ثقافة وفنون

ذكرياتي مع فيروز (ج 4)

 

} رانية مرعي

هل تذكرون مثلي حبَّ الطّفولة.. وتلك اللمعة التي تكشفُ براءتنا بوجنتين متورّدتين..؟

سرٌّ كان يشبهُ الرّبيع، كلّما أخفيناه ازدادَ توهُّجًا ..

« لا تسألوني ما اسمه حبيبي

أخشى عليكم ضوعة الطيوب ..»

كنتُ أوافقُ على قرار فيروز.. ولكن! لكثرة ما كنتُ أردّدُ اسمَه أمامَ أمّي كانت تضحكُ كأنّها تقولُ لي: «عرفته..». وكنتُ أُكملُ حديثًا عابقًا بأحلام فتاةٍ، غدُها لقاء بصديقها الحبيب.. وحبيبها الصديق ..

« لو فينا نهرب ونطير مع هالورق الطاير

تنكبر بعد بكير شو صاير.. شو صاير .. «

أمّا لقائي الأول مع مرآتي فكان يوم الحفل المدرسيّ، كأنّني أرى نفسي للمرّة الأولى.. وقفتُ طويلًا أراقبُ ظلّي الجديد.

«قالت لي المراية

تغيّرتِ عليي

كبرتِ قبل الحكاية

وشفناكِ صبيّة ..»

هل صحيح أنّ الفتيات يختبئن في المرايا؟!

ماذا تخطّطُ فيروز؟ لمَ أرادت أن نبقى بفستانٍ زهريّ.. وجديلة مزيّنة بالورود؟ ..

يومها، مشيتُ كالأميرات.. صعدتُ درجَ بيتنا الطويل وأنا أفكّرُ بسندريلا .. والحذاء الضائع.. وإذا بصوت أمي يُعيدني إلى الواقع وهي تهمسُ لأبي: «انظر كم تبدو ابنتنا مختلفة ..! «

استرقْتُ النّظرَ إليه، لم يتكلّم ولكنّي شعرتُ بغيرةٍ تجتاحُهُ.. ففاجأته بسؤال : «هل أبدو جميلة؟».

في تلك اللحظة، شعرتُ بخوفِ أبي.. فحملني ليقولَ لأمي: «ما زالت صغيرة .. صغيرة جدًا ..»

ورقصتُ مع الصديق الحبيب بكلّ فرحي.. وغروري !

« أنا لحبيبي وحبيبي إلي

يا عصفورة بيضا لا بقى تسألي

لا يعتب حدا ولا يزعل حدا

أنا لحبيبي وحبيبي إلي …»

وانتهت الحفلة.. وهاجر حبيب الطفولة دون وداع ..

واسيتُ نفسي بوردات جدتي ..

وما زلت أبتسمُ بملء القلب لتلك الذكريات !

ولأنّي وعدْتُ تلك الصغيرة.. «لن أبوحَ باسمه.. حبيبها»

يتبع…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى