أخيرة

تعالَوا إلى كلمة سواء 
لمحاربة كلّ عدوٍ لئيم

  آمنة بدر الدين الحلبي

أجملُ الأثواب الذي يُنسج من نُوُل ذاتنا الإنسانية، وأصدقُ الكلمات التي غزلها الحنين في قلوبنا العامرة بالمحبة، وأحلى اللحظات الموصولة بجسورِ التواصل على أرض الوطن، التي صقلتْ نفوسنا، وهذبت أرواحنا وحثتنا على الإبداع والبناء والتفكير الذاتي لأن النفس لا تنفصل عن الذات مطلقًا، والرحلة طويلة في البحث مع النفس، كي نستطيع خلق شراكة فاعلة مع الذات الإنسانية، وبناء بيئة لاكتشاف ذواتنا، وصقل مهاراتنا في مجتمع كان يرفلُ بالمحبة والحب، لكن الحرب خطفتْ ابتسامةَ العين، وسرقتْ بهجةَ القلب، بعد أن دمّرت جسور التواصل الحضاريّ فيما بيننا، لكن لم تكسرنا لأن روح الحياة ما زالت تنبضُ في عروقنا، والحريةُ تسري في دمائنا.

تعالَوا إلى كلمة سواء بالمحبة والتسامح وقبول الآخر، وليكن التواصل شعارنا، لنُخْرِج ما عندنا من القدرات الكامنة في أعماق الذات الإنسانيّة. معا نمدُّ جسور التواصل بالحوار الحضاري، ونزرع الياسمين بعد أن نعشِّب الأشواك البرية من نفوسنا، ونطلق العنان لتفكيرنا الحر، والخلاّق، والمبدع، ونعمل على إيجاد قواسم مشتركة مع بعضنا البعض كي ينهضَ طائرُ الفينيق فينا، نحلِّق لنبني، ونمسح الدموع التي أتلفت مآقينا، ونغسل الدماء التي أُهرقتْ على أرضنا، وتدفقت ليلاً نهاراً كشلال ساري في أودية الأرض وسهولها.

تعالَوا إلى كلمة سواء بفهم أنفسنا، فإن لم نستطع فهم أنفسنا، لا نستطيع فهم الآخر وبالتالي لا نستطيع التواصل البنّاء مع الآخر، ولنجعل التواصل الحضاري يصقلُ أرواحنا التي أرهقتها الدماء ورائحة البارود، والسعي الدؤوب لفهم ذواتنا لأن أفضلَ سريرٍ لراحة الإنسان هو بيت ذاته الأخرى، ولن نستطع مدّ جسور التواصل إلا بعد أن نتعلم كيف نفضَّ أختام قلبنا قبل أن ينسحق من الألم، لأن بعض الألم يوجعنا، وبعضه الآخر يجعلنا نتغير نحو الأفضل، بإنهاء خلافتنا التي لا تسمن ولا تغني من جوع.

تعالَوا إلى كلمة سواء ببناء القيم الإنسانيّة كي نعيد أمجاد سورية العظيمة، وليكن الخُلق الكريم في حوارنا، والصدق في عطائنا، والأمانة في عملنا وتعاملنا، لأن الحق يزهو بالجمال، والحقيقة تظهر في الحق، حين نتبادل الاحترام، ونتميّز بالأسلوب الحضاري، نبني المجتمع، ونرقى بحرية الفكر.

تعالوا إلى كلمة سواء، نلتزم بالمبادئ الأخلاقية لتلبية التطلعات، كي نعودَ لإبداعنا، ونرقى بفكرنا، وننمي مواهب الأجيال القادمة والمتبقية بالخَلق والإبداع، والرسم والموسيقى، حتى نعزف لغة واحدة في حب الوطن، ونرسم لوحة واحدة في عشق الوطن، ونزرع الياسمين، كي تزهر سورية بالحب، وتورق بالمحبة، وتُبنى بالعشق.

تعالوا إلى كلمة سواء ننشد معاً أغنية الحياة، لأن النُّواح لا يسدُّ رمقنا، والدموع لا تروي غليلنا، بل العطاء يحيي نفوسنا، ويجعلنا أحرارًا بنورِ النهار، وهدوءِ الليل، فالتكاتف الاجتماعي يجعلنا نحلّق في فضاءات الله عز وجل، والعمل الإنساني بملء اليد الفارغة، وإطعام الفم الجائع، وغزل الثوب للفقير هو الحلقة الذهبية التي تصلنا بالبشرية جمعاء.

تعالوا إلى كلمة سواء، معاً نمدّ جسور التواصل، ونزرع الياسمين، بتطوير الذات الإنسانية وإظهار الحق الكامن في النفس، والسعي الحثيث لفتحِ آفاق الفنون التي تهذب النفوس، وتمنحنا طاقة إيجابية كي نبني مجتمعًا أجمل مما كان، ونسعى لقبول الآخر لإعادة ما هدمناه كي يغفر لنا وطننا، ونحتضن أبناءنا حتى يواصلوا البقاء تحت سماء الوطن بتشجيعهم على إخراج الطاقات الكامنة في أعماق الذات، وتطويرهم وتلبية احتياجاتهم، وتقوية أواصر العلاقة بينهم وبين المجتمع بكل شرائحه.

تعالوا إلى كلمة سواء بالحب والمحبة والخلق الكريم نمد جسور التواصل معاً، ونزرع الياسمين في وطن الياسمين، لنحارب عدواً قاتلاً آخر تمدّد في مجتمعاتنا ومنع عنّا نور الشمس وأبقانا حبيسي البيوت أو المستشفيات.

تعالوا إلى كلمة سواء بالتعاضد والتكاتف وحب الآخر كي نزيح عتمة الليل ونوقف تسلّطَ الغول «كورونا» على أجسادنا بالالتزام بكل ما هو يبقينا على قيد الحياة، وبمدّ يد العون ماديًا ومعنويًا إلى بعضنا البعض كي تبقى مجتمعاتنا متكاتفة متعاونة ضد أي غريب يستقطب وطننا ليمحونا عن الوجود.

تعالوا إلى كلمة سواء ضد أي عدوٍ خارجي أو داخلي يهاجمنا كي نبقى أقوياء في صدِّه والوقوف بوجهه، والعمل على بناء فكر خلاّقٍ ومبدع من جيل شبابنا ليكونوا جيشًا قويًا في وجه كل عدوٍّ لئيم، عُتُّلٍ زنيم.

تعالوا إلى كلمة سواء وحافظوا على صحتكم لنزرع الياسمين ونشمَّ عطره بدلاً من مواد التعقيم القاتلة، وننهي ذاك الغول الذي صنعته يد الإجرام لقتلنا، كي يستولوا على مقدراتنا وثرواتنا بعد أن يدفنونا في الحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى