حديث الجمعة

زمن الأمانة ماذا حلّ به؟؟

قرأت عن تجربة مذهلة لقياس أمانة الناس أثمرت نتائج غير متوقعة، وفي هذه التجربة ألقى باحثون 17 ألف حافظة نقود من أبنية عامة، مثل البنوك والفنادق ومراكز الشرطة ومكاتب البريد والمحاكم، في ثماني مدن هندية لفحص أمانة الناس. كانت بعض هذه الحافظات خالية من النقود، وكان بعضها الآخر يحتوي 230 روبية أي ما يعادل (3.30) دولاراً، وكانت كل حافظة تحتوي على ثلاث بطاقات عمل تحمل معلومات تحدد هوية صاحبها، ورصد الباحثون إبلاغ 43 في المئة من الحافظات التي كانت تحتوي على أموال، بينما كان الرقم أقل بكثير بالنسبة للحافظات الخالية من النقود، حيث أعيد 22 بالمئة منها فقط، وكان ذلك برهاناً على أن أمانة الناس ما تزال بخير في تلك الدولة.

والآن بالعودة إلى الدول العربية نقرأ أخباراً عديدة مفادها قلة الأمانة بين الناس وبالأخص إذا حاولت أن تستمع إلى ما يحصل في أروقة المحاكم من تداول مثل هذه الأحاديث فعلى سبيل المثال يحدثنا أحدهم أن قضية طلاق كان سببها الرئيس أن الزوج قد ضبط زوجته وهي تسطو على مال في جيب ملابسه، أمّا الزوجة فتبرر تصرفها وتنعت زوجها بالبخيل!! وربما ستحتفل بطلاقها على شاكلة المرأة الموريتانية التي تستقبل الطلاق بحفل بهيج تدعو إليه صديقاتها وقريباتها، أو تكسر عدداً لا بأس به من الفخاريات احتفالاً بطلاقها على الطريقة اليونانية!!

وهل كان البخل يوماً يستوجب على الزوجة السرقة؟؟ شتان بين هذه الزوجة والذين أعادوا حوافظ المال التي عثروا عليها لأصحابها ولو كان مواطن عربي عثر على حافظة تحوي مبلغاً لا بأس به ولن نشطح الخيال ونقول كبيراً سيأخذ المحفظة بعد أن يطربنا بجملة (يا عمي والله هي رزقة الي اجتني من السما معقول رجعا)!!

أو دعونا نتخيّل أن هذه الحافظات وضعت على طاولات المسؤولين العظماء في قطاعات العمل المختلفة، ترى كيف ستكون ردات الفعل التي تسبق تصرفهم والذي يجزم الجميع بأمانته ونزاهته، بالطبع لن يعتبروها رشوى فالرشوة أساليبها معروفة، ربما أول عمل يقوم به هو الدعاء والتبهيل أن تكون هذه الحافظات تحوي على الدولارات الخضراء اللون فهم اعتادوا القلم الأخضر والحياة الرغيدة الخضراء ولا بد أن تتحور النقود أيضاً إلى اللون الأخضر بدلاً فئة الألف مثلاً، ويجب أن تحوي على ما يرغبون. فمن يستطيع أن يخالف لهم دعاء أو رجاء والجميع يثق بنزاهتهم المشروعة!!

وعلى الجانب الآخر نجد بائع تجوال يصيح بما تبقى لديه من صوت في حباله الصوتية لتلميذ مدرسة أعطاه خمسمئة ليرة ونسي أن يعيد له المتبقي منها.. يقول بصوت عالٍ: «عُد يا ولدي وخذ المئة ليرة فهي من حقك وليست من حقي فأنا لم أطعم يوماً أولادي سوى من تعبي وعرقي»..

صباح برجس العلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى