أولى

ماكرون عندما ينفذ
أهداف خصمه أردوغان…!

 باريسنضال حمادة

بعد العملية الإجرامية التي وقعت أمام كنيسة في مدينة نيس الفرنسية، وفي تصريح جديد له بدا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكثر اعتدالاً اتجاه الجالية الإسلامية في فرنسا ولأول مرة منذ بداية الأزمة عندما أعلن في خطاب له عن أزمة الدين الإسلامي ومن ثم عند حصول جريمة الأستاذ الذي قُتل بسكين شاب شيشاني بسبب الرسوم المسيئة للرسول الأكرم، للمرة الأولى تحدث الرئيس الفرنسي عن مجموعة واحدة في فرنسا هي المجموعة الوطنية، وغيّر من تعابيره عندما تكلم عن الإسلاميين ولم يتكلم عن الإسلام، فيما يبدو انه أتى نتيجة نصيحة بتغيير خطابه، وليس معروفاً لحد الآن مَن نصح ماكرون بتبني خطاب متطرّف وهجوميّ ضدّ الإسلام كدين في بداية الأزمة.

اكتشف ماكرون والمحيطين به بعد عشرة أيام من افتعال الصدام أنه قدّم للرئيس التركي رجب طيب أردوغان كل ما يريده ويتمناه عندما فتح معركة غير مفهومة الأسباب ضد الإسلام، اللهم إلا الأسباب الانتخابية.

لقد أصبح أردوغان المدافع الأول عن النبي الأكرم محمد بسبب سجالاته مع ماكرون وتصريحاته اليومية بهذا الشأن، ويبدو أنّ هناك في أوروبا من نصحه بتغيير لهجته وتعابيره في هذه المعركة، لأنّ خصمه أردوغان هو الرابح الأكبر، كما تشير معلومات صحافية إلى أنّ ألمانيا رفضت الدخول مع فرنسا في موضوع مقاطعة أوروبية لمنتجات دول قد تقاطع البضائع الفرنسية.

فرنسا التي ذهبت إلى ليبيا وأسقطت القذافي ودعمت الإسلاميين المتطرفين هناك ترى بأمّ عينها اليوم روسيا وتركيا تحتلان المشهد الليبي فيما هي غائبة كلياً عنه، وفرنسا أيضاً التي دعمت كلّ الجماعات المتطرفة في سورية لإسقاط النظام هناك وشكلت رأس الحربة في مجلس الأمن الدولي لتكرار التجربة الليبية في سورية، ترى بأمّ عينها روسيا وتركيا تحتلان المشهد السوري فيما هي خارج اللعبة تماماً، ونفسها فرنسا ترفض منذ سنوات التعاون مع الدولة السورية في المجالات الأمنية والآن تلجأ للروس للحصول على معلومات عن سلفيين حاربوا في سورية وعادوا الى أوروبا، أما في لبنان فيبدو أنّ المبادرة الفرنسية انتهت او لن تبصر النور إذا اتخذت الحرب بين فرنسا وسلفييها مساراً تصاعدياً.

في كلّ الأحوال هناك عودة الى العقلانية من جانب الرئيس الفرنسي، في مقاربة الأمور وتوجيه الاتهامات وتوزيع الهجمات يميناً ويساراً بعدما اكتشف أنّ الذي استفاد من هذه الأخطاء خصمهم اللدود تركيا وأردوغان تحديداً. وهذا أمر جيد للعلاقة الفرنسية مع مليار ونصف مليار مسلم عسى أن تستمرّ العقلانية لتنهي هذا الصراع المفتعل والمكلف للجميع

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى