الأمين إيلي لاظ الثابت على إيمانه
الأمين د. إدمون ملحم
سمعت عنه وعرفت كثيراً قبل أن أتوجه إلى أستراليا مرافقاً لحضرة رئيس الحزب في حينه، الأمين عصام المحايري، فتعرفت إليه شخصياً وعرفت مكانته اللافتة في الإذاعة والثقافة القوميتين الاجتماعيتين، إلى تجسيد واعٍ لكثير من فضائل الالتزام القومي الاجتماعي.
لعلّ الكلمة التي نشرها الأمين الدكتور إدمون ملحم أفضل وصف صادق عن الأمين الراحل إيلي لاظ، ننشرها كما وردتنا من منفذية ملبورن، متقدمين منها، منفذاً وأمناء ومسؤولين ورفقاء بالتعزية الصادقة عن رحيل أحد الذين تميّزوا فكراً ونضالاً وثباتاً على العقيدة والتفاني الدائم في سبيل انتصار النهضة.
ل. ن.
* * *
منذ أيام قليلة فقدنا الأمين إيلي لاظ بعد أن غلبه المرض، فرحل عنا بجسده عن عمر 84 سنة تاركاً وراءه مسيرة طويلة من النضال والعطاء وصدق الالتزام، ومؤكداً على حقيقةٍ آمن بها وجاهد من أجلها.. حقيقةٍ فرضت نفسها على هذا الوجود ولن تزول.
عندما جئت إلى ملبورن عام 1982، تعرّفت على الأمين إيلي وكان آنذاك متحملاً مسؤولية ناظر للإذاعة والإعلام في منفذية ملبورن، وهو في الأربعينات من عمره. ومنذ ذلك الوقت جمعتنا القضية القومية الاجتماعية، والصداقة المتينة المرتكزة على المحبة القومية التي نتربى عليها في مدرسة النهضة القومية.. استمر الأمين إيلي في مسؤولية ناظر للإذاعة لفترة 15 عاماً مارس خلالها مسؤوليته بكل همة وعزيمة، مُشْرفاً على العمل الإذاعي في المنفذية، وشارحاً العقيدة القومية الاجتماعية في الاجتماعات والسهرات وفي حلقات إذاعية لا تتوقف، ومتكلماً متمكِّناً في مهرجانات الحزب ومناسباته القومية. وبالإضافة لنظارة الإذاعة، تحمّل مسؤوليات أخرى منها مسؤولية ناموس للمعتمدية المركزية في أستراليا ونيوزيلاند، ومن ثم مديراً لمديرية داندينونغ.
وفي مديرية داندينونغ، عملنا معاً وترافقنا مراراً إلى مناسبات الحزب، وفي زيارات عديدة لمواطنين أصدقاء ولرفقاء وعائلاتهم. وكانت هذه الزيارات تتحوّل أغلب الأحيان إلى حلقات إذاعية، لأن الهاجس كان دائماً حقيقة الحزب وحضوره وترسيخ العقيدة في النفوس.
تحملّت مسؤولية مدير لمديرية داندينونغ لفترة تجاوزت السنوات العشر. وكان برنامج هيئة المديرية شاملاً إقامة السهرات القومية الاجتماعية في منازل الرفقاء، لتكون مناسبات للتفاعل والوئام والثقافة القومية، ولتعزيز الروحية القومية الاجتماعية بين الرفقاء والمواطنين الأصدقاء، وكنا لا نجد أفضل من الأمين إيلي ليتولى مهمة تقديم الدرس الثقافي –الإذاعي للحاضرين، لما يتمتع به من خبرة إذاعية وثقافة حزبية.. وطبعاً هذه المهمة كانت بمثابة الهواية المفضّلة بالنسبة للأمين إيلي، الذي كان يشدّد دائماً على الرفقاء بأن مهمتنا الأساسية الطبيعية الأولى تقتضي بأن نتكلم بعقيدتنا وبأن نلهج بها في كل الأوقات، عملاً بوصية حضرة الزعيم القائل: «كل عقيدة عظيمة تضع على أتباعها المهمة الأساسية الطبيعية الأولى التي هي: انتصار حقيقتها وتحقيق غايتها. كل ما دون ذلك باطل. وكل عقيدة يصيبها الإخفاق في هذه المهمة تزول ويتبدد أتباعها. عوا مهمتكم بكامل خطورتها والهجوا دائماً بهذه الحقيقةـ حقيقة عقيدتكم ومهمتكم ـ حقيقة وجودكم وإيمانكم وعملكم وجهادكم».
كان الأمين إيلي مناضلاً متميزاً بمناقبيته وصدق التزامه وثباته على العقيدة القومية الاجتماعية وإيمانه الذي لم يتزعزع، ولذلك منحته القيادة الحزبية وسام الثبات منذ عدة سنوات. تحاورنا معاً كثيراً، وخاصة في السنوات الأخيرة، حول مسائل عقائدية وتطبيقية، وكانت حواراتنا تطول لأن من يناقش الأمين إيلي يعرف تماماً طريقة تفكيره وعدم حياده في ما يعتقده حقاً. كنا نتفق بأمور كثيرة ونختلف في بعضها، ولكن خلافنا بالرأي ووجهات النظر لم يفسد يوماً للود قضية، لأن ما يجمعنا هو قضية تساوي وجودنا، فكان مرجعَنا دائماً كتابُ سعاده ونظامُه.
كان الأمين إيلي يتمتع بذاكرة قوية حتى آخر أيامه، وكان يقول لي ان صحة الذاكرة تقتضي التمرين والممارسة والاستخدام، وكان يشدّد دائماً على ضرورة أن يحفظ القومي الاجتماعي مبادئ الحزب الأساسية والإصلاحية ، وقسم الانتماء، وأن يردده باستمرار ويتصرّف بمقتضاه. كان خطيباً بليغاً ومؤثّراً يرتجل كلماته وخطبه بصلابةٍ عقدية وثقة بالنفس، وكان متحدثاً فصيحاً متمكناً من اللغة العربية وقواعدها، ومن أساليب الإقناع وعرض الأفكار في أسلوب سلس ومنطقي. وكان أكثر ما يساعده على جذب المستمعين إليه وإقناعهم هو استعانته بأدلة وحقائق من تعاليم القومية الاجتماعية وتاريخ الحزب، وإيراده أقوالاً لسعاده حفظها بحرفيتها، بالإضافة لثقافته الواسعة وتعمّقه بالقرآن الكريم والكتاب المقدس.
كلّ من عَرفَ الأمين إيلي، عرف فيه المناقبية وصدق الالتزام والتفاني في سبيل الحزب. فهو لم يتقاعس يوماً عن واجب الجهاد. منذ انتمائه للحزب في الخمسينيات حتى أخر لحظة من حياته، سار على طريق النهضة، طريق الحياة، حاملاً أعباءَها ومتفانياً في خدمتها ومجسِّداً عنفوانها ومؤمناً بما قاله سعاده: «إنّ طريقنا طويلة لأنها طريق الحياة. إنها الطريق التي لا يَثبُت عليها إلا الأحياء وطالبو الحياة. أما الأموات وطالبو الموت فيسقطون على جوانبها!».
نعتذر منك يا حضرة الأمين! إن الإجراءات المفروضة علينا بسبب وباء الكورونا لا تسمح لنا الآن بوداعك وتكريمك كما يجب.
سنفتقد حضورك، لكنّ عزاءَنا أن نفسك المفعمة بإيمانك الصلب ستبقى حاضرة بيننا في لقاءاتنا ومناسباتنا وفي تاريخ الحزب على مر السنين.
لروحك الرحمة والبقاء للأمة والخلود لسعاده».
* * *
«قد تسقط أجسادنا أما نفوسنا فقد فرضت حقيقتها على هذا الوجود».
تنعى منفذية ملبورن في الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى عموم القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود الأمين إيلي محمد علي لاظ
الأمين إيلي من مواليد 1936، وانتمى إلى النهضة السورية القومية الاجتماعية في نيسان 1955.
ناظر إذاعة منفذية ملبورن لسنوات وناموس معتمدية أستراليا للحزب.
منبراً متنقلاً للفكر السوري القومي الاجتماعي كيفما حل.
بليغ سليم اللسان حاد الذكاء والذاكرة.
سنعمّم نبذة عن سيرته عند توفرها.
البقاء للأمة
المنفذ العام
الأمين سمير الأسمر