يتنازلون عن أولى القبلتين وحسين لا يتنازل عن دجاجته
} عمر عبد القادر غندور*
يبدو انّ مغارة المرفأ ما زالت تبيض مستوعبات (كونتينرات) مجهولة المحتويات ولا يُعرف أصحابها ويزيد عددها عن 600 مستوعب اكتشفتها مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، تقول محطة «أل بي سي»، قبل أسبوع!
كيف دخلت هذه المستوعبات المجهولة المُحتوى؟ وهل لها مانيفست، وتضاف الى مئات المستوعبات المجهولة المركونة في أطراف المرفأ ولا أحد يعلم عنها شيئاً!
انفجار المرفأ الرهيب في الرابع من آب الماضي الذي دمّر مئات المنازل وهجّر آلاف اللبنانيين وقضى على أكثر من مئتي ضحية وأكثر من خمسة آلاف معوق، لم يكن كافياً على ما يبدو لضبط المرفأ أمنياً وإدارياً وجمركياً، فمضى الفساد فيه وكأنّ شيئاً لم يكن !!
ولا نتحدث عن أزمة تشكيل الحكومة والتراشق بالبيانات بين الرئاسيتن الأولى والثالثة بالتكليف، وتعثر التحقيق الجنائي واستمرار النهب المنظم والمقونن لحساب حيتان الطبقة السياسية في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي جعلت 50% من اللبنانيين تحت خط الفقر، وأزمات المحروقات والكهرباء وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية وفقدان معظم الأدوية، والقضاء الذي يسلك طرقاً غير معبّدة وكورونا الذي يساهم في هلاك اللبنانيين… كلّ هذه المحن والرزايا المرشحة للمزيد التي تجعل حياتنا جحيماً، ونسأل الله ان يرفعه عنا.
في ظلمة أوضاعنا المتردية، يشعّ قبس من نور مصدره بلدة ميس الجبل الصامدة قرب السياج الحدودي بين لبنان وفلسطين المحتلة، عندما قصد الفتى حسين شرتوني «قنّ الدجاج» يحمل طعاماً للدجاج فأفلتت من القن دجاجة وتجاوزت الشريط الفاصل الى داخل الاراضي الفلسطينية المحتلة في مواجهة مستوطنة مسكاف عام الصهيونية، محاولاً استعادتها، فتحركت آلية عسكرية إسرائيلية وراحت تطلق النار في الهواء لإبعاد الفتى عن الشريط ولكنه لم يتراجع وشاهد اللبنانيون على شاشات التلفاز الفتى يقول لمصور التلفاز: بدي دجاجتي، ويرفض العودة الى بلدته.
هذا الفتى الجنوبي الذي يفيض براءة وإصراراً على استعادة دجاجته ويرفض العودة الى قريته ولا يأبه بالجنود الصهاينة ولا بإطلاق الرصاص ولا يتنازل عن دجاجته، في الوقت الذي تتنازل فيه ممالك ودول عن أولى القبلتين وتطبّع مع دولة الاحتلال وتقدّم لها فلسطين والقدس من غير أن يرفّ لها جفن، ونراهم يتولون عدوّهم ويقدّمونه ويودّونه وهو لا يضمر لهم إلا الاستهزاء، ولبئس ما ارتكبته أيديهم.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي