الوطن

انطلاق مفاوضات ترسيم الحدود وسط مطالبات بسحب المدنيين من الوفد اللبناني ياسين: نتطلع لإنجاز هذا الملف ضمن مهلة معقولة

 

عُقدت أمس الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة، في خيمة أنشئت خصيصاً لهذه الغاية، مقابل القيادة الرئيسية لقوات الطوارئ الدولية في الناقورة، وحضرها الوفدان اللبناني و «الإسرائيلي» برعاية الأمم المتحدة وبوساطة أميركية.

وحضر عن الجانب اللبناني العميد الركن بسام ياسين، العقيد الركن البحري مازن بصبوص، عضو هيئة إدارة قطاع البترول في لبنان وسام شباط والخبير نجيب مسيحي.

أما وفد العدو «الإسرائيلي» فتشكّل من 6 أشخاص برئاسة مدير عام وزارة الطاقة أودي أدير وعضوية رؤوفين عيزر، المستشار السياسي لرئيس الوزراء ألون بار، رئيس القسم السياسي في وزارة الخارجية العميد أورين سيتر، رئيس القسم الاستراتيجي في جيش الاحتلال أمور حالوتس، رئيس ديوان وزير الطاقة وافيف عياش المستشار الدولي لوزير الطاقة.

وضمّ وفد الأمم المتحدة ممثل الأمين العام للمنظمة الدولية في لبنان يان كوبيتش وقائد «يونيفيل» الجنرال ستيفانو دل كول، في حين تألّف الوفد الأميركي الوسيط من سبعة أشخاص برئاسة مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر والسفير الأميركي السابق الذي سيكلّف متابعة الملف جون دورشر.

وكان الوفد اللبناني وصل على متن ثلاث مروحيات حطّت في الناقورة، كانت انطلقت من بيروت، وتوجه بعدها إلى رأس الناقورة.

 وبعد الاجتماع الذي استمرّ حوالى الساعة، حُدّد الإثنين 26 الجاري موعداً للجولة الثانية.

وألقى العميد الركن ياسين كلمة خلال الجولة الأولى من المفاوضات، قال فيها «لا بدّ في البداية من التنويه بالرعاية التي يتولاها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لملف التفاوض التقني غير المباشر، والتي من المفترض أن تقود إلى ترسيم الحدود الجنوبية باستضافة الأمم المتحدة وتحت رايتها وبوساطة مُسهَلة من الولايات المتحدة الأميركية».

وأشار إلى الجهود التي بذلها رئيس مجلس النواب نبيه برّي «لإيصال هذا الملف إلى خواتيمه لجهة إطلاق عملية التفاوض، كذلك تأكيد الدور الذي يقوم به قائد الجيش العماد جوزاف عون، من خلال متابعته لتثبيت السيادة الوطنية على الحدود اللبنانية وتمكين لبنان من استثمار ثرواته الطبيعية من نفط وغاز ضمن منطقته الاقتصادية الخالصة التي يحفظها القانون الدولي».

ولفت إلى «الدور الذي ستقوم به الأمم المتحدة والتي نجتمع اليوم تحت مظلتها، آملاً قيامها بجهد أساسي فاعل لجهة تنظيم آليات التفاوض وحُسن سير العملية التفاوضية».

وأوضح «ان لقاءنا اليوم سيُطلق صفّارة قطار التفاوض التقني غير المباشر، ويُشكّل خطوة أولى في مسيرة الألف ميل حول ترسيم الحدود الجنوبية، وانطلاقاً من مصلحة وطننا العليا نتطلع لأن تسير عجلة التفاوض بوتيرة تمكننا من إنجاز هذا الملف ضمن مهلة زمنية معقولة».

وأكد «اننا هنا اليوم لنناقش ونفاوض حول ترسيم حدودنا البحرية على أساس القانون الدولي، واتفاقية الهدنة عام 1949 الموثّقة لدى دوائر الأمم المتحدة، واتفاقية بوليه/ نيوكومب عام 1923 وتحديداً بشأن ما نصّت عليه هذه الاتفاقية حول الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة براً».

وختم «في المقابل، فإننا نتطلع لقيام الأطراف الأخرى بما يتوجب عليها من التزامات مبنية على تحقيق متطلبات القانون الدولي والحفاظ على سريّة المداولات، وإن تثبيت محاضر ومناقشات اجتماعات التفاوض التقني غير المباشر، كذلك الصيغة النهائية للترسيم يتمّ بعد تصديق السلطات السياسية اللبنانية المختصة عليها».

واعتمدت اللغة الانكليزية في الاجتماع وتحدّث الوفد اللبناني بالعربية مع ترجمة فورية للغة الإنكليزية.

ورفض الوفد اللبناني التقاط صورة تذكارية مع الوفد «الإسرائيلي».

وفور العودة إلى بيروت استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في  قصر بعبدا، العميد الركن ياسين، واطلع منه على وقائع الاجتماع الأول من المفاوضات غير المباشرة، وتمّ عرض المواقف التي صدرت من الأطراف المشاركين في الاجتماع.

رفض ضمّ الوفد مدنيين

في غضون ذلك، توالت المواقف الرافضة لضمّ الوفد اللبناني شخصيات مدنية وفي هذا الإطار، صدر عن قيادتي حركة «أمل» و»حزب الله» بيان جاء فيه «تعليقاً على تشكيلة الوفد اللبناني المفاوض حول ترسيم الحدود، يهمنا تبيان ما يأتي: إن اتفاق الإطار الذي أعلنه الرئيس نبيه برّي حول مفاوضات ترسيم الحدود قد أكد في مقدمته على الانطلاق من تفاهم نيسان عام 1996 ومن القرار 1701 واللذين على أساسهما تُعقد اجتماعات دورية بين ضباط عسكريين حصراً، وبالتالي فإن تشكيل الوفد اللبناني بالصيغة التي وردت وضمه لشخصيات مدنية، مخالف لاتفاق الإطار ولمضمون تفاهم نيسان، وبالتالي إن موقف حركة أمل وحزب الله وانطلاقاً من التزامهما بالثوابت الوطنية ورفضهما الانجرار إلى ما يريده العدو الإسرائيلي من خلال تشكيلته لوفده المفاوض، والذي يضم بأغلبه شخصيات ذات طابع سياسي واقتصادي، يعلنان رفضهما الصريح لما حصل واعتباره يخرج عن إطار قاعدة التفاهم الذي قام عليه الاتفاق، وهو ما يضرّ بموقف لبنان ومصلحته العليا ويشكّل تجاوزاً لكل عناصر القوة لبلدنا، وضربة قوية لدوره ولمقاومته وموقعه العربي ويمثّل تسليماً بالمنطق الإسرائيلي الذي يريد أي شكل من أشكال التطبيع».

وأضاف «إنّ حركه أمل وحزب الله يطالبان بالمبادرة فوراً إلى العودة عن هذا القرار وإعادة تشكيل الوفد اللبناني بما ينسجم مع اتفاق الإطار».

من جهته، جدّد «اللقاء التشاوري» في بيان بعد اجتماعه الدوري في دارة النائب عبد الرحيم مراد «تأييده الشروع في مفاوضات غير مباشرة لترسيم الحدود البحرية والبرية مع فلسطين المحتلة، وفق إطار المفاوضات الذي أعلنه الرئيس نبيه بري كمفاوضات بين عسكريين أسوة بمفاوضات عناقيد الغضب وتفاهم نيسان عام 1996، وذلك بإشراف الأمم المتحدة، لاستعادة الحقوق وخدمة المصلحة الوطنية، وليس بأي صيغة تلمّح لمفاوضات ذات بعد سياسي».

واستغرب «إشراك مدنيين في الوفد المفاوض إلى جانب العسكريين»، وطالب «بإبقائهم مستشارين عن بعد، وألاّ يحضروا هذه المفاوضات لعدم إضفاء أي صبغة سياسية أو غير سياسية لهذه المفاوضات».

وأبدى «استغرابه لتجاوز صلاحيات رئاسة الحكومة في عملية تأليف الوفد اللبناني»، مؤكداً «دور الرئيس حسان دياب في كونه شريكاً في تأليف الوفد وإدارة المفاوضات كمرجعية إلى جانب رئيس الجمهورية وذلك عملاً بنص المادة 52 من الدستور».

بدوره، قال النائب اللواء جميل السيّد عبر حسابه على «تويتر» : «الدولة منقسمة على تركيبة الوفد المفاوض حول تثبيت الحدود، البعض يريده مؤلفاً من عسكريين فقط، والبعض يريد تطعيمه بخبراء مدنيين، لكن الجميع، وعلى رأسهم العماد عون، متفقون على إستعادة كل الحدود، إذن، التباين اللبناني هو على الشكل، وربما تفهم منه إسرائيل أنها مرفوضة بالشكل والمضمون».

وطالب «تجمّع العلماء المسلمين» في بيان، الرئيس عون والحكومة اللبنانية بسحب الشخصيات المدنية من الوفد المفاوض وحصره بالضبّاط العسكريين، مؤكداً إصراره على «الالتزام بالضوابط التي كانت عليها المفاوضات غير المباشرة السابقة في العام 1996 وبتنفيذ القرار 1701 الذي عقدت على أساسه لقاءات دورية بين ضباط عسكريين حصراً».

وأكدت «جبهة العمل الإسلامي» في بيان «أحقية لبنان الاستفادة من ثرواته الطبيعية سواء البرية أم البحرية». وأشارت إلى أن «الإطار التفاوضي لترسيم الحدود هو من أجل ضمان وحفظ تلك الحقوق والثروات العائدة له»، مشددةً على «ضرورة عدم وجود شخصية مدنية في الوفد اللبناني، كي لا نقع في المحظور الذي يحاول العدو الصهيوني الغاصب إيقاعنا فيه محاولاً إخراج الإطار التفاوضي لترسيم الحدود عن مساره الطبيعي، من خلال نصب هذا الشرك أو الفخ للبنان، بعد تشكيل العدو الصهيوني لوفده العسكري والمتضمن شخصية مدنية سياسية أو أكثر».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى