مرويات قومية

وكيل عميد الدفاع المسؤول عن حراسة سعاده الرفيق سليم إسبر خوري

 

كما قرى وبلدات عديدة في منطقة الغرب، فإنّ بلدة عيناب عرفت الحزب منذ أوائل سنوات التأسيس، وبرز منها الأمينان منير الشعار وعادل الشعار والرفيق سليم خوري الذي كنت عرفته جيداً(1)، وكنت أتردّد للاطمئنان عنه في منزله في رأس بيروت (شارع السادات) وفي منزله الصيفي في ضهور الشوير، فألتقي به وبعقيلته الفاضلة الرفيقة إنعام بعقليني.

أسجّل، ربما للمرة العشرين، أن تاريخ العمل الحزبي في منطقة الغرب لم يدوّن، ورغم أني كتبت عن عدد من الأمناء والرفقاء المناضلين وسعيت جاهداً كي أكتب عن آخرين، ودعوت رفقاء كي يدوّنوا معلوماتهم عن رفقاء شهداء أو مناضلين، من آباء أو أشقاء، وأيضاً أن يساهموا معنا في حفظ ما يفيد تاريخ حزبنا في منطقة الغرب، إلا أني لم أجد التجاوب المطلوب والمفيد لتاريخنا، بحيث بقي تاريخ العمل الحزبي في بلدات أخرى عرفت الحزب منذ الثلاثينات، ينتظر من يهتم به.

ندعو كل معنيّ أن يراجع النبذات الكثيرة التي حققتها لمصلحة تاريخ العمل الحزبي في منطقة الغرب على الموقع التالي: www.ssnp.info عساه يحمل معنا مسؤولية العمل لتاريخ الحزب.

 

عن الرفيق سليم إسبر خوري هذا القليل مسجلاً أسفي أني حتى تاريخه، لم يصلني ان مذكراته قد طُبعت، كما اني لم أحصل على مسودة عنها.

*

الكلمة التي أوردتها عند رحيله ضمن نشرة عبر الحدود بتاريخ 22/6/2010.

« وافت المنية الرفيق سليم إسبر الخوري عن عمر ناهز الخامسة والتسعين. كان الرفيق سليم أول رفيق ينتمي إلى الحزب في عيناب، وتولى في أربعينات القرن الماضي مسؤوليات وكيل عميد الدفاع، رئيس حرس سعاده، إذ عيّنه الزعيم المسؤول الأول المباشر أمامه عن سلامته وسلامة عائلته منذ إلغاء مذكرة التوقيف سنة 1947 حتى حادثة الجميزة، وكان قبل ذلك تولّى مسؤولية ناموس مجلس العمد، ومنفذاً عاماً للطلبة عام 1942، ثمّ المسؤول الحزبي عن المخيمات، ومن منظّمي مهرجانات الحزب، منها في عيناب، بعقلين وضهور الشوير.

نضاله هذا جعل الحزب يمنحه وسام الواجب بتاريخ 02/12/2005، وحمل الرقم 08/74.

*

وُلد الرفيق سليم في 11/12/1915. اقترن عام 1964 من الرفيقة إنعام بعقليني التي فارقت الحياة قبل سنتين بعد صراع مرير مع الداء العُضال، ومنها أنجب كلّاً من الدكتور ألبير، وهو طبيب عيون مشهور، غريس عقيلة الدكتور روجيه زغرب، دوريس عقيلة الدكتور باسم أنطون، وجويس عقيلة الدكتور إيلي عيد.

يشيّع الرفيق سليم الساعة الثالثة من يوم الأربعاء الموافق 23/6/2010، في الكنيسة الإنجيلية الوطنيةزقاق البلاط، وتتقبل عائلته التعازي في صالون الكنيسة يوم الخميس 24/06، من الساعة الحادية عشرة لغاية الواحدة ظهراً، ومن الثالثة لغاية السابعة مساءً.

كان الرفيق سليم منكبّاً حتى آخر سنوات عمره على كتابة مذكراته الغنية، وكان يتمتّع بذاكرة عجائبية وحضور ذهني متوقّد لم تؤثّر فيه الشيخوخة.

عميد شؤون عبر الحدود، وقد عرف الرفيق سليم جيداً، ينضمّ إلى عائلته في حزنها على رحيله.

يبقى الرفيق سليم في ذاكرة حزبه ووجدان رفقائه، لما تميّز به من نشاط وإيمان عقائدي رافقه حتى آخر لحظة من حياته.

 

والخبر الذي أوردته ضمن نشرة عبر الحدود بتاريخ 24 حزيران 2010:

« في حضور لافت في الكنيسة الإنجيلية الوطنية في زقاق البلاط، شيّع الرفيق سليم خوري، بمشاركة مركزية تمثّلت بحضرة عميد شؤون عبر الحدود الأمين لبيب ناصيف ووكيل عميد الإذاعة والإعلام في الشام الأمين كمال نادر.

كلمة القس حبيب بدر عبّرت عمّا كان عليه الرفيق سليم خوري في حياته، مشيراً إلى التزامه بالقضية السورية القومية الاجتماعية، كما شقيقيه الرفيقين ألبير وألفرد.

كلمة العائلة ألقاها السيد أسعد خوري عبد الكريم متحدثاً عن مزايا الرفيق الراحل، عن حضور ذهنه وذاكرته، وشارحاً انكباب الرفيق سليم وهو في التسعين من عمره على كتابة مذكراته بتفاصيلها، كأنه يحياها اليوم. كما نوّه ببناء الرفيق سليم لعائلة ناجحة ومتميزة بحضورها.

 

من مذكراته التي كنت حصلت عليها بخط يد الرفيق سليم خوري.. قوميّو عيناب

أعتقد أنني كنت أول قومي في عيناب، ولكنني لم أكن أحضر إليها إلا ليوم واحد كل أسبوع أو أسبوعين، لأنّ معظم وقتي بين السنوات 1936 – 1941 كان منحصراً في بلدة الخنشارة والجامعة الأميركية في بيروت خلال السنة المدرسية، وفي ضهور الشوير طيلة الصيف.

جاء بعدي سليم شاهين زيدان (2) وأخوه فارس (مات شاباً) وكامل زيدان وعفيف نسيب زيدان وعادل ملحم زيدان وتوفيق زيدان وحمد زيدان وسواهم من عائلة زيدان، علماً أنني أذكر أسماء الأقدمين فقط. وعندما أتيت إلى عيناب صيف سنة 1942، أبَيت أن ينحصر الحزب في عائلة زيدان فقط، فأدخلت أخويّ ألبرت وألفرد إسبر خوري في الحزب، كما أدخلت منير سعيد الشعار (الأمين) وأخاه سمير وعزت الشعار وأخوَيه، وحمدان ونجيب يوسف الشعار وجميل شرف الدين الشعار ونجيب جميل إسماعيل الشعار، وأصبحت مديرية الحزب من أنشط مديريات منفذية الغرب وتضمّ أكثر من ثلاثين رفيقاً.

عندما توفّي الرفيق عفيف نسيب زيدان في شرخ مطلع شبابه، حملنا لنعشه علم الحزب وروداً مرصوصة بالزنابق البيضاء والورود الحمراء، وصبغنا بعض الأزهار باللون الأسود وحملت وشقيقاي هذا العلم إلى عيناب ووضعناه فوق رأسه، فكان لهذا الأمر الأثر الفعّال في النفوس، ثمّ أبعدنا النسوة من حول النعش وودّعه جميع القوميين الحاضرين بالتحية الحزبية قبل نقله إلى المدفن.

كان أخواي ألبرت وألفرد يصنعان لمديرية عيناب زوبعة من الحديد بقطر ثلاثة أمتار على «سقالة» تجمع قطعها في منطقة الخلوة من تلة عيناب، التي تشرف على الساحل من الدامور إلى جونية ومن صوفر حتى ضهور الشوير، ويضعون الرماد المليء بالكاز في أوعيتها المتلاصقة على الزوبعة ويضيئونها ليلة أول آذار، فتراها جميع قرى المنطقة.   

 

وعن كيفية مغادرة سعادة لبلدة ضهور الشوير متوّجهاً الى دمشق فعمان، طبريا، حيفا مغادراً الى قبرص فإيطاليا(3) يقول الرفيق سليم:

بعض قوميي الشوير وضعوا مشروع خطة انتقال الزعيم، ولكن الزعيم عدّلها بحيث أصبحت كالآتي:

يجب سلوك الطرق الفرعية قدر الإمكان لتجنّب إمكان الاصطدام بالحواجز الفرنسية التي قد تتواجد على الطرقات العامة الرئيسية.

سيارة الحرس يجب أن لا تثير الشبهة، وهكذا السيارة التي سيكون الزعيم فيها.

يتم الانطلاق ليلاً من ضهور الشوير باتجاه الهرمل أو بلدة القاع، حتى الالتقاء بطريق حمصدمشق.

تنطلق سيارة الحرس في المقدمة وتتبعها السيارة التي فيها الزعيم.

سائقا السيارتين يجب أن يكونا قوميَن مشهود لهما بالشجاعة والإقدام والذكاء الفطري، اللذين يعرفان جيداً كيف يسلكان الطرق الفرعية  (أو طرق المهربين) بين القطرين الشامي واللبناني.

في الوقت المحدد من مساء 11/6/38 ركب الزعيم السيارة العمومية للقومي، جبل الإخلاص الفطري، «ميشال أبو فرفر» (ميشال أبو صعب) من الشوير. لم يذكر لي أحد أن الأمين جورج عبد المسيح كان معه، فقد يكون وقد لا يكون، والأمين فريد الصباغ أهم العارفين بالحقيقة. أما السيارة الثانية فقد كان فيها الرفقاء الحراس وديع إلياس مجاعص، فريد الصباغ، أنطون نهرا، فؤاد فرح مجاعص(4) ومتري أبو زيد مجاعص، المصممين على فداء الزعيم بأرواحهم.

وصلت السيارتان إلى دمشق بسلام، بعدها انتقل الزعيم إلى الأردن ففلسطين فقبرص.

 

هوامش:

 

(1) قبل ذلك كان يحدثني الرفيق جان نادر عن رفيقين، الفرد والبير خوري (شقيقا الرفيق سليم) اللذين كانا يملكان محلاً للحدادة على طريق الشام، (مقابل كلية الطب الفرنسية) الى جوار محل والده الرفيق ميشال نادر.

(2) سليم زيدان: كان يملك محلاً في جوار منزلنا في المصيطبة، يعمل فيه ابنه الرفيق فؤاد، من بعض اشغاله تصليح بنادق واسلحة. كنت امرّ الى المحل في طريقي الى شارع مار الياس، وكنت على صداقة قوية بأبنه الرفيق نبيل الذي كان موظفاً في مصرف Eastern Bank وعرفته ناظراً للإذاعة  في منفذية الغرب الى جانب المنفذ العام الأمين محمد سلامة عبد الخالق، وصديقاً حميماً للرفيق ألك كسيب (مراجعة ما كتبت عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info). غادر الرفيق نبيل الى الولايات المتحدة حيث ما زال مقيماً، وتوفي الرفيق سليم، ثم تبعه ابنه الرفيق فؤاد.

(3) مراجعة الدراسة المعممة بعنوان «سعادة في الاغتراب القسري» على الموقع المذكور آنفاً.

(4) فؤاد فرح: من الرفقاء الذين كان لهم حضورهم النضالي . كنت عرفت عقيلته الفاضلة «الست ظريفة» ونشرتُ كلمة وفاء عنها عند رحيلها. للاطلااع مراجعة الموقع المذكور آنفاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى