مقالات وآراء

ماذا تخبّئ الساعات الأخيرة من ولاية ترامب؟

} عمر عبد القادر غندور*

 برغم الجدية، في محاسبة دونالد ترامب لمسؤوليته عن اقتحام مبنى الكونغرس بتحريض مباشر منه، وإمكانية مساءلته في جريمة اعتدائه على الديمقراطية وانتهاك حرمة هذهالديمقراطيةالرمز؟ فما زال للرئيس المنتهية ولايته بعض الوقت ليمارس مفاجآته مستغلاً ما بقي له من صلاحيات، ولا يخشى من شيء يخسره على المستوى الشخصي.

 ولذلك، ينبغي ان لا ننظر بـلامبالاةعندما يأمر ترامب بتوسيع القيادة العسكرية الأميركية الرئيسية في الشرق الأوسط لتشملإسرائيلفي إعادة تنظيم اللحظة الأخيرة لهيكل الدفاع الأميركي الذي دعت إليه الجماعات الموالية لـإسرائيلالمطبّعة مع دولة الاحتلال لفلسطين، وبالتالي إلزام إدارة الرئيس المنتخب بايدن بأجندة ترامب العسكرية، في ضوء وجود القطع الحربية الأميركية البحرية والجوية الحديثة في مياه الخليج وسمائه، ولا يجوز إهمال تهديداته بضرب موقع إيراني نووي لأنه لا يزال يملك الصلاحيات الدستورية التي تخوّله فعل ذلك خلافاً للقيود التي ينصّ عليها الدستور حول عدم تدخل الجيش في الداخل والخارج في الفترة المتبيقة من ولايته، ويمكن ان تشهد الأيام القليلة الحاليةحماقاتبدوافع متعدّدة وفق ما يُبيّنه مسار الأمور استناداً الى شخصية ترامب النرجسية التي ترفض الخسارة، ورغبته الجامحة للانتقام من إيران التي رفضت تقديم ايّ تنازل برغم قسوة العقوبات وحصارها، وخصوصاً عندما كان بحاجة إلى أيّ تنازل إيراني يستثمره في معركته الرئاسية الأخيرة، فاضطر الى تعجيل التطبيع بينإسرائيلوبين الإمارات العربية والبحرين والمغرب. وهو لا يزال يطمح للترشح للانتخابات في الدورة القادمة 2024، ويعتقد أنّ إمكانية الفوز قد تكون أفضل عندما يضرب إيران لإرضاء القاعدة الإنجيلية المؤيدة لـإسرائيلوالتي انتخبته ومنحته ملايين الأصوات رغم عدم كفاءته الإدارية. وما زالت لديه في الساعات القليلة المقبلة الكثير من الصلاحيات خاصة في المجال العسكري. لذا قد يلجأ الى إلحاق الضرر في الساحات الدولية وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي تختزن الطاقة والمساحات والممرات البحرية الأكثر ضرورة في العالم.

 وكان ترامب غادر واشنطن بعد اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول، وقام بزيارة خاطفة الى تكساس مصطحباً الحقيبة النووية الأخطر حملها عناصر من فريقه العسكري، وهم مسلحون بمسدسات من نوعبيريتاولديهم أوامر بإطلاق النار على أيّ شخص يحاول الاقتراب من الحقيبة (١) بالإضافة الى نقل هوائي صغير مدمج يدلّ على هاتف يعمل بالأقمار الاصطناعية.

 وكانت رئيسة مجلس النواب حذرت من انّ ترامب غير مؤهّل لتولي المسؤولية، وتحدثت الى موظفين كبار بشأن القرارات الاحترازية لمنع ترامب من الوصول الى رموز الإطلاق الخطيرة لهذه الحقيبة.

 وفي واقع الأمر لم تكن محاولة الانقلاب المتمثلة في اقتحام الكونغرس هي الأخيرة في مخطط ترامب في ضوء تقارير تشير الى انّ ترامب ومعاونيه يدرسون بجدية تفاصيل الانقلاب، وانّ صديقه الخارج من السجن بعفو رئاسي وهو الجنرال مايكل فلين، يحاول ان يضع تصوّراً لانقلاب عسكري يقلب نتيجة الانتخابات.

 الا انّ ترامب في الوقت الحالي يبدو في أضعف لحظاته في مسيرته السياسية بعد ان تخلى عنه نائبه الجمهوري مايك بنس والعديد من أعضاء الحزب الجمهوري بعدما لمسوا انّ تأييدهم لترامب قد يجرّ الولايات المتحدة الى حرب أهلية أو فوضى عارمة تدمّر أميركا من الداخل، وتقول صحيفةالغارديانالبريطانية انّ عجلات العدالة تقترب من ترامب ولكن من دون رحمة.

 وفي ضوء ذلك، لا يبدو ترامب النرجسي وهو على بعد أيام قليلة من انتهاء ولايته في وضع يسمح له بارتكاب ايّ حماقة، إلا اننا لا ندري مدى فعالية الصلاحيات التي لا تزال في يده للقيام بأيّ حماقة في ضوء التحركات العسكرية في الخليج وفي الضربات الإسرائيلية في العمق السوري وعلى الحدود العراقية السورية المشتركة وفي التحليق المتواصل على علو منخفض في بيروت والجنوب وكافة المناطق اللبنانية من قبل العدو الصهيوني. وفي الساعات الماضية نصح مستشارون لترامب بخطورة القيام بأيّ ضربة عسكرية لإيران، وعلم انّ الموقع الذي يريد ترامب ضربه هو موقعنطنز، فأجابهم ترامب: “أنا فقط أريد إرباك بايدن وإدارته الجديدة إذا ما أراد العودة الى الاتفاق النووي مع إيران”.

 وفي الأسابيع الأخيرة انكبّت إدارة ترامب على وضع ألغام متعمّدة من شأنها ان تجعل من الصعب على الرئيس بايدن إحياء الاتفاق النووي مع إيران.

 ومع ذلك لا نستبعد بالمطلق حصول ايّ حماقة من رئيس هو أشبه بوحش مجروح، وقد سبق وقلنا في بحث سابق انّ ترامب لن يدع الأمور تمضي الى خير، ولعلّ أبرز ملامح شخصية ترامب وبرنامجه المستقبلي ما جاء في ندائه الى محازبيه بعد فشل غزوة الكابيتول واتفاق الديمقراطيين والجمهوريين على حماية ديمقراطيتهم انه يتعهّد بـالانتقال المنظّم للسلطة في العشرين من كانون الثاني على الرغم من انه لا يتفق مع نتيجة الانتخابات، وأضاف في جملة معبّرة وواضحة جداً: “ما نشهده يمثل نهاية الأحسن في تاريخ الرئاسة (يعني فترة رئاسته منذ العام ٢٠١٦) الا انّ ما حدث مجرد بداية لمعركتنا من أجل إعادة أميركا إلى عظمتها مرة أخرى.

 ونضع عدة خطوط تحت عبارته الأخيرة.

*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي

هامش:

(١): وفقاً لتقارير ديلي ميل البريطانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى