مقالات وآراء

ساعي البريد الصّهيوني ومهمّة ماكرون

} شوقي عواضة

قلبه على الشّعب اللّبناني ويتضامن معه في حراكه ضدّ الفاسدين ويدين بأشدّ اللّهجات ما يتعرّض له هذا الحراك من قمعٍ يمارسه هو ضدّ حراك (السترات الصّفراء) في شوارع باريس، والسّبت الأسود ما زال شاهداً على استعمال قوات الأمن الفرنسية آلاف القنابل الصّوتية والغازية في ذلك اليوم الذي سقط فيه ثلاثة قتلى ومئات الجرحى والمعتقلين من المحتجين. يطلّ علينا منظّراً بالحرّية والديمقراطيّة وهو من صاغ قانون الأمن الشامل الذي أطلق بموجبه اليد للشرطة والأمن بممارسة العنف ضدّ المحتجّين أو ضدّ كلّ من يعبّر عن رأيه. إنّه الرئيس إيمانويل ماكرون المصرفي والاستثماري السابق في بنك روتشيلد الذي تعود ملكيته لعائلة روتشيلد اليهوديّة الألمانية التي كانت ولا تزال تلعب دوراً رئيساً في الحروب الدائرة حول العالم من خلال تمويلها لعددٍ كبيرٍ من الأطراف المتنازعة في أكبر الحروب التي حدثت في آخر مئتي سنة، إضافةً إلى ذلك فإنّ الرئيس ماكرون الآتي من مدرسة رجل الأعمال الأميركي اليهودي شيلدون أديلسون، رئيس مجلس إدارة شركة لاس فيغاس ساندز (Las Vegas Sands) والرئيس التنفيذي لهاو التي تدير أكبر الكازينوهات وقاعات المؤتمرات في لاس فيغاس ومالك الجريدة «الإسرائيلية» اليوميّة «إسرائيل هايوم» والذي احتلّ وفقاً لمجلة «فوربس» المرتبة الثامنة ضمن أغنى أغنياء العالم حيث قدّرت ثروته ب40 مليار دولار، شيلدون الذي أسّس مع زوجته الجمعيّة الخيريّة أديلسون فاونديشن، والتي تركز بشكلٍ كبير على دعم قضايا تتعلّق بـ (إسرائيلواليهود بشكل عام، حيث تُعتبر أكبر مؤسّسة خيريّةٍ داعمةٍ للكيان الصهيوني، كما أنّ أديلسون يعتبر الدّاعم الأوّل لحلف الناتو.

تلك هي خلفية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المتخم بأجندات الصّهيونية التي يريد تطبيقها علينا في لبنان في محاولةٍ لاستعادة أمجاد الاحتلال الفرنسي ليقدّم نفسه وكيلاً حصرياً لحلّ الأزمات التي عجز عن حلّها في بلاده. وما يهمّه ليس خلاص لبنان بقدر ما يهمّه تنفيذ المطلوب منه إسرائيليّاً وهي مهمة الوفاء لمن رعوه وأوصلوه إلى سدّة الرئاسة على غرار الكثيرين من الذين شغلوا ويشغلون مواقع سياسيّةً حساسّةً ليس في فرنسا فقط وإنما أيضاً أوروبا وقارات أخرى.

إذن المهمة الوحيدة هي تنفيذ السياسات الصّهيونية في ظلّ موجة التطبيع التي تشهدها بعض الدّول العربية المطلوب من ماكرون تقديم لبنان أضحية على مذبح صندوق النّقد الدولي من خلال حصوله على المزيد من القروض في مقابل تقديم تنازلاتٍ سياديّةٍ للكيان الصهيوني لا سيما في قضية الحدود البحريّة وآبار النّفط وبالتالي فإنّ إغراق لبنان بالمزيد من القروض والديون يعني القضاء عليه لا سيّما بعد انفجار مرفأ بيروت الذي لم يكن صدفةً  تزامنت معها تجهيز الكيان الصهيوني لميناء حيفا وتهيئته ليكون بديلاً عن مرفأ بيروت الذي لم تظهر نتائج التحقيق بواقعة الانفجار لغاية الآن نتيجة تدخلات المخابرات الأميركيّة والفرنسيّة وما قدّمه ماكرون لغاية الآن من آليات لتشكيل الحكومة لا توحي إلّا بالمزيد من الانقسام اللبناني وتصعيب المهمّة، لا سيّما أنّ آلية تشكيل الحكومة هي آليةٌ عقيمةٌ لن تنتج الحكومة التي تحقّق طموحات الشّعب اللبناني من حيث الشراكة الفعليّة في الوطن بل إنّها آلية إلغائيّة لأنّها تلغي كلّ مسمّيات الشّراكة الوطنيّة وتتجاوز الآليات الدستوريّة للتّشكيل وهي تبعيّةٌ لدرجة إرضاء حلفاء الخارج قبل إرضاء الشّعب، وبناءً على ذلك فإنّنا أمام نفقٍ طويلٍ مظلمٍ وداكنٍ لن تضيئه ولادة الحكومة المستحيلة التي تحمّلها بعض الجهات الدوليّة ما لا تطيق حمله مع الشّعب اللبناني.

وفي ظلّ الإصرار على سياسة الإلغاء لتشكيل الحكومة يبقى الشّعب اللبناني بين مدٍّ وجزرٍ وكرٍّ وفرٍّ سياسيٍّ وإصرار أميركي إسرائيليّ خليجي على فرض المزيد من العقوبات والتّرهيب بالحصار والضّغط باتجاه ولادة حكومةٍ تسلم رقبة اللبنانيين لصندوق النّقد الدولي الذي لن يعفي اللبنانيين من سيفه إلّا إذا ولدت حكومة أولى مهماتها محاولة محاصرة المقاومة والتّطبيع. فالرّسائل التي نقلها ساعي البريد الإماراتي ضاحي خلفان ما هي إلّا تهديداتٌ سخيفةٌ تنمّ عن عجز وفشل الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصّهيوني في تحقيق أيّ إنجاز على السّاحة اللبنانيّة، لا سيّما بعد الفشل الذّريع لسياسة الحصار والعقوبات على المقاومة. والأولى لماكرون أن يصلح ما أفسدته سياساته في الدّاخل الفرنسي وعليه فليحاكم أقرب المقرّبين منه ريشار فيرون رئيس الجمعية الوطنيّة الفرنسيّة بتهم الفساد والإثراء غير المشروع. أمّا ساعي البريد الصهيوني فعليه أن يقف خلف أبناء عمومته قرب حائط مبكاهم الجديد ليبكوا هزائمهم سوياً وليشاركهم بشرب نخب انحطاط الشّرف الذي لا يعرف معناه لعلّه ينسى القادم من بأس اليمنيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى