أخيرة

في حالة الطوارئ الصحيّة.. مَن له؟!

 

} هاني سليمان الحلبي

يتكئ على عكازه عندما يتحامل على نفسه. يتجلّد مستجمعاً طاقته الأخيرة كي لا يقع. يحاول أن يوازن بين ما تبقى له من جسد وبين تقوّس ظهره وبضعة أكياس مما يُحسِن إليه بعضُ من تبقى من كرام المارة قبل انقراضهم..

الغالبية ترشقه بنظرة جانبيّة ويشيحون بأنظارهم عنه و«كفى الله المؤمنين شرَّ» الاهتمام.. بعضُهم كان يتجاوزه لكنّ ضميره يُوخزه فيستسلم. يضع يده في جيبه ليستخرج ما تبقى من مصروفها الضئيل بـ»فضل» حرب دولار أميركا.. يبقى مركوناً هناك، قرب أيّ هناك، ولو مضى النهار وهزيع شاسع من الليل ليجمع ما يسدّ الرمق..

هو رمزُنا.. الآن.. مؤشر مصيرنا. شارة المرور إلى مستقبل غير مبشر سوى بالفواجع والعصر النحيب..  هذا الغنيّ عن اسم وهويّة وجنسيّة عن دولة بكل ما فيها من رتب وأوسمة ومراسم.. وطنُه رصيف ممتدّ إلى ما بعد 10452 كلم2. عنوانه ركن فارغ أو زاوية درجة بجانب محل يتهيّأ لإقفال مديد. فتخلو لها الأدراج والأركان وكذلك الطرق..

لم يتكمّم.. لماذا يتكمّم؟ وهو المُكمّم ربما منذ الولادة. مَن يسأله رأيه وموقفه من الإقفال واستثناءاته التي لا تُحصى ولا تُعدّ؟

مَن يسأله اقتراحَه في تشكيل الحكومة العصماء في أشهر التراشق السوداء والرسائل المتلاحقة الرمضاء؟

بل مَن يهتمّ.. كيف يبيت وأين؟ وهو المتلوّي هزالاً والمتضوّر جوعاً لولا بعض السابلة؟!

أهذا نحن؟ مَن تحوّلت رواتبنا في عصرهم الأسود إلى شروى نقير؟

أهذا نحن؟ فهل تتّسع لنا الطرقات لجمع ثمن دواء ليرى أحدنا، او ليسمع او ليدفق دمه مائعاً في أوردته وشرايينه.. وقد سامحنا وزير الاقتصاد المتهالك بسعر ثمن ربطة الخبز. ليرفعها في هذه الحشرة!!

ماذا نحن فاعلون؟.. ألا تولد الثورة من رحم الأحزان؟.. وهل بعدُ منها؟ لكن الثورة قلبها الإنسان وغايتها وطن قَهَر الزمان.. فإن لم تتجه إلى بيت الداء حيث تصدر القرارات المدمّرة، وإن لم يعــتزّ بها الشــرفاء، وإن لم يكن هدفها كرامة المواطن، فلا كانت ثورة ولا مَن يثورون!!

ماذا نحن فاعلون؟؟ كلكم مسؤول، وكلكم عليكم عبء القرار!

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى