أولى

أين لبنان من المبادرتين 
العراقيّة والسوريّة؟

 بشارة مرهج _

الأخبار الآتية من سورية عن قرب انتهاء العمل بترميم وتجديد خط السكك الحديديّة الذي يربط بين دمشق وحلب من جهة، وبين سورية والعراق من جهة أخرى، يمكن اعتبارها أخباراً إيجابية واعدة وتعاكس الوضع السائد المبني على القطع والانفصال وصولاً الى التفتيت والتشظي على كلّ الصعد، عربياً وداخل كلّ قطر بمفرده.

وتكتسب هذه الأخبارالحقائق أهمية كبيرة عندما ننظر إليها بمنظار الإرادة التي ترفض الاستسلام للانقسام وتصرّ على البناء والربط والاتحاد في ظلّ تصاعد العدوان الصهيوني المدعوم أميركياً على فلسطين وسورية والعراق ولبنان دونما أيّ اعتبار للحقوق الثابتة أو الحقائق الفلسطينية المرسومة على ألواح الأمم المتحدة.

على أنّ هذه المبادرات التي طال انتظارها من قبل المواطن العربي المهدّد، بالجوع والانسحاق، من شأنها إذا أحيطت بالعناية والحماية إحياء الأمل وتبديد الجزع لدى هذا المواطن الذي يخشى أكثر ما يخشى أن تترسّخ موجة التقسيم والانعزال والفدراليّة التي تبدو، لأوساط كثيرة طاغية، وجارفة لكلّ مَن يقف بوجهها من القوى التي تؤمن بالوحدة الوطنية للأقطار العربية وبوحدة الأمة ذاتها على قواعد ديمقراطية حضارية حديثة.

أما المبادرة الثانية التي لا تقلّ أهمية عن المبادرة السورية في هذا المضمار فقد أطلت برأسها من خلال الموقف الذي تعهّد به رئيس وزراء العراق عندما أكد للشعب العربي إعادة فتح منفذ عرعر مع السعودية المغلق منذ 30 عاماً، بالتزامن مع غلق المعابر غير الشرعية، وإطلاق حرية الاستثمار ونقل التكنولوجيا بين الدول العربية الثلاث العراقالأردنمصر، على أن يرتبط كلّ ذلك بمشروع إنشاء سوق اقتصادية عربية تمتدّ من العراق الى مصر مروراً بسورية والأردن ولبنان. ومما يجب التوقف عنده بانتباه وتقدير تأكيد المصادر العراقية أنّ اللقاءات العربية تتضمّن تعهّدات بمساعدة لبنان في احتواء تبعات أزمته الاقتصادية، خصوصاً بعد تفجير مرفأ بيروت.

إنّ هذه التطورات المهمة في كلّ من دمشق وبغداد ينبغي أن تكون حافزاً للهيئات الشعبية والاقتصادية اللبنانية، على أنواعها، للضغط على المسؤولين المتردّدين والمهملين الى ملاقاة العاصمتين العربيتين في منتصف الطريق لنسج علاقات أوثق وأقوى وأشمل معهما على الصعيد الاقتصادي كما على الصعيد الاستراتيجي مما يزيد من منسوب الحماية الاقتصاديّة والأمنيّة التي يحتاجها لبنان وكلّ قطر عربي في ظلّ التغوّل الصهيوني المتصاعد الذي يتناول في هذه اللحظات أهل فلسطين وأطفالهم ومقدّساتهم وأراضيهم وبيوتهم ومؤسّساتهم ومصانعهم ومزارعهم بقصد تهجيرهم والمضيّ قدماً في مشروع الدولة اليهودية الخالصة التي تهدّد فلسطين ولبنان وسورية والمنطقة بنكبة أسوأ وأفظع من نكبة عام 1948 فيما لو لم نتدارك الأمر بمزيد من الخطوات الديمقراطية والوحدوية على الصعيد الوطني كما القومي.

*نائب ووزير سابق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى