مقالات وآراء

مؤسسة القتلى «الإسرائيلية» (2)

 د. علي عز الدين

«الخازكا»… من بطولات الموساد «الإسرائيلي» التي حاول أن يظهرها كإنجاز للوكالة اليهودية التي أخذت على عاتقها القيام بحملات هجرة من أغلب دول تواجد اليهود إلى الأرض الموعودة في فلسطين، وفي ظلّ تنافس «الموساد» مع أجهزة الكيان «الإسرائيلي» آنذاك وتفاخره بأكبر عملية نقل ليهود «الفلاشا» من أفريقيا إلى الكيان المحتل، تبيّن لاحقاً أنّ الكثير منهم هم عرب مسلمون أتوا من أرض جنوب السودان وهذا ما طرحه نتنياهو في الآونة الأخيرة مع دولهم الأم بضرورة استرجاع رعاياها والسبب هنا هو التمييز والاضطهاد العنصري لـ «الفلاشا» من باقي المكوّنات اليهودية

ينص معتقد «الخازكا» على أنه يحق لليهودي أن يستملك (يسرق) أي أرض يريدها شريطة أن يُنتِج منها ثلاثة مواسم وبعدها تصبح ملكاً له حتى لو أتى صاحبها لاستردادها فلا يستطيع، وذلك لصعوبة التحكيم في ما بين المتخاصمين، خاصة إنْ كان صاحب الأرض الأصلي غير يهودي! من هنا انطلقت عمليات سرقة الأراضي وتهويدها في ما يُعرف بالاستيطان وهو تعريف تلمودي وضعي من قبل بعض الحاخامات ليتحقق بذلك طرد أصحاب الأرض الأصليين، وأيضاً لإيجاد رابط بين القادم المستوطن وبين الأرض التي سوف يعيش عليها هو وأبناؤه، وهذا الرابط هو ليبقى فيها ويدافع عنها لذلك وجب عليهم البدء بزراعتها وإنتاج محاصيلها حيث ينص التلمود المزعوم أنّ للإنسان ثلث الزراعة وثلث الصناعة وثلثٌ خاص به، أرض الأحلام المهاجرين خاصة «الفلاشا» لم تكن سوى أرض جحيم التفرقة الإنسانية والتمييز العنصري ورفضهم من قبل باقي مكوّنات المجتمع العبري، وتشهد تجمعات «الفلاشا» أعلى نسبة تهميش ونسيان من قبل الإدارات المدنية والبلديات مما يجعل هذه التجمعات قنبلة موقوتة قد تنفجر كما حدث إبان الاحتجاجات والاضطرابات الأخيرة ضدّ عنف الشرطة والتمييز العنصري اتجاههم، ردّ فعل بعض شباب «الفلاشا» الغاضب يتجلى بانضمامه إلى العصابات الإجرامية وتجارة المخدرات حيث ترتفع نسب الجريمة والفساد والبطالة أيضاً في خاصرة المجتمع الصهيوني الهشّ، والذي يعاني من سطوة أعمال العصابات المنظمة التي نقلت مركز أعمالها إلى الكيان «الإسرائيلي»…

العلاج السلوكي: إنّ متلازمة فرط الحركة وعدم التركيز مردّها إلى خلل في كيمياء المخ والتي تبدأ في الظهور في مراحل النمو عند الأطفال، حيث تصعب السيطرة على حركتهم الدائمة، وبالتالي يفقدون التركيز في مجمل المهارات الأساسية وأهمّها التعليم، ويُعزى ذلك أيضاً لغياب الاستقرار العائلي واضطرابات محيط الأطفال الاجتماعية مما يساعد في زيادة الحالة المَرَضية لديه، وتزداد هذه الحالات اضطراداً في مجتمع الكيان المحتلّ لغياب الروابط التي تجمع أيّ مجتمع مدني بين الإنسان والإنسان أو الإنسان والمحيط والأرض بالرغم من كلّ محاولات الإدارات اليهودية والتي لا تصمد أمام الحالات المضطربة المتجدّدة في مجمتع متفكك ويتجه إلى الانهيار، فكان لا بدّ أن نقول المجد للريتالين Retaline methylphenidate هو دواء منبّه للجهاز العصبي المركزي، يعمل على زيادة الإنتباه، وزيادة التركيز والتحصيل العلمي عند الإطفال، حيث يُعطي فعالية سريعة ذات إيقاع ضابط للحركة، أمّا ما يحدث لاحقاً مع تقدّم الأطفال في العمر وزيادة بنيتهم الجسمانية فهم يحتاجون إلى جرعات أعلى من هذا الدواء العجيب، وهنا قد تظهر بعض الحالات النفسية العكسية من تفاقم مشاكل السلوك العدواني تجاه المحيط، بالإضافة إلى اضطرابات التفكير والتقلبات المزاجية، وبالتالي يرتفع منسوب طلب المريض لجرعات أعلى وينتقل إلى إدمان مختلف يبدأ ببعض العقاقير المخدّرة وبعض الفطر المُهَلْوِس وصولا حتى المخدرات التي يُدمِنُها أغلب الشباب الصهيوني ومنهم أعداد كبيرة داخل المؤسسات العسكرية والنتيجة الكثير من الأفعال الإجرامية الجنائية والاغتصابات وصولاً إلى الانتحار، ويسجل عدّاد المُنتحرين ارتفاعاً ملحوظاً كلّ عام ضمن الكيان العبري

بتاح كيفا: مدينة تحتوي على مدرسة بن غوريون الثانوية ويتمّ فيها أبشع استغلال للأطفال في العالم حيث يتمّ توجيههم بحجة المحافظة على أمن وديمومة «إسرائيل» إلى دراسات اللغات الأجنبية للأعداء وتحديداً العربية (فرقة المُسْتَعرِبين والتي أعادت أمجاد العصابات الصهيونية في عالم الإجرام والإبادة للشعوب المستضعفة) وأيضاً تعليم اللغة والثقافة الفارسية في سبيل بناء جيل استخباري يُتقِن العمل الاستخباري لينخرط لاحقاً في أعمال الاغتيالات الموجهة حيث يتخرّج سنوياً من هذه المدرسة عشرات الأطفال ويتمّ تدريبهم واستغلالهم تحت مسمّيات مواجهة خطر الملف النووي الإيراني كما صرّح سابقاً أحد المشرفين على هذا البرنامج، المفارقة أنّ أغلب الأطفال المشاركين في برامج أجهزة الاستخبارات الصهيونية هم من خرّيجي المياتم والمعاهد من مجهولي النسب (راجع المقال السابق).

من «خازكا» إلى الإدمان مروراً بالتمييز العنصري والطبقي، انتهاء باستغلال موارد الطفولة البشرية بأعمال إجرامية وقذرة، يصعد المجتمع في الكيان العبري درجة إثر درجة ليصل إلى حافة هاوية الانهيار الداخلي حيث لا مكان ولا زمان ولا تاريخ لهم على هذه الأرض العربية المولد والبقاء، على أرض تلفظ كلّ يوم مؤسسة القتلى «الإسرائيلية»…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى