مقالات وآراء

كي نبقى على هذه الأرض بكرامة ونستحق الحياة

} المحامي عمر زين*

في هذا القرن لم يتبوّأ شخص موقع رئاسي في أيّ دولة بالعالم وضرب عرض الحائط بكلّ المواثيق والمعاهدات والاتفاقات الدولية وكأنّ دول العالم دمى بين يديه يفعل بها ما يشاء دون حسيب او رقيب كالسيد ترامب الرئيس المنتهية ولايته في الولايات المتحدة الأميركية، وأحسّت الشعوب انّ مُسلطٍ علنيٍ هذه المرة يضع اليد على ثروات بعضها، ويلاحق بالعقوبات أفرادها ويدخل الحصار على بعضها الآخر، كلّ ذلك وكأنّ البشرية فقدت ما وضعته من أسس وأصول وقواعد التعامل في ما بين دولها، وتعامل هذه مع شعوبها.

نعم لقد شعرت البشرية انّ كلّ الجهود التي بُذلت في هذا السبيل قد ضاعت وجاء من يضع قواعد وأصول جديدة قديمة عنوانها شريعة الغاب بكلّ ما تعني الكلمة من معنى.

أما وقد صوّتت بالأمس الجمعية العامة للأمم المتحدة مجدّداً بالأغلبية على سيادة سورية على الجولان المحتلّ واعتبار كلّ إجراءات الاحتلال الاسرائيلي فيه باطلة ولاغية، وصوّتت لصالح مشروع القرار 88 دولة، بينما اعترضت عليه 8 دول وكيان الاحتلال الاسرائيلي، وامتنعت 62 دولة عن التصويت.

فهذا التصويت يعني:

1 ـ أنّ الدولة السورية ما زالت بنظر المجتمع الدولي قائمة بحدودها الطبيعية بما فيها الجولان المحتلّ، وقريباً لا بدّ أن يقوم العرب بجهد مطلوب لاعتبار لواء الاسكندرون الذي سلخته تركيا جزءاً لا يتجزأ من الأرض السورية.

2 ـ انه ما زال هناك دولاً مع الحق والحقيقة.

3 ـ انه بأفول حقبة ترامب استأنفت البشرية دورها الطبيعي في الالتزام بما رست عليه من قواعد في العلامات الدولية.

4 ـ أنّ الكيان الصهيوني ما زال عاجزاً عن طمس الحق والحقيقة.

5 ـ أنّ الدول الاعضاء في الأمم المتحدة غير معترفة بأيّ من الإجراءات المخالفة للقانون الدولي التي اتخذها الكيان الصهيوني في الجولان السوري المحتل (وفق ما جاء في القرار)، وهذا يعني أنّ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن الجولان وكلّ الإجراءات الأميركية الأحادية المتصلة به لا أثر قانونياً لها.

كلّ ما تقدّم يستوجب:

1 ـ ان يفهم العرب انّ شعوباً ودولاً أجنبية لات زال تقف إلى جانب قضاياهم وهم غافلون عن حقوقهم وبعضهم هروَل للتطبيع مع عدوّه، فعليهم واجب التأكيد على حقوقهم وعدم التنازل عنها لينالوا احترام الآخرين كي لا يعتبرهم هؤلاء بأنهم فاقدون لكرامتهم وعنفوانهم وشرفهم مستهترون بحقوقهم.

2 ـ أن يدرك العرب بأنّ عليهم واجب ردّ التحية بمثلها وتقدير موقف الدول التي وقفت وتقف إلى جانب قضاياهم وتعزيز علاقتهم بها والوقوف معها وإلى جانبها في قضاياها.

3 ـ أنّ على العرب العمل جدياً لكسب الدول الممتنعة عن التصويت بشتى الوسائل المتاحة انطلاقاً من أنهم أصحاب حق تاريخي ثابت غير متنازلين او غافلين عنه، وانهم كذلك يقفون مع حقوق شعوب هذه الدول.

4 ـ أنّ على العرب ان يتخذوا الموقف السلبي المناسب ضدّ الدول التي صوّتت مع القرار، وأن يقوموا بمحاولات حقيقية لتبديل موقفها.

انّ ما أوردناه آنفاً يمثل أموراً مصيرية تتعلق بوجودنا على هذه الأرض من الكرة الأرضية كي نبقى عليها بكرامة ونستحق الحياة.

*الأمين العام السابق لإتحاد المحامين العرب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى