الوطن

لبنان ليس «سويسرا الشرق»
وكفى هرطقات…

} السيد سامي خضرا

عندما انبرى زعيمٌ لبناني منذ فترة للدعوة للتشبُّه بسويسرا رَدَدتُ عليه آنذاك في مقابلةٍ تلفزيونية بأنّ الكلام الإعلامي التسويقي لا ينفعك فإذا كان لديك تفاصيل وحججاً فعليك بإعلانها أمام الجميعوكلنا نعلم أنه ليس لديك شيءٌ منها.

وهذا «الزعيم» بذاته لا يجرؤ اليوم أن يدعو إلى ما دعا إليه بالأمس القريب.. وهذا التشبُّه الدائم ما هو إلا رمادٌ يُذَرُّ في العيون!

وهكذا فإنَّ الحكايا والقصص التي تمادى في حياكتها بعض اللبنانيين الذين انخرطوا في عقيدة فصل لبنان عن محيطه تُرينا ما لا يُحصى من المقالات والكتابات والأساطير «التاريخية» والأغاني والأمثال والمبالغات والمنقولات الشعبية التي تدور حول فكرة تميُّز هذا البلد وتفوّقه عن كلّ محيطه فتخال نفسك أنك تعيش في قارة مترامية الأطراف والفصول والشعوب!

ومن جملة ما قيل إنَّ:

 «لبنان يُمثل الغرب في الشرق»

أو «هو جسر العبور بينهما»

أو هو «سويسرا الشرق» لِما في الوجدان العالمي أنّ سويسرا هي بلد السلام والأمن والمنظمات الدولية والطبيعة الخلابة والعيشة الهانئة والهدوءوهذا الذي يُذكرُ عنها دائماً.

ولكن كاتب هذه السطور وضَّح أكثر من مرة أنّ المُقايسة والمُشابهة غير مُتوازنتين وذلك لجملة تفاصيل لا يمكن ذكرها في مقالةٍ واحدة.

وفي معرض ردِّي على هذا «الزعيم» الذي شبَّه لبنان بسويسرا ذكرتُ آنذاك أنه يا ليتَنا نتشبّه بها:

 من ناحية المنظومة العسكرية والدفاع المدني،

 والتأهّب الدائم للحرب والتدريبات المستمرة والتجنيد الإجباري،

 والقوة العسكرية الرديفة للجيش والمستعدة دائماً بسلاحها في بيوتها،

 وتدريبات الرماية المُتاحة أسبوعياً في حقول خاصة لِمن يريد تحت إشراف السلطة المحلية

 إلى جملة أمورٍ يطول الحديثُ عنها وقد رأيتُها وتابعتُها بنفسي منذ سنين طويلة.

فللذين يُطرَبون دائماً ويُطلقون الشعارات على عواهنها، نعود فنسأل:

أين وجه الشبه بين لبنان وسويسرا فلا هو في النظام ولا في تطبيق القانون ولا في الحرص على البيئة ولا في التنمية الزراعية ولا في الخطط المستمرة لتربية المواشي والحيوانات الأليفة ولا في الإنتماء إلى بلدٍ يجمع ولا يُفَرّق كلّ يوم في مناصبه وتعييناته ومواقعه ومناصبه وصفقاته بين جهةٍ ومجموعةٍ وعشيرةٍ وطائفةٍ ودينٍ ومذهبٍ وزعيم؟!

أين وجه الشبه من ناحية الإلتزام بالقوانين المرعية تجاه المواطنين الذين ينتخبون بكلّ حرية من دون التقيّد بقضاء أو محافظة ولا يضعون كما هي حالتنا في كلّ انتخابات نظاماً جديداً مُفصَّلاً على قياسٍ مُعيَّن يُستعمل لمرة واحدة فقط؟!

فمشكلة هؤلاء أنهم يُعَنْوِنون عنواناً ويُقْنعون أنفسهم أنهم يَتَلبَّسونه أو يتَلبَّسهم.

وإنْ كانت الكذبة كبيرة إلاَّ أنهم يُصدّقونها ويُصفقون لأنفسهم ويُقنِعونها بأنهم أصبحوا في لبنانهم في غاية الحضارة والأمن بينما مَنْ حولهم مَرتعُ الشياطين والأبالسة!

وهذه الكذبة وإنْ لم تُقنع أحداً في العالم إلاَّ أنها تبقى تفتكُ في كهربائهم ومائهم وبيئتهم وشواطئهم ومدارسهم ومشاريعهم وصفقاتهم وعَصبياتهمثم يَنسبون أنفسهم إلى «سويسرا» التي لا يُشبهونها بشيء، بل هم أول مَن يُعرقل السعي لها!

فيا أيها اللبنانيون

أنتم لا تُشبهون «سويسرا» بِشيء ولا تُشبهون بلداً يحترم نظاماً أو يعتمد دستوراً أو له انتماء صريحٌ وحقيقي.. وكلّ من يقول لكم خِلاف ذلك يغشكم لمزيدٍ من الهيمنة عليكم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى