أولى

الطائرات الإسرائيلية والردع المقاوم

بعد جولة أسابيع متتالية من استخدام مكثف للطائرات الحربية لجيش الاحتلال الأجواء اللبنانية لقصف العمق السوري طيلة فترة ما بعد انتخاب الرئيس الأميركي حتى دخوله إلى البيت الأبيض، انتقل جيش الاحتلال إلى استخدام مكثف لطائراته المسيَّرة بأنواعها المختلفة العادية والمتطوّرة لانتهاك الأجواء اللبنانية على علو منخفض.

في الفترة الأولى كان جيش الاحتلال ينفذ ضمن أعماله العدوانيّة توجيهاً سياسياً بإظهار الجهوزية للشراكة في عمل عسكريّ كبير يقلب الطاولة في المنطقة إذا استطاعت إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب ترتيب أوراقها لفرضه كخيار هادف لفرض حقائق جديدة تستبق تسلم الرئيس الأميركي المنتخب.

بعدما أخفقت إدارة ترامب في لعب ورقة العمل العسكري الهادف لجر المنطقة الى مواجهة كبرى تجد الإدارة الأميركية الجديدة أنها متورّطة فيها ولا تملك غير المضي في خوضها، وتسلم الرئيس الجديد مهامه وتبلور سياساته الجديدة على قاعدة الاعتراف بلا جدوى اللعب بأوراق القوة والحاجة لتهدئة تنتج تفاهمات وقواعد اشتباك جديدة تشكل العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران نقطته المحورية تغيرت تكتيكات كيان الاحتلال وجيشه نحو فرض قواعد اشتباك جديدة يشكل تكريس هيمنتها على الأجواء اللبنانية جوهرها عبر ضخّ حركة مكثفة للمسيرات في الأجواء اللبنانية تفادياً لأي حركة برية تدرك ان الردّ المقاوم عليها سيكون جاهزاً ويحملها مسؤولية التصعيد وفقاً لقواعد الاشتباك المعمول بها، وسعياً الى تحويل نقطة الأجواء الى خاصرة رخوة لم تلحظها قواعد الاشتباك السابقة، ورهاناً على تفادي المقاومة الدخول في ردود تؤدي الى التصعيد انطلاقاً من الوهم الإسرائيلي الدائم بخضوع عمل المقاومة لمقتضيات ما تعتقده قيادة الاحتلال من موجبات التفاوض غير المباشر بين واشنطن وطهران.

سبق ووقعت قيادة الاحتلال في هذا الوهم عندما شنت في مطلع عام 2015 غارات في القنيطرة جنوب سورية واستهدفت مجموعات للمقاومة، استشهد بنتيجتها الشهيد جهاد مغنيّة، في ذروة التفاوض الإيراني مع مجموعة 5+1، وتوقعت قيادة الكيان إحجام المقاومة عن الرد، وكانت المفاجأة برد موجع ونوعي في مزارع شبعا، واليوم تظهر المقاومة بالتتابع أنها تدرك أهداف الخطة الإسرائيلية وتتعامل معها بجهوزية وكفاءة عاليتين وحسم وحزم لا يتركان مجال الاجتهاد، فخلال يومين أسقط المقاومون طائرتين من نوعين مختلفين وفي موقعين مختلفين ومهمتين مختلفتين، والرسالة واضحة، لا ترفعوا وتيرة العبث فترتفع وتيرة خسائركم.

بيان جيش الاحتلال عن العزم على مواصلة العمليات المشابهة على المحكّ بعد إسقاط الطائرة النوعية أمس في منطقة بعيدة عن الحدود، ومثله الحديث عن التفكير بالردّ على إسقاط الطائرة، يشكلان امتحاناً لقدرة جيش الاحتلال على تحمل تبعات لعبة خطرة لن تتهاون المقاومة مع تكريس قواعد الردع في مواجهتها، وكل يوم طائرة، بوركت أيدي المقاومين حماة السيادة الحقيقيين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى