أولى

دور تركيّ في لبنان؟

السياسات الأميركيّة التي تدخل مرحلة التخبّط والمغامرات الخطرة قبل أن تتبلور معالم سياسة جديدة مستقرة تشكل فجوة استراتيجية تتسابق على محاولات تعبئتها القوى الإقليمية التي تحمل مشاريعها المتضاربة تحت سقف السياسات الأميركية، بينما القوى المناوئة لهذه السياسات تئن تحت ضغط الأزمات والعقوبات، لكنها ثابتة على إنجازاتها من جهة، وتترقّب التطوّرات وتسابق المتنافسين على ملء الفراغ من جهة أخرى.

في سورية ولبنان وفلسطين والعراق واليمن ساحات مواجهة بين محور المقاومة وأميركا، وعلى الضفة الأميركيّة من جهة كيان الاحتلال المنخرط في حلف مع دول الخليج، ومن جهة مقابلة النظام التركيّ، لكن في ليبيا مواجهة بين الضفتين الخليجية والتركية، حيث الحلف الخليجي مدعوم بصورة مباشرة من مصر وفرنسا، بينما نجحت تركيا بتظهير حركتها كقوة دعم لموقع روسيا في حرب أنابيب الغاز الدائرة في المتوسط.

في لبنان حاولت فرنسا تظهير مساحة مختلفة عن الحركة الأميركيّة، لكن سرعان ما بدت الحركة الفرنسية تحت السيطرة، وبدا ان مشروع الحكومة الجديدة معلق على حبال الخطط الأميركية للضغط على لبنان سواء في ملف ترسيم الحدود البحرية أو في كل ما يتصل بعناصر قوة لبنان بوجه كيان الاحتلال.

الحلف الخليجيّ الفرنسيّ يبدو رغم تمايز بعض مواقف اطرافه تجاه حزب الله بالنسبة لفرنسا وتجاه سورية بالنسبة للإمارات والبحرين يبدو عاجزاً عن تخطي التمايز الشكلي، بينما نجح الأتراك في أزمتي ليبيا وناغورني قره باغ بتثبيت مواقعهم وفرض التراجع على الثنائي الخليجي الفرنسي، كما نجحوا باستمالة روسيا إلى تقديم التغطية لحركتهم وقطف ثمار الاستثمار تحت سقف الدور الروسي المتعاظم في المنطقة والعالم.

لبنان اليوم في العين التركية وبيدها بعض المال القطري والدعوات لزيارات تركيا وقطر تطال سياسيين وإعلاميين، ومحور المقاومة لم يفتح الباب لمناقشة عرض تركيّ يطال مقايضة دور في لبنان والعراق مقابل تنازلات تركية في سورية فهل ينجح الأتراك باستغلال الطريق المسدود للفرصة التي فتحت لفرنسا وفشلت بالإفادة منها بسبب خضوعها للسقوف الأميركية؟

تركيا وراء الباب طالما المعروض فرنسياً هو استتباع لبنان للسياسات الأميركية بحكومة تنفذ دفتر الشروط الأميركي، وفيه ترسيم الحدود لصالح كيان الاحتلال، والسياسة الخليجية في العراق مشروع فتنة مذهبيّة لاستتباع العراق لخطة التطبيع عبر ثلاثي مصري أردني عراقي يخدم مشروع التطبيع ويحميه ويحاصر سورية، والأتراك ينتبهون لتطلّع روسيا بحذر نحو ملف الغاز اللبناني وموقعه من حرب الأنابيب القائمة في المنطقة ولموقع العراق واتفاقات التسليح التي وقعها العراق مع روسيا وانقلبت عليها الحكومة الجديدة أسوة بالانقلاب على الاتفاق الاقتصاديّ مع الصين!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى