الوطن

الحكومة العتيدة تكون أو لا تكون… والتحدي استعادة ثقة الشعب

 

} عمر عبد القادر غندور*

في ظلّ الانهيارات المعيشية المريعة في الاقتصاد والمال والمصارف والتربية والتعليم والصحة والسياحة والبيئة والاجتماع.

مع كلّ هذا الكدر، هل يتصوّر عاقل انّ الشعب اللبناني يقدّم أولوية تشكيل الحكومة على أمنه الغذائي والاقتصادي والصحي والتعليمي!

وهل يهتمّ الشعب ممّن قد تتشكّل الحكومة ومن هم الوزراء، وإلى أيّ طائفة أو حزب أو كتلة ينتمون؟ وهو المنهك بتأمين لقمة الخبز والسلع الأساسية لضمان أدنى متطلبات العيش الكريم.

ليس تشكيل الحكومة هو مربط الفرس، بل ماذا تستطيع الحكومة ان تبذله وتفعله لإنقاذ ما تبقى من المركب الذي شارف على الغرق أو دخل فيه واقعاً.

أول أمس قال الرئيس المكلف سعد الحريري من قصر بعبدا إنّ اجتماعه مع رئيس الجمهورية كان إيجابياً، ووعد بإمكانية تشكيل الحكومة قبل عيد الميلاد، ووأمس عاد الى القصر الاجمهوري لمتابعة التشاور مع الرئيس، لكن الإيجابية تبدّدت

وليس ببعيد أنّ الرئيس الحريري تحدث سابقاً عن إيجابيات بعد زياراته السابقة إلى قصر بعبدا، وجرت ترجمة هذه «الإيجابيات» سلسلة من البيانات والتغريدات والمواقف العنيفة التي لم تبقِ حجراً على حجر بين الرئاستين الأولى والثالثة! وتبيّن انّ «إيجابية» الأمس هي كسابقاتها، وانّ الرئيس الحريري أشاع مناخاً مغايراً لمناخ الأمس القريب، وأراد أن يُفهم اللبنانيين انّ العقدة ليست عنده بل عند غيره؟

قد يكون هذا الأمر مباحاً في السياسة، ولكن ليس في مثل أوضاعنا التعيسة. وقد يكون الرئيس الحريري صادقاً، وانّ البلد فعلاً أمام استحقاق وُضع على نار حامية فعلاً، ونرجو ذلك.

وفي بعض التفاصيل التي ساهمت في الحديث عن إنضاج تشكيل الحكومة، سرّب التيار الوطني الحر انّ ثلاثة أطراف دخلت على خط إصلاح ذات البيّن بين الرئاستين الاولى والثالثة. وهي البطريرك الماروني وحزب الله واللواء عباس ابراهيم مدير عام الأمن العام ودينامية الرئيس نبيه بري لما له من باع في مثل هذه الحالات. وفي المعلومات أيضاً انّ الفاتيكان اجرى اتصالات بكلّ من باريس والاتحاد الأوروبي وواشنطن لتسهيل تشكيل الحكومة اللبنانية وإزالة المعوقات من طريقها، وليس مصادفة أن يعلن وزير الخارجية الاميركي مارك بومبيو الذي يحزم حقائبه لمغادرة البيت الابيض، استعداد واشنطن صباح الاربعاء قبل انعقاد الاجتماع بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف انّ واشنطن حاضرة للتوسط بين لبنان و «إسرائيل» لمعاودة المفاوضات البحرية، تأكيداً للنفوذ الأميركي في المنطقة ولا فــرق ان يكــون جو بايدن رئيساً او غيره.

وفي التفاصيل ايضاً انّ تكرار اجتماع الرئيس المكلف ورئيس الجمهورية قبل خروج الدخان الأبيض في غضون الساعات التي تسبق عطلة عيد الميلاد كما كان متوقعاً قبل اجتماع يوم أمس بينهما، لزوم حلحلة بعض العقد حول وزارات الداخلية والعدل والدفاع، وهذه العقد ما زالت قائمة وتؤكد مراجع التيار الوطني الحر انّ رئيس الجمهورية هو أكثر المتحمّسين لتشكيل الحكومة اذ لا يعقل ان يكون معرقلا!!

وعن شكل الحكومة، يُرجح انّ التفاهم تمّ على وزارة من 18 وزيراً ورست نهائياً على تشكيلة الستات الثلاث حتى لا يكون لأيّ طرف، الثلث المعطل. أما الحديث عن حكومة اختصاصيين فدونه غموض بحاجة الى توضيح.

الصورة الآن حذرة وليست ضبابية، والأطراف جميعاً بحاجة إلى جرعة ثقة لبعث الدفء في صفوفها ولاستعادة الثقة بها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى