مقالات وآراء

مَنْ الذي يعمل
على تبييض صفحة المُستَعْمِرين!

} السيد سامي خضرا

تُنشر على وسائل التواصل وبشكلٍ دائم أخبار وصور وكلمات وتعليقات تُمدَحُ فيها شخصياتٌ غربية وتُنسَب إليهم مواقف «إنسانية» تَنُمُّ عن تواضعهم وذلك من أجل أن يظهروا وهم في حياتهم اليومية على جانبٍ كبير من الحرص على المُمارسات الأخلاقية ومصالح الناس والدولة والتقيُّد بالقانون والتَّشَبُّه بعامة الشعب!

تُنشر هذه الأخبار ويتعاطف معها الناس بقوة خاصة أنها صفات نفتقدها في بلادنا.

وهؤلاء الممدوحون ينتمون لدول استعمارية معروفة ببطشها وظلمها ووحشيتها ودمويتها!

ثم وبعد نشر هذه المواد تُرفَق بتعليقات فيها إدانة وحسرة على ما نعيشه ونُعانيه من مسؤولي بلادنا الفاسدين.

ولِتَتَوضَّح الصورة أكثر إليك بعض الأمثلة:

1 ـ رجل يقف بالصف ليقبضَ راتبهيُقال عنه إنه وزيرٌ نروجي وقد فعل ذلك لتواضعه!

عجباً:

هل في النروج تُقبض الرواتب بالطريقة التقليدية اليدوية؟!

وبعد البحث والتدقيق يتبيَّن أن لا أساس لكلّ هذا الادِّعاءلكن الخبر انتشر وفات الأوان.

2 ـ صورة لإمرأة تقف على جانب شاحنة تجمع القمامة ويُقال عنها إنها الأميرة بنت ملك بلجيكا!

وبعد التَّتبُّع يتبيَّن أن الإدِّعاء باطل من أساسه.

وأنت لا تعرف مَن جاء بالخبر والصورة والتعليق!

3 ـ الخبر أنه «لم يعد هناك إشارات سير في الشوارع البريطانية»!

لماذا؟

لأنّ الناس كلها تطبّق القوانين ولا تُخالف أنظمة السير فلا لزوم لإشاراتٍ سير ضوئية ولا لرجال أمنٍ يُنَظِّمون السير!

وهل من عاقلٍ يُصدِّق هذا الكلام؟

4 ـ ياباني ينحني أمام حشدٍ في قاعةٍ كبرى مُعتذراً عن انقطاع الكهرباء لمدة عشر دقائق وهو رئيس وزراء اليابان!

ليتَبَيَّن في ما بعد أن هذه الصورة هي تحية عادية طبيعية لمدير شركة «نيسان» في مؤتمر رسمي للشركة يُلقي فيها التحية على موظفيه في مؤتمر عام!

5 ـ في النروج تمّ إغلاق كلّ السجون وتحويلها إلى جامعات!

لماذا؟

لأنه لم يعد هناك مجرمون في طول البلاد وعرضها فلا اعتداء ولا قتل ولا سرقة ولا فساد!

فلم يعد هناك حاجة للسجون التي تَحَوَّلت إلى مراكز جامعية وأبحاث علمية!

6 ـ رجلٌ يقف في باص مُتوجِّها إلى مركز عمله لِيُقال إنه رئيس وزراء الدنمارك ينتقل إلى مقرّ الرئاسة من دون أن يستعمل سيارة رسمية!

وبعد التحقُّق يظهر أنه شخص عادي غير معروف الهوية.

7 ـ ورجل آخر يُمسك بيد طفلٍ ويُقال إنه يأخذُ إبنَه إلى المستشفى وهو رئيس وزراء السويد!

لِيَتبيَّن أنه مجرد رجل يصطحبُ طفلاً من دون أن نعرف هويته ولا وِجْهته ولا وظيفته ولا جنسيتَهُ!

8 ـ إمرأةٌ تتجوّل في محلّ لبيع الخضروات ويُقال إنها وزيرة ألمانية تتَسوَّق من دون مرافقين.

من غير أن نفهم تفاصيل وحيثيات وحقيقة الموضوع.

والخلاصة:

أنّ الأمثلة على مثل هذه السفائف لا تنتهي.

والمؤسف أنّ كلّ هذه التُّرَّهات واضحة البُطلان ولكنها تنتشر انتشار النار في الهشيم ومع تسليمٍ تامّ بها.

والمؤسف أكثر أننا في بلداننا الإسلامية لو وُجِد نماذج يُحتذى بها من حيثُ التواضع والإخلاص والجدارة والكفاءة فلا تُسَلَّط عليها الأضواء مطلقاً!

ولا تخلو بلداننا الإسلامية من نماذج يُفتَخرُ بها من ماليزيا إلى أندونيسيا إلى الجزائر إلى بلدانٍ عديدة خاصةً في العقود التي تَلَت الحقبة الإستعمارية.

وأما النماذج المتوفرة في الجمهورية الإسلامية في إيران فهي أكثر من أن تُحصى.

وكاتب هذه المقالة شاهدٌ على عشرات النماذج التي يُفتَخرُ بها من حيثُ النزاهة والكفاءة والتواضع والتضحية وتُرابيَّة المَزاج.

لكن الإحساس بالدونية والصَّغَار يمنعان من تظهير هذه الصور المُشرقة أو الكتابة عنها أو نقلها.

فَمَن هي الجهة التي تُصيغ وتُشرف وتنشر مثل هذه الأخبار تبييضا لصفحة الاستعمار؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى