الوطن

تعقيدات تشكيل الحكومة اللبنانية…!

} نادر حسّان صفا

تعدّدت الأسباب والمعرقل واحد وكلمة السر هي الثلث المعطل. هذا الثلث الذي من شأنه وفق القانون والمادة الخامسة والستين من الدستور اللبناني أن يعطل جلسات مجلس الوزراء. اليوم ليس هناك من منتصر في الكباش السياسي، فبين بعبدا وبيت الوسط ساحة صراع مكتظة بالكيديات وكلّ طرف يضغط على الآخر بطريقته الخاصة محاولاً شدّ الغطاء الى ناحيته.

لا يرغب الرئيس ميشال عون بتشكيل حكومة قبل ان يضمن سيطرته الكاملة عليها، فهذه الحكومة لن تكون شبيهة بالتي سبقتها ويرى أنها قد تستمر إلى نهاية عهده. هذا ما يدفعه للتمسك بشروطه كي يضمن لحزبه الوجود الكامل في حال وصل الأمر الى فراغ دستوري. ولكن من الصعب ان يحدث مثل هذا الأمر اليوم اذ انّ كلّ الصلاحيات المطلقة والهيمنة على اركان الدولة هي خرق لاتفاق الطائف وعرقلة للمساعي الهادفة إلى إيجاد الحلول.

في المقابل يقوم الرئيس المكلف سعد الحريري بمبادرات عديدة منذ التكليف، فقد التقى الرئيس عون أكثر من خمس عشرة مرة في بعبدا. لم ينجم عن هذه اللقاءات ايّ نتيجة ايجابية الى ان ظهر الخلاف على اسس التشكيل الى العلن، مما دفع الرئيس الحريري الى التمسك بتشكيلة حكومية من ثمانية عشر وزيراً مستقلين.

وكعادته يقوم الرئيس نبيه بري بالمبادرات السياسية لفكّ عقدة التشكيل والوصول الى اتفاق جدي بين جميع الأطراف السياسية. فهو لم يأل جهداً للتوصل الى حكومة تأخذ الثقة داخلياً من قبل الشعب اللبناني وخارجياً من المجتمع الدولي لوقف حالة التدهور وحلّ الأزمة الاقتصادية والمالية التي يتخبّط بها لبنان، والتي تطال كلّ اللبنانيين على حدّ سواء.

ليس متوقعاً من حكومة تتشكل بصراع وتشابك بين الأطراف السياسية ان تثمر أو أن تأتي بأية حلول، كما انه ليس بالأمر السهل ان تكسب حكومة كهذه رضى المجتمع الدولي. فالبعض اليوم يعوّل على دور الإدارة الأميركية الجديدة في ترتيب الوضع السائد في لبنان الى جانب اعتماده على الدور الذي يلعبه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يسعى بكلّ جهده لاستمرارية مبادرته في لبنان، الأمر الذي يضمن وجوده في الساحة اللبنانية.

من المؤسف ان يبقى الشعب اللبناني كبش محرقة في وطن يتأرجح بين كيديات سياسية تحمي وتحفظ بعض أصحاب السلطة. فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في التشكيل بل في ما بعد التشكيل وفي الخطط التي يجب تنفيذها للحدّ من التدهور الاقتصادي والمالي الذي أفقد الشعب اللبناني أبسط حقوقه، حق العيش بكرامة.

انّ التاريخ يعيد نفسهفاليوم، وكما في كلّ أزمة، يتصارع اللبنانيون على تشكيل حكومة عوضاً أن يتوحّدوا للقضاء على المشكلة الحقيقية في الوطن: الطائفية والمذهبية. هاتان الكلمتان رافقتا لبنان شكلاً ومضموناً منذ اتفاق الطائف حتى الآن.

إنّ لبنان اليوم بحاجة ماسّة لتنازلات من جميع الأطراف السياسية كي يعود سيداً حراً مستقلاً رافضاً لأيّ تدخل خارجي يمكن ان يفرّق بين اللبنانيين، وهو أيضاً بأمسّ الحاجة لاسترجاع هويته الحقيقية ذات البصمة اللبنانية الجامعة لكلّ الأطياف تحت لواء الوحدة الوطنية ولبنان أولاً ولبنان قبل ايّ أحد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى