مانشيت

كرة الترشيد والدعم تواصل الدوران… والمودعون يلاحقون الحاكم ويتجمّعون اليوم

مساعٍ فرنسيّة تمهيديّة لزيارة ماكرون نهاية الشهر أملاً بتحريكه المسار الحكوميّ/ حزب الله يبثّ صوراً لقيادة الاحتلال في الجليل... ويدّعي على سعيد والقوات

كتب المحرّر السياسيّ

مع وجود حكومة تصريف أعمال يجري البحث في آليات التعامل مع توسيع مفهوم تصريف الأعمال لما يستدعي اتخاذ قرارات، مثل ترشيد دعم السلع الاستهلاكيّة، وتوفير الخدمات الأساسيّة كالكهرباء والسلع الحيوية كالمحروقات، ومواجهة مخاطر ارتفاع سعر صرف الدولار إذا توجّه تمويل الاستيراد نحو سوق الصرف، مع توقف مصرف لبنان عن القيام بذلك بمعزل عن سعر بيعه للدولار للمستوردين، وفيما يبدو المَخرج الوحيد بتأمين ضخ ما يكفي من الدولارات في السوق، بما يعادل خمسمئة مليون دولار شهرياً، كما يقول الخبراء، طالما ان تحويلات الاغتراب تؤمن قيمة مماثلة فيما تشكل فاتورة الاستيراد التي تأثرت بالأزمة وصار حجمها يقارب المليار دولار شهرياً، ينتظر أن يؤمن مؤتمر باريس دفعة تكفي لحاجات شهر كانون الثاني، فيما يتركّز الجهد الفرنسي على النجاح بتشكيل الحكومة في نهاية العام.

التحرك الفرنسي على الخط الحكومي لا يزال بارداً، انطلاقاً مما أعادته مصادر مواكبة للمسار الحكومي الى سببين، الأول انتظار انعقاد المجمع الانتخابي الأميركي منتصف الشهر الحالي ونطقه بفوز الرئيس المنتخب جو بايدن بالرئاسة الأميركية وترجمة الرئيس دونالد ترامب وعده بتسليم الرئاسة في هذه الحالة، ما يمنح الرئيس الفرنسي فرصة التخاطب مع بايدن كرئيس مقبل والحصول منه على دعم للمسعى الفرنسي في لبنان ينسجم مع موقف بايدن بالعودة للتفاهم النووي، أي اعتماد الدبلوماسية بدلاً من سياسة الضغوط والتصعيد التي اعتمدتها ادارة ترامب، وفيما الاهتمام الاميركي بفرنسا يتركز على ملفات عدة تصل بالعلاقة مع أوروبا والملف النووي الايراني والعلاقة بروسيا ومستقبل الناتو واتفاقية المناخ المعروفة باتفاقية باريس، تبدو فرنسا معنية بطلب واحد هو تسهيل مهمة رئيسها في لبنان، أما السبب الثاني برأي المصادر فهو عدم الوقوع بالتسرّع الذي انتهى بالفشل في المرة السابقة، خصوصاً أن مهمة هذه المساعي هي تحضير الأجواء للزيارة التي سيقوم بها الرئيس ماكرون إلى لبنان نهاية الشهر، لأنه سيتولى شخصياً تذليل العقبات من طريق ولادة الحكومة مستعيناً بدعم أميركي واضح يزيل العقبات من طريق الرئيس المكلف سعد الحريري للتعاون مع حزب الله ورئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل.

في المشهد السياسي كان حزب الله في الواجهة مع تصدّره لحدثين، الأول بثّه صوراً جوية قامت بها إحدى الطائرات المسيّرة للمقاومة فوق الجليل وتمكّنت خلال تحليقها من تصوير قيادة جيش الاحتلال في الجليل بعدما نجحت باختراق منظومة الردارات والعودة من مهمتها سليمة. والحدث الثاني قيام محامين مكلفين من الحزب بالتقدّم بدعوى قانونية ضد موقع القوات اللبنانيّة والنائب السابق فارس سعيد بتهم تعريض السلم الأهلي للخطر والتحريض على الفتنة، بينما قال النائب إبراهيم الموسوي الذي رافق المحامين، أن بهاء الحريري سيكون في دعوى لاحقة قريباً.

ملف ترشيد الدعم يحضر اليوم في السراي الحكومي ضمن البحث الوزاري عن وصفة سحريّة يستطيع تقديمها في جلسة اللجان المشتركة المقبلة، بينما صدرت قرارات قضائية بإلزام عدد من المصارف بتنفيذ طلبات المودعين بسحب احتياجاتهم، وإلزام عدد من المصارف بتحويلات لصالح الطلاب، فيما تعرّض حاكم مصرف لبنان للملاحقة من المودعين وهتافاتهم، ويُنتظر أن يحتشد المودعون اليوم في ساحة الشهداء لوضع خطة تحرك تصعيديّة.

فيما تتجه الأنظار الى المشروع الذي تُعدّه الحكومة في ملف الدعم، علمت «البناء» أن اجتماعاً سيجري في السراي الحكومي بين عدد من الوزراء المختصين على أن ينضم اليه المجلس المركزي في مصرف لبنان وحاكم المصرف رياض سلامة لاتخاذ القرار المناسب. كما علمت أن الخلاف مستمر في مقاربة هذا الملف بين الحكومة ومصرف لبنان والمجلس النيابي على الاختيار بين الخيارات المطروحة في ضوء اعتبار الحكومة أنها مستقيلة ولا تتحمل مسؤولية موضوع من مهمة ومسؤولية مصرف لبنان. فيما تساءلت مصادر مطلعة عبر «البناء» عن جدوى جلسة اللجان المشتركة التي عقدت في المجلس النيابي والهدف من ذلك علماً أن اللجان لم تتوصل الى رؤية مشتركة لرفع الدعم في ضوء الخلاف المستحكم والحاد بين الكتل النيابية ما يطرح السؤال: هل رمي الكرة إلى المجلس النيابي مقدّمة لدفعه لطرح مسألة استخدام احتياط الذهب في مجلس النواب كآخر الخيارات المطروحة؟

وأكد وزير المال غازي وزني لـ»البناء» أن الحكومة تعدّ مشروع دراسة لموضوع الدعم على أن ينتهي الاثنين المقبل وشدّد وزني على أن التوجه لم يتضح حتى الآن بانتظار نهاية الدراسة. ولفت الى ان كل الخيارات سيئة وعلينا الاختيار بين السيئ والأسوأ. ولفت الى ان اي توجه او قرار ستكون له ارتدادات سلبية على الوضعين الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي.

وتخوّف خبراء اقتصاديون من أن رفع الدعم وتخلي مصرف لبنان عن مسؤوليته في تزويد المستوردين بالدولار سيؤدي الى رفع سعر صرف الدولار بمعدلات قياسية.

وليل أمس اقتحمت مجموعة من المحجتين احد مداخل معهد الـ»ESA Business School» في كليمنصو، حيث يتواجد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة والوزير السابق محمد شقير والسفيرة الفرنسية لدى لبنان. وردّد المحتجون كلمة «حرامي» وحاصروا كل مداخل المبنى، بانتظار خروج سلامة.

ووقع إشكال بين المحتجين وعناصر حماية المعهد. واستقدمت القوى الأمنية تعزيزات إلى المكان واستمرت عملية الاحتجاز الى ساعات متأخرة من ليل أمس. وحمّل المحتجون سلامة مسؤولية الأزمة وتردي الأوضاع المالية.

وفي سياق ذلك أوضح المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيش أن «المؤتمر الدولي لدعم الشعب اللبناني، ذكّر مرة أخرى قادة لبنان بضرورة التنفيذ الفعّال للإصلاحات التي تعتبر بالغة الأهمية لاستعادة ثقة المجتمع اللبناني والمجتمع الدولي، لمشاركة الأخير في دعم لبنان»، مضيفاً عبر «تويتر»: بعد أربعة أشهر، عبّر المشاركون في المؤتمر عن قلقهم بشأن التأخير في التحقيق في انفجار ميناء بيروت. لا إجراءاتلا دعم»… الجمودُ السياسيالحكومي على حاله ولا اتصالات على خط التشكيل.

وحضرت مستجدات ملف التدقيق الحسابي والمالي في السراي الحكومي بين رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، والوزير غازي وزني، ومدير شركة «Oliver Wyman» المولجة بالتدقيق الحسابي والمالي أوليفر وينش، مدير شركة «KPMG» مارتن هيوسكيتس، مفوّض الحكومة لدى مصرف لبنان كريستال واكيم، ونقيبة المحامين السابقة أمل حداد.

على صعيد آخر لا مستجدات حكوميّة. وتوقّعت مصادر متابعة للشأن الحكومي للبناء استمرار الجمود الحكومي الى العام المقبل كحد أدنى. وكشفت مصادر بعبدا أن لا موعد محدّداً للرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري لزيارة بعبدا.

كذلك، أكّدت مصادر مطلعة عن وجود اتصالات خارجية، خصوصاً فرنسيّة بمسؤولين لبنانيين للحثّ على تشكيل الحكومة.

ووجّه وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان رسالة الى الاغتراب اللبناني أكد فيها على دعم فرنسا الكامل للبنان في هذه المرحلة الصعبة والتي يقف فيها لبنان على مشارف الانهيار، على حد تعبيره.

ودعا المغتربين اللبنانيين الى الاستمرار بالقيام بدورهم الحيويّ وحثّهم على دعم وطنهم من خلال إرسال المساعدات للشعب اللبناني عبر منصتين مخصصتين لدعم لبنان من قبل الأمم المتحدة والمؤسسة الفرنسيّة للدعم بالشراكة مع وكالة التنمية الفرنسيّة.

وقد أكد أيضاً بأن فرنسا لم تتأخر يوماً بالوقوف الى جانب لبنان وبالأخص بعد انفجار الرابع من آب من خلال مواقفها وتقديمها مساعدات فورية في مختلف الأصعدة ومع المتابعة السياسية المستمرة.

 تأتي هذه الرسالة من وزير الخارجية الفرنسي رداً على الخطاب المشترك الذي أرسل الى الخارجية الفرنسية من قبل مجلس رجال الأعمال اللبنانيين في فرنسا (HALFA) ومجلس التنفيذيين اللبنانيين (LEC) والمجلس الاغترابي اللبناني في بلجيكا.

وفي معرض رسالته أكد لودريان على حتمية التزام الطبقة السياسية بإجراء الإصلاحات اللازمة ومحاربة الفساد. وختم وزير الخارجية الفرنسي بتأكيد وقوف فرنسا الدائم الى جانب الشعب اللبناني.

وكانت لافتة زحمة المواقف الدوليّة تجاه لبنان. وأنهى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط جايمس كليفرلي، زيارته للبنان، داعياً المسؤولين اللبنانيين الى التحرك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة. وأعلنت السفارة البريطانية في بيان «في زيارته الأولى الى لبنان، حثّ وزير شؤون الشرق الأوسط سياسيي لبنان على تنفيذ إصلاحات عاجلة لمنع البلاد من الانزلاق أكثر في الأزمة الاقتصادية. وشدد كليفرلي على الحاجة إلى الإسراع في تشكيل حكومة جديدة وضرورة إجراء إصلاحات قد طال انتظارها.

 وفي ختام زيارته قال الوزير كليفرلي «لقد شعرت بالتواضع أمام قوة اللبنانيين الذين التقيت بهم خلال زيارتي وشجاعتهم، بالرغم من الأوقات الصعبة جداً، التي يواجهون. ستستمر المملكة المتحدة والمجتمع الدولي في دعم الشعب اللبناني، بما في ذلك أولئك الأكثر ضعفاً. لكن هذا وحده لا يكفي، وعلى القادة اللبنانيين التحرّك الآن لإنقاذ لبنان من كارثة اقتصادية شاملة. إن شعب لبنان يستحق مستقبلاً أفضل. المساءلة والشفافيّة وتحمّل المسؤولية أمور أساسية لنهوض لبنان من جديد».

من جهته أعلن سفير الاتحاد الأوروبي رالف طراف في مؤتمر إعادة إعمار لبنان أن «لا يمكن أن يتوقع لبنان المساعدة من دون تحقيق الإصلاحات التي باتت معروفة». أما المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة في لبنان نجاة رشدي، فقالت «نكرّر الدعوة لتشكيل حكومة جديدة تتحمّل المسؤولية أمام شعبها وقد أبلغنا هذا الأمر للمعنيين».

من جانبه، أشار مدير البنك الدولي كومارجاه الى أن «على المسؤولين أخذ الخطوات المناسبة وعلى المؤسسات أن تقوم بدورها»، وأضاف «قرّرنا أن ننشئ آلية تمويل تسمح للجهات الدولية المانحة أن تضع تمويلها ضمن معايير الحماية والشفافية لذا ستكون هناك هيئة إشراف تراقب المال الذي سيتم وضعه لإعادة الإعمار»، مستطرداً «لا نستطيع إنجاز كل هذا من دون حكومة شفافة ومسؤولة».

وأعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان في مؤتمر عبر تطبيق ZOOM إطلاق إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار للبنان الذي أعدّه الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ومجموعة البنك الدولي استجابة لانفجار مرفأ بيروت. وأشارت الى أن استناداً إلى التقييم السريع للأضرار والاحتياجات في بيروت وضعت الجهات الثلاث «إطار الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار» الذي يعطي الأولوية لاحتياجات الناس، وخصوصاً الفقراء والأكثر ضعفا، والمزمع تنفيذه خلال 18 شهراً.

في غضون ذلك سُجّل موقف سعودي لافت. فقد أكد نائب وزير الخارجية السعودي، وليد الخريجي الذي شارك نيابة عن وزير الخارجية، في مؤتمر باريس لدعم لبنان وشعبه، أن المملكة العربية السعودية ترفض ممارسات حزب الله في لبنان. وقال الخريجي في تغريدة على «تويتر»، إنه أكد موقف المملكة الثابت في «الوقوف إلى جانب الشعب اللبناني، ورفضها التام لممارسات حزب الله المدعومة من إيران، المعطّلة للحياة السياسيّة».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى