مقالات وآراء

«ميليتاري تايمز»: ماذا قال مارك إسبر قبل أيام من إقالته؟

 

نشر موقع «ميليتاري تايمز» الأميركي تقريراً لـ ميغان مايرز، مديرة مكتب تغطيات البنتاغون في الموقع، تناولت فيه الحوار الحصري الذي أجراه الموقع مع مارك إسبر، وزير الدفاع الأميركي، في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني)، الذي كثرت التكهّنات حول إمكانية إقالته في الآونة الأخيرة أو تقديمه للاستقالة، وانتهى الأمر بإقالة ترامب له الاثنين الفائت.

استهلَّت الكاتبة تقريرها بالقول: كما كان متوقعاً، أقال الرئيس دونالد ترامب وزير الدفاع، مارك إسبر، يوم الاثنين مختصراً ما كان يمكن أن يكون الأشهر الأخيرة له في البنتاغون قبل انتقال جو بايدن المرتقب في يناير (كانون الثاني) المقبل. وأعلن ترامب على «تويتر» تعيين كريس ميلر، مدير المركز الوطني لمكافحة الإرهاب سابقاً، قائماً بأعمال وزارة الدفاع.

توضح الكاتبة أنّ خروج إسبر من البنتاغون كان متوقعاً منذ عدة أشهر نظراً للتوتر الواضح بينه وبين البيت الأبيض. وقد توارى إسبر عن الأنظار قبل الانتخابات؛ إذ كان آخر ظهور له في إيجاز صحافي للبنتاغون في يوليو (تمّوز) الماضي. وفي مقابلة حصرية مع «ميليتاري تايمز»، أكّد إسبر أنه لم يكن ينوي الاستقالة، لكنه كان متوقعاً الإقالة، لكن لم يكن لديه فكرة عن التوقيت، وقال: «ما أحاول القيام به الآن هو مشاركة آرائي ووجهات نظري وهي لم تزل حية».

ويضيف: «عندما أنظر إلى الوراء الآن وبعيداً عن سلسلة الأزمات والصراعات والموافقات والتوترات العَرَضية مع البيت الأبيض، أعتقد أننا نجحنا حقاً في تغيير الوزارة، وفي جَعل أولويّتي القصوى هي تنفيذ استراتيجية الدفاع الوطني وحماية والمؤسسة، وهو أمر مهمّ حقاً بالنسبة لي، والحفاظ على نزاهتي أثناء ذلك كله».

وتشير الكاتبة إلى أنَّ النقَّاد أطلقوا عليه اسم يسبر Yesper، (في إشارة إلى أنه إمّعة للرئيس)، وهو مستاء من هذه الفكرة. ويقول: «أشعر بالإحباط وأقول، ضمن 18 وزيراً، من الذي غيَّروا نظرتهم للأمور أكثر من أيّ شخص آخر؟ هل رأيتموني ذات مرة أقول إنني تحت أمر القيادة الاستثنائية للرئيس.. إلى آخر هذا الهراء»؟

حماية هذا البيت

تقول الكاتبة: إنّ ولاية إسبر تزامنت مع تحوّل تاريخي في أولويات البنتاغون، فبعد عقود من الحرب على الإرهاب، أصبح العصر اليوم هو «عصر تنافس القوى العظمى»، أيّ ما يشبه الحرب الباردة التي شملت هذه المرة كوريا الشمالية وروسيا، والأهمّ من ذلك الصين.

وكان من الواضح أنّ إسبر مهتمّ باستراتيجية الدفاع الوطني أكثر من أيّ شيء آخر، وكان هذا الأمر واضحاً جداً في أواخر يوليو (تموز) عندما أعلن عن خطة انسحاب 12 ألف جندي أميركي من ألمانيا، حيث انتقل بعضهم إلى أجزاء أخرى من أوروبا، بينما عاد البعض الآخر إلى أميركا للانتشار على الحدود الشرقية مع الناتو حيث كانت القوات الأميركية تدرِّب قواته المحلية على مدى سنوات.

وقال إسبر إنّ ترامب كان يريد سحب 10 آلاف جنديّاً أميركيّاً من ألمانيا. وأضاف: «لا أستطيع فعل شيء، أنا أتحكم بأفعالي فقط، الرئيس يريدوكان يتسم بالشفافية جداً في ما يريد وفي ما يتعلق بآرائهوأنا لا أحاول أن أُرْضي أحداً، وإنما أحاول أن أحقق ما يريده وتحقيق أقصى استفادة منه، فهو في النهاية القائد الأعلى المُنتخب».

وتوضح الكاتبة أنّ ترامب انتقد ألمانيا علناً لأنها لم تدفع 2% من ناتجها المحلي لحلف الناتو وتوعّد بإعادتها. وقال إسبر في معرض حديثه عن أنه استجاب لطلب الرئيس وحاول تنفيذه على نحو مدروس واستراتيجي قدر الإمكان: «كان بعض هذه الأفكار موجوداً على مدى سنوات، ولكن لم يكن لدى أحد الشجاعة أو الإرادة لعرضها».

وتقول الكاتبة: إنّ إسبر وجد من الصعب عليه الإقرار بالهزيمة بغضّ النظر عن الخلل في علاقته مع الإدارة. ومثل سلفه جيمس ماتيس، الجنرال المتقاعد في مشاة البحرية، أعطى إسبر انطباعاً أنه يحاول أن يكون الشخص البالغ في الغرفة، وأن يكون آخر خط دفاع بين أقوى جيش في العالم والقائد الأعلى (ترامب) الذي يراه عصاً سياسية غليظة.

وقال إسبر: «لا يحق لجنودي الاستقالة، لذا إن كنت سأستقيل فيجب أن يكون على خلفية أمر كبير حقاً وبخلاف ذلك، سأفعل ما كنت أفعله دوماً وهو محاولة تشكيل الأمور بأفضل طريقة ممكنة». ولكنه فكَّر بجدية في الاستقالة ذات مرة كما قال.

وعقب شهادة الكولونيل ألكسندر فيندمانالمتقاعد حالياًفي إجراءات عزل ترامب، تزايد القلق من أن إدارة ترامب ستسعى للانتقام منه، الخبير في مجلس الأمن القومي في أوكرانيا. وبعد أشهر من شهادته، لم يظهر اسمه في قائمة الترقية كما كان متوقعاً، وزعم معسكر فيندمان أنّ شخصاً ما يوقفها، مع أنّ وزير الجيش رايان ماكارثي وإسبر قد وافقا على الأمر.

عقَّب إسبر على ذلك قائلاً: «كما تعلم، فعل الجيش كلّ شيء يجب عليه القيام به تجاه فيندمان، وسألوني وأجبت: إن كان مؤهّلاً للترقية، فأضفه إلى القائمة، وأنا أؤيد ذلك». وفي النهاية، قرّر فيندمان الاستقالة والتقاعد من الجيش دون إشارة إنْ كان الرئيس ينوي نقض حكم إسبر في مسألة الترقية.

وسألت المحاورة إسبر: ولكن إذا قرّر ترامب معاقبة فيندمان، فهل يُعدّ ذلك أمراً كبيراً جداً يستدعي استقالتك؟ فأجاب: «لا، بالتأكيد».

«أعتقد أنه سيقدِّم أداءً جيداً»

تقول الكاتبة: يبدو أنّ إسبر، المقدم المتقاعد من مشاة الجيش، والمحارب المخضرم في المشهد السياسي بالعاصمة واشنطن والذي عمل في البنتاغون والكابيتول هيل في قيادة مؤسسة فكرية محافظة، وكونه أحد أعضاء جماعات الضغط (اللوبي) لشركة رايثون، عملاق الدفاع، لديه كلّ المؤهّلات لهذه الوظيفة.

كان إسبر الاسم الثالث في قائمة ترامب لتولي حقيبة الدفاع. وكان أول عمل له هو تقليل المتطلبات الإدارية والتدريبية المرهقة، بداية من الوعي الإعلامي ونظام الإبلاغ الإلزامي عن السفر بصفة شخصية وغيرها. ثم جاءت ثورة الاستحواذ على الجيش التي رسختها «قيادة جيش المستقبل» التي عُيّنت حديثاً، والمكلفة بالبحث والتطوير لخمسة برامج جديدة من شأنها تجديد قدرات الجيش القتالية البرية بالكامل.

وأمضى إسبر والجنرال مارك ميلي، رئيس أركان الجيش، كثيراً من الأمسيات وهم ينتقون أكثر العناصر أهمية من قوائم المشتريات، وصدرت القائمة الأخيرة وقد ادَّخرت ما يزيد عن 25 مليار دولار. وبعد أشهر قليلة، تناقلت الشائعات وجود إسبر ضمن القائمة القصيرة ليحلّ محلّ جيمس ماتيس الذي استقال نهاية 2018. وكان ماتيس قد ذكر في خطاب استقالته أنه لن يكون مشتركاً في التخلي عن حلفاء أميركا، في إشارة إلى انسحاب القوات الأميركية في سورية والتخلي عن الأكراد. ثم تولى إسبر الذي قال عنه ترامب للصحافيين: «مارك إسبر رجل نبيل ويحظى باحترام كبير، ولديه مسيرة مهنية رائعة، هارفارد وويست بوينت، إنّ لديه مواهب هائلة. أعتقد أنه سيقدِّم أداءً رائعاً».

ووُضِع إسبر في موقف صعب على الفور حين استجوبته، إليزابيث وارين، السيناتور الديمقراطي بعنف في جلسة الإقرار في يوليو (تموز) 2019 على خلفية رفضه التعهّد بالتخلي عن أيّ صفقات مع شركة ريثيون. قالت إليزابيث: هذه صفعات للفساد، هل تتعهّد أنك خلال مدة توليك منصب وزير الدفاع لن تسعى إلى أيّ تنازل من شأنه أن يؤثر على المصالح المالية لشركة ريثيون؟ فأجاب بأنه لن يفعل ذلك بناءً على نصيحة محامي وزارة الدفاع. وأمضى إسبر العام بعد ذلك بسلام نسبياً، حتى أنه مُدِح لإحيائه مؤتمرات البنتاغون الصحافية التي كانت قد أُغلِقت لأكثر من عام.

وأثناء محاولته التماشي مع الأمور والتركيز على إرساء أسس استراتيجية الدفاع الوطني الجديدة، انتقد إسبر قرار البنتاغون بتحويل المليارات من حسابات مكافحة المخدرات والبناء العسكري لتمويل تشييد سياج على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

ثم جاء عام 2020، حيث كانت الحرب على وشك أن تشتعل بين إيران والولايات المتحدة على خلفية أمر ترامب باغتيال قاسم سليماني. وكان ترامب وإسبر متفقين على القرار إلى أن أصيب أكثر من 100 جندي بإصابات في الدماغ جرَّاء هجوم انتقامي لإيران على قاعدة جوية في العراق. وعقَّب ترامب على الحدث في مؤتمر صحافي عقده في يناير (كانون الثاني): «لا، لا أراها إصابات خطرة مقارنة بالإصابات التي رأيتها من قبل. ووصف الأمر بأنه فقط «صداع» خلَّفته آثار القنابل الإيرانية، بما في ذلك الأشخاص الذين فقدوا أرجلهم أو أذرعهم بسبب الهجوم».

وأكَّد إسبر أنه شرح للرئيس أنّ إصابات الدماغ الخفيفة لها آثار مدمِّرة على المدى الطويل. قال إسبر: «تحدثت مع الرئيس وقال إنه قلق جداً على صحة جميع أفراد الجيش وسلامتهم، لا سيما أولئك الذين شاركوا في العمليات في العراق، وهو يفهم طبيعة هذه الإصابات». مع أنه لم يوضح ما إذا كان الحديث تمّ قبل تصريحات ترامب أم بعدها، كما تشير الكاتبة.

بداية النهاية

ثم جاءت جائحة كوفيد-19 واستحوذت مستجداتها على أخبار البنتاغون والبيت الأبيض وسارع إسبر والخدمات العسكرية لوضع قواعد التباعد الجسدي وبروتوكولات إجراء الفحص وغيرها لحماية وزارة الدفاع. وبعد وفاة جورج فلويد، الرجل الأسود من مينيابوليس، على يد ضابط شرطة أبيض، اندلعت الاحتجاجات أمام البيت الأبيض، وسار إسبر في ساحة لافاييت التي أُخليت بالقوة ليتمكن ترامب من حمل الكتاب المقدس والإدلاء ببضعة كلمات أمام كنيسة القديس يوحنا التي تضرّرت بعد اشتعال النيران فيها.

وفي اليوم التالي، أطلع إسبر الصحافة كيف سار دون أن يدري إلى تلك الأزمة السياسية. فقال: «أنا أفعل ما بوسعي لأبقى بعيداً عن ممارسة السياسة، وأبتعد قدر الإمكان عن المواقف التي قد تبدو سياسية. وأحياناً أنجح في ذلك وأحياناً أخرى لا أفعل».

بعد ذلك حدثت أول قطيعة علنية مع الرئيس الذي أمر قوات الخدمة الفعلية من فورت براج في ولاية نورث كارولاينا بالتجمع خارج العاصمة في حال الحاجة إليها لإخماد الاحتجاجات العنيفة. وقال إسبر في ردّ قوي على رسالة التهديد التي وجهها الرئيس: «يجب أن نلجأ إلى قوات الخدمة الفعلية لإنفاذ القانون باعتبارها الخيار الأخير فقط، وفي المواقف الأكثر إلحاحاً والأكثر صعوبة، ولسنا في واحدة من هذه المواقف الآن ولا أؤيد الاحتجاج بقانون التمرّد، أو قانون الانتفاضة، وهو قانون يمنح الرئيس صلاحيات استدعاء قوات الجيش ونشرها لإعادة الأمن». وورد أنّ الرئيس استشاط غضباً لهذا التصريح.

قال إسبر: «كنت قلقاً حقاً من أنّ مواصلة الحديث عن قانون التمرّد سيأخذنا إلى اتجاه مظلم حقاً. وأردت أن أوضح ما كانت أفكر فيه بشأن ذلك الموقف بصفتي وزيراً للدفاع ومُتنفِّذاً في قوات الخدمة الفعلية. كما أنه كان أمراً لازماً لكسر حدة الموقف إذ شعرت أنها لحظة تاريخية إذا لم يقف شخص ما فيها ويضغط على زر الإيقاف، فسوف تتفاقم الأمور».

وعندما قرّر كاليث رايت، الرقيب أول للقوَّات الجوية التحدث عن تجربته باعتباره شخصاً ملوّناً في الجيش، لم تتمكن وزارة الدفاع من تدارك الأمر. وجرى تعيين جميع الخدمات والمستويات العليا في البنتاغون لإنشاء فرق عمل لتحسين التنوع في الخدمات. وكجزء من ذلك النقاش، عادت قضية المناصب العسكرية العشرة المحدّدة لضباط الكونفدرالية للظهور، كما حدث على نحو دوري في السنوات السابقة. وأشار مكارثي وإسبر إلى أنهما منفتحان على فكرة تغييرهم، لكن الرئيس أغلق النقاش، وهدّد باستخدام حق النقض ضدّ قانون تفويض الدفاع الوطني إذا حاول الكونغرس التراجع عن بند تغيير الأسماء.

قال إسبر: «اعتقدت أنّ لديّ طريقة ذكية حقاً وإبداعية لمعالجتها». وفي منتصف يوليو، أصدر إسبر مذكرة تحظر رفع أيّ أعلام عدا علم الولايات المتحدة وحلفائها والوحدات العسكرية فوق جميع المناطق المشتركة والمكاتب والأماكن العامة في القواعد العسكرية. ولم تذكر المذكرة علم الكونفدرالية بالاسم، وبذلك حظرت مجموعة كبيرة من الأعلام الأخرى من الرياضات الجامعية وغيرها الكثير.

قال إسبر: «لا أريد تسييس الجيش بأيّ طريقة، لا أريد علم الكونفدرالية ولا علم براود بويز (جماعة يمينية متطرفة) وأيّ مجموعة يسارية أيضاً لا أريد لأعلامهم أن ترفع». وأوضح: «كان المبدأ هنا تطبيق ما يتوافق مع قيَمنا، لا نريد عَلَماً متحالفاً مع منظمة ارتكبت خيانة للبلاد كما تعلمون، ولكن المبدأ الآخر أيضاً، لا تكن سياسياً. لذا، كانت وجهة نظري أن نتخذ منهجاً مختلفاً؛ دعنا نؤكد على مركزية عَلم الولايات المتحدة باعتباره علماً للجيش الأميركي، ثم لن يكون لأيّ شيء آخر مكان بيننا».

ولكن ردّ الفعل جاء سريعاً؛ إذ وجد إسبر نفسه متهماً بنوع مختلف من التعصّب لحظره علم قوس قزح (علم المثليين). وقال إسبر: «علمت أننا سنواجه بعض النقد بسبب ذلك، ولكن مرة أخرى كنتُ أحافظ على ألا ينحاز الجيش سياسياً، ثم إن كنت تريد العودة لاحقاً والحصول على استثناء لرفع عَلمك، فعد. ولكن لم يعد إلينا أحد».

الحرب الأبدية

بطبيعة الحال، ألقى طيف الانسحاب الكامل للقوات الأميركية من أفغانستان، وهو الوعد الذي كان ترامب عازماً على الوفاء به، بظلاله على ولاية إسبر بأكملها. وعلى خلفية محادثات السلام مع طالبان، مع الدبلوماسيين الأميركيين أولاً ثم مع الحكومة الأفغانية، بدأ الرئيس بإصدار أوامر بشأن تخفيض عدد القوات. وبعد التشاور مع سلسلة القيادة، استقرّ البنتاغون على خفض القوَّات من 8 آلاف إلى 4 آلاف، وقال إسبر وميلي مراراً وتكراراً إنّ الانسحاب سيكون مرهوناً بالظروف.

وتشير الكاتبة إلى أنه قبل أسابيع فقط، ظهر مارك ميلي على «الإذاعة الوطنية العامة (إن بي آروأسقط في طريقه تأكيد روبرت أوبراين، مستشار البيت الأبيض للأمن القومي، من أنّ الانسحاب كان يتجه لتخفيض الجنود إلى 2500. قال ميلي: «أعتقد أنّ أوبراين، أو أيّ شخص، يمكنه التكهّن كما يروق له، ولن أخوض في هذه التكهّنات. سأشارك في تحليل دقيق للوضع بناءً على الظروف والخطط التي أعرفها ومحادثاتي مع الرئيس».

وخاض ترامب أيضاً في النقاش إذ غرَّد على «تويتر» أنه «ينبغي» على الولايات المتحدة إعادة بقية قواتها إلى الوطن بحلول عيد الميلاد. وظلّ مكتب إسبر بعيداً قدر الإمكان عن المسألة لأنهوكما حدث في حالات لا حصر لهاظهر عدم توافق وزارة الدفاع مع البيت الأبيض في الرؤى.

وقال إسبر: إنّ رفض توضيح أيّ شيء رسمياً كان إستراتيجية بنَّاءة. «تخيَّل هذا، تجاهل ما قاله الرئيس، وتخيَّل أنّ هذه لم تزل هي الخطة. الآن لو كنت أنا الرئيس لقلت حسناً هذا هو القرار، ويجب أن تعود القوات إلى البلاد بحلول ديسمبر (كانون الأول)».

تقول الكاتبة: إنّ توضيح إسبر لما يفكر به بصوت عالٍ أعاد للأذهان ما طرحه مايلز تايلور، المسؤول السابق في وزارة الأمن الداخلي، في مقال نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عام 2018، ووصف فيه كيف يزيل أعضاء فريق ترامب المذكرات من مكتبه، ويحاولون تشتيت انتباه الرئيس لمنعه من القيام بأمر متهوّر.

قال إسبر: «عليك التفكير في الخطوة الثانية والثالثة والرابعة، لماذا تدخل في معركة تشهير، بينما لم تزل تعمل لصالح القائد العام؟ هذا لا يوصلك إلى أية نتيجة».

وفي حالة الانسحاب من أفغانستان، يتساءل آلاف الجنود وعائلاتهم عما إذا كانوا سيعودون إلى وطنهم، أم أنّ هذا الانتشار، الذي خططوا لحياتهم على أساسه، سيستمرّ. قال إسبر: «قد يكون الأمر مبهماً بالنسبة لبعض الناس، ولكني أعرف أنّ التسلسل القيادي يعرف تماماً ما يقوم به، وإلى أين نحن ذاهبون».

واختتمت الكاتبة مقالها بالسؤال الذي وجهته الصحيفة لإسبر: هل اضطر وزراء دفاع آخرون إلى قضاء وقت طويل في محاولة الموازنة بين مطالب الرئيس، وعواقبها الفعلية على الأمن القومي؟

قال إسبر: «على الأرجح لا، لا أعلم فقد عملت مع اثنين فقط». وأضاف: «في النهاية، كما قلت عليك أن تختار معاركك، يمكنني أن أقاتل على أيّ شيء، ويمكنني أن أحوّلها إلى معركة كبيرة، ويمكنني التعايش مع ذلك، لماذا؟ ومن سيأتي بعدي؟ سيكون رجلاً إمّعة حقيقياً، وبعد ذلك ليساعدنا الرب».

«ساسة بوست»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى